تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


شباب على الحدود...سياج منيع يدافع عن سيادة الوطن

شباب
2012/5/14
غانم محمد

أينما كنتَ فأنتَ ابن هذا الوطن المنيع العزيز، وأنى كنتَ فأنتَ الذي تُعقد عليه الآمال في بناء الغد الزاهر لسورية.

.‏

إن كنتَ في دمشق، فبردى يهديكَ السلام، ونقاء تدفّقه أمانة في عنقك..‏

إن كنتَ في حلب، فسيف الدولة يقرئك السلام وأبو فراس يعدد سجايا المجد فيكَ..‏

إن كنتَ في دير الزور فلا تخشَ اهتزاز الجسر المعلّق تحتك، وإن كنتَ في الرقة فكن الروح التي تلوي قلب العجاج فتحيله نسيماً هادئاً يمد جناحيه إلى الحسكة وسهول الجزيرة المعطاءة، وإن كنتَ في حمص فسيف الله المسلول يستنهض فيك الزمن الأنصع، وإن كنتَ أو مررت مع عاصي حماة بقرب النواعير فلابد وأن يأخذك المشوار إلى خضرة إدلب بمعريّها وبشيخ ثوارها الهنانو، ومن هناك عرّج على لاذقية العرب واحمل ما تيسّر لك من أبجدية أوغاريت فتخرج طرطوس بكروم زيتونها وليمونها لتحمّل نوارسها حكاية حبّها ولؤلؤ رملها فتصدح في حوران وجبل العرب أجمل الألحان..‏

لا أحد يتوه عن جمال الخارطة السورية الموشاة بعزة السوريين وكبريائهم ولكن ثمّة خطوط نضطر لوضعها على الخارطة السياسية ونضطر أيضاً للتعامل بخصوصية معها لأن البعض أرادها معبراً للشرّ ولكن هيهات يكون لهم ذلك..‏

سبق أن عرّفنا بالمناطق الحدودية في محافظة طرطوس وتحدثنا عن التركيبة الديموغرافية لقرى الشريط الحدودي في سهل عكار وخصوصية هذه المنطقة واليوم نعود إليها وهي التي شهدت أكثر من محاولة تسلل دنيئة إلى العمق السوري لضرب استقراره وأمانه.‏

هل وعى شباب هذه المناطق لحساسية موقع قراهم جغرافياً ولأهمية الدور الذي يجب أن يضطلعوا به؟‏

هي رحلة إلى هذه المناطق نقف من خلالها على الآراء ونبني على مفرداتها الاستنتاجات من خلال شباب هذه المناطق...‏

لم يأخذ الحديث ذلك الطابع الرسمي المتبع في اللقاءات الصحفية حتى لا يأتي الكلام مصطنعاً بعض الشيء، ولم يكن القصد منه النشر على الإطلاق وإنما الاقتراب من التفكير والتبدلات التي طرأت على التفكير خلال الفترة الماضية، ولأننا اتجهنا بهذه الخصوصية وبتلك المعايير فقد آثرنا ألا نأتي على ذكر الأسماء ولا نعرض لحرفية الكلام الذي دار وإنما نقرأ ونستنتج وننقل لكم بعض التغيرات الحاصلة فعلاً..‏

صناعة التهريب!‏

لن نضع أصابعنا بأعيننا / وعذراً لأنني أكرر هذا القول دائماً/، والعاقل هو الذي يرى بأكثر من عين، ولأنني أعيش في منطقة حدودية يحقّ لي الدخول في بعض تفاصيل حياة هذه المناطق..‏

كنتَ، وأنتَ تحاول إقناع شاب في مقتبل العمر بأهمية الدراسة تصطدم ببعض الردود كأن يردّ عليك أحدهم بالقول: « حمل تهريب يربحني كل ما سأقبضه بالوظيفة مدى حياتي»!‏

التهريب حقيقة واقعة في المناطق الحدودية وتجري عملية التهريب بالاتجاهين، وعلى الرغم من تراجع عمليات التهريب في السنوات القليلة الأخيرة إلا أنها بقيت موجودة وكان اللافت في السنوات الأخيرة كثرة التهريب من سورية إلى لبنان وأعتقد أن هذا النوع من التهريب أخطر من التهريب في الاتجاه المعاكس (أي من لبنان إلى سورية) لأنه أصاب أساسيات الحياة في سورية كالمازوت والخبز والأدوية وبنسب مختلفة بين هذه المواد..‏

الموضوع اختلف كثيراً منذ سنة وأكثر وإن بقي التهريب قائماً، فقد راجع الكثيرون أنفسهم ووجدوا أنهم كانوا على خطأ وأن من كان يستفيد من الدواء السوري المهرّب إلى لبنان على سبيل المثال ردّ لنا الهدية إرهاباً وأسلحة، وأن من حقق أرباحاً كثيرة من تهريب المازوت هو نفسه الذي موّل البعض في لبنان بطريقة غير مباشرة ليعود هذا المازوت ناراً حاولوا إيقادها في قلوبنا وبيوتنا..‏

قال بعضهم: كنّا نخبر المهرّبين عن أماكن وجود الدوريات من أجل تجنّب الوقوع في قبضتها أما الآن فنخبر الدوريات عن الطرق التي يسلكها هؤلاء المهربون لأن الوطن فوق كل اعتبار وخيرات بلدنا ملك أولادنا ولن نسمح لأحد العبث بها.‏

وقال البعض الآخر: لم يكن يعنينا كثيراً ما يجري حولنا، السيارات تأتي وتروح وكأن شيئاً لا يحدث حولنا، أما الآن فقد صرنا نتحقق من وجهة كل سيارة وماذا تحمّل عندما تمر في قرانا والسيارة التي نشكّ بها نخبر الجهات المختصة عنها..‏

هذا التغيّر أصبح ملموساً في قناعات الكثيرين، ونحن هنا لا نتحدث عن حالات فردية وإنما عن نبض عام بدأ يتحوّل في هذه المناطق نما من خلال الإحساس المتزايد بما يحاك ضدّ سورية وضعف هذا الإحساس سابقاً مردّه إلى خصوصية الوجود في هذه المناطق واستسهال التهريب وما يحققه من أرباح سريعة متزامناً مع ضعف مردود الزراعة والمعاناة الكبيرة التي يعاني منها الفلاحون الأمر الذي دفع قسماً منهم إلى اختصار معاناتهم بحلول ليست صحيحة لكنها وفرت لهم الكثير من الأموال..‏

استطراداً لهذه المسألة، ومع زيادة الاهتمام بواقع الزراعة في سهل عكار كوجود مشروع ري سد الباسل وزيارة وزيري الزراعة والري إلى هذا السهل أكثر من مرة والسياسات الزراعية بشكل عام والتي بدأت تلتفت لمعاناة الفلاحين عادت ثقة المزارع بأرضه، والتشديد بموضوع مكافحة التسرب من المدارس زاد عدد المواظبين على مقاعد الدراسة، وكلما استمر طالب في المدرسة كلما نقص عدد المهربين شخص وكلما تفككت مقومات « ثقافة التهريب» وهذا ما تحرص عليه الدولة عبر مؤسساتها المختلفة وهو ما يجب أن يُعزز باستمرار..‏

الوطن في القلوب‏

هذه المناطق كغيرها من كل بقاع وطننا الحبيب سورية ساهمت بدفع جزء من فاتورة السيادة الوطنية واختلط دم أبنائها بدم السوريين الأحرار المدافعين عن سيادة القرار الوطني وعن الحالة المثالية التي فُطرت عليها سورية، والأحداث التي مرت على سورية لم تزدهم إلا إيماناً بسورية وبحتمية انتصارها على هذه المؤامرة الكونية التي بدأت تتلاشى أمام صمودهم..‏

الكلّ يجمع على أن سورية خطّ أحمر، وأن العبث بأمنها وأمانها من المحرمات وأي خسارة شخصية ليست خسارة إذا كان المقابل هو المساهمة في حماية سورية..‏

لا نبالغ، ولم تعد هذه المسألة بحاجة لأدلة وإثباتات، وسورية التي عرفت كيف تربّي أبناءها على الحبّ والصفاء هي اليوم في مقل جميع أبنائها وهو ما يغيظ الأعداء ويجعلهم يزيدون حقدهم وإجرامهم.‏

يتحدث أبناء هذه المناطق عن محاولات تسلل إلى الداخل السوري من قراهم وعن العين الساهرة التي أحبطت هذه المحاولة ويدركون أن عليهم مساعدة الجهات المختصة في هذا الصدد وهو ما عاهدوا الله والوطن عليه وإن كانت هناك بعض الاستثناءات فإنه لا يوجد أي شيء بالمطلق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية