|
مهرجان القاهرة الحادي عشر للإذعة والتلفزيون... حتى لا يتحول إلى معرض تسويقي فحسب : الأولوية للجودة وإعادة النظر في بنية التحكيم وآلياته مراسلون وتحقيقات مأمون البني :ينبغي ألا يتحول المهرجان إلى وظيفة روتينية تحدث كل عام.. فراس إبراهيم :نعمل لإعادة تفعيل مهرجان دمشق للإذاعة والتلفزيون...
جمال سليمان :تقييم المهرجان لإنتاج المبدعين العرب غير موضوعي...
خالد تاجا : حاولوا رشوتي بالجائزة الذهبية
عبر نظرة سريعة إلى ما حصدته مصر وحدها من الجوائز نجد أنها حصدت 73 جائزة من أصل 148 جائزة أي أنها حصدت 49,4% تقريباً من الجوائز علماً أن مجمل عدد الأعمال التلفزيونية والإذاعية المشاركة بلغ 801 عمل وبناءً على ذلك فإن كثيرين وصفوا المهرجان بأنه (مهرجان مصري بمشاركة عربية) خاصة أن لجان التحكيم اكتفت في تقييمها لمسلسل مؤلف من ثلاثين حلقة برؤية ثلاث أو أربع حلقات منه على أبعد تقدير لتخرج بالنتيجة الحاسمة التي تقيّم العمل وترى إن كان يستحق منحه الجائزة أو حجبها عنه !.. ولدى معرفة أن مصر تشارك بأعلى نسبة من الأعمال وأن مشاركة المحكمين العرب في لجان التحكيم تبدو شبه رمزية .. يبرز سؤال : هل تحول المهرجان من اعتماد الإبداع حكماً لاعتماد نسبية المشاركة ? هل تفوق المصريون الكمي في الإنتاج يبرر حصدهم للجوائز الهامة بغض النظر عن سوية الأعمال?.. وبعد هل يمكن استغراب انسحاب الوفد السوري من المهرجان?.. ألا يترجم ذلك كله آلية عمل متكاملة تعتبر المعيار (الدقيق!!) في تقييم الأعمال? .. لدى العودة قليلاً نحو الوراء نجد أن ما حدث اليوم كان يحدث بصيغة أو بأخرى في السابق فعلى سبيل المثال قاطعت عدة شركات سورية الدورة السابعة من المهرجان والأمر نفسه فعلته حينها بعض المحطات العربية (أبو ظبي , الجزيرة ..) ولكن كالعادة (دق الماء ويبقى ماء) فلم يتغير شيء من آلية عمل المهرجان وهيكلية لجانه التحكيمية . والسؤال الأكثر إلحاحاً ما الذي دفع الفنانين السوريين والشركات الإنتاجية السورية الخاصة للانسحاب بشكل كامل هذه المرة ? هل ما حدث فاق قدرة الاحتمال ?.. ولإلقاء المزيد من الأضواء الكاشفة عما جرى في الدورة الحادية عشرة من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون والأسباب التي أدت إلى الانسحاب منه كانت لنا الوقفات التالية مع عدد من المنتجين والفنانين وأعضاء لجان التحكيم وممثلين عن لجنة صناعة السينما والتلفزيون ممن كانوا ضمن الوفد السوري . مجرد كومبارس يقول الأستاذ اكرم الجندي صاحب شركة عرب ومحطة شام الفضائية إن كلمة محكم تعني الحياد والسؤال كيف تلجأ إلى لجان تحكيم يكون فيها الخصم والحكم هو واحد ? فاللجان المشكلة فيها تسعة من مصر واثنان من العرب وبالطبع لا تمثل سورية في كل اللجان فهناك عدد محدود (من عشرة إلى اثني عشر عضواً من سورية) علماً أنه كان هناك ستة أعضاء فقط من سورية واستطعنا من خلال لجنة صناعة السينما والتلفزيون أن نضيف ستة محكمين من الشركات الأهلية في سورية , ولكن هذا كله لا يشكل شيئاً عندما يعرض الأمر للتصويت وبالطبع عندما يكون في اللجنة أكثرية معينة فهذا يعني أن النتيجة محددة سلفاً . وحول القشة التي جعلت الشركات السورية تعلن هذا العام انسحابها , قال : تحول الوفد السوري إلى مجرد كومبارس في المهرجان يصفق ويسجل حضوراً علماً أن المهرجان قائم على الوفد السوري ولكن نفاجأ بمحاربة واضحة في لجان التحكيم مع احترامي الشديد لكل من شارك فيها, ولكن كان لا بد من وقفة مع الذات وأن نسأل إلى متى ?.. فأخذنا القرار وأرى أنه قرار صائب ليفهم الجميع أن الإبداع هو خارج إطار المساومات. منذ البداية كان هناك تخوف من المشاركة السورية في المسابقة ولا أدري ما المبرر لهذا التخوف فالإبداع هو إبداع أينما كان . ولكن استطاعت الدراما السورية رغم كل المصاعب التي كانت تصادفها في المسابقات أن تحصد الجوائز إن كان بالإذاعة أو التلفزيون وكانت جوائز مهمة جداً ولكن نظراً لأن الوفد السوري يشكل دائماً نصف المهرجان أو أكثر إن كان في السوق أو في المسابقة يكون هناك دائماً غبن للأعمال السورية ونلاحظ ذلك بشكل أكبر في الدراما الاجتماعية والمسلسلات بأنواعها , وأرى أن هناك مبرراً أساسياً لدى الأشقاء في مصر وهو الخوف من الدراما السورية هذا الأمر أدى إلى عدم بث المسلسلات السورية ما عدا أفلام دريد لحام مع مسلسل سوري , واستطاعت (عرب) اختراق السوق المصري من خلال القنوات الخاصة واستطاعت أن تذيع العديد من الأعمال السورية في محطتي (دريم , المحور) ولكن التلفزيون المصري ظل مقفلاً أمام الأعمال السورية والعربية كافة رغم أنه يبث الأعمال الإنكليزية والإسبانية والإيطالية والفرنسية وحتى اليابانية .. هناك أعمال سورية مهمة جداً ومنافسة وبالتالي هو يخشى من المقارنة بين الأعمال السورية ذات الرسالة والمضمون والتي دائماً فيها جديد يقال وبين المسلسلات المصرية التي تتكرر موضوعاتها مع اختلاف الوجوه . فتسويق العمل السوري يبدأ من النص لأنه هو البطل ومن ثم نبين أهمية المشاركين والنجوم .. فعناصر الإنتاج متكاملة في العمل السوري وهنا يكمن الفرق فعندما يسوق العمل المصري يسوق على أساس أنه عمل ليسرا أو لليلى علوي وبالتالي هم يسوقون نجماً أما نحن فنسوق فكراً وإبداعاً . مشكلة تتفاقم المخرج مأمون البني نائب رئيس لجنة صناعة السينما والتلفزيون رأى أن المشكلة ليست بحديثة إنما تعود في جذورها إلى أعوام ماضية , يقول : بدأت المشكلات منذ عام 1997 حول نسبة تمثيل أعضاء لجان التحكيم المصريين ضمن لجان الدراما, واقترحنا أن تكون النسبة مناصفة (نصف مصري ونصف عربي) وهذا بحد ذاته تنازل. عموماً المسألة لا تتعلق بجائزة وإنما بتنافس الأعمال العربية ليعرف كل أين أصاب وأين أخطأ وهذا يتطلب أن يكون اختيار أعضاء لجنة التحكيم من الخبراء في المهنة ذاتها وألا يأتوا بأساتذة جامعة فهناك دكتور بالإعلام لكنه لا يعرف تقنية الإخراج , إنهم يعرفونها بشكل نظري وليس عملياً فاقترحنا أن يختاروا أعضاء لجان التحكيم من خلال الخبرات الموجودة فأعضاء لجان التحكيم الذين نبعث بهم للمهرجان هم خبراء لكنهم في مصر يأتون بأساتذة جامعة وتكون نسبتهم 60% من المصريين وهذا يشكل مشكلة تتفاقم . وأضاف البني إن الجوائز تخضع لمبدأ المراضاة بغض النظر عن الجودة , وقال : ينبغي أن يكون التنافس صحيحاً وحقيقياً ليرى كل منا أين هي مشكلات عمله ولايتحول المهرجان إلى وظيفة روتينية تحدث كل عام . الشعور بالغبن الفنان والمنتج فراس إبراهيم أمين سر لجنة صناعة السينما والتلفزيون شدد على ألا يكون هذا الانسحاب في سبيل جائزة وإنما موقفاً لتصحيح آلية عمل لجان التحكيم وإيجاد هيكلية مقنعة خاصة أن المهرجان سمته عربي , فقال : أعتقد أن الإحداثيات المتعلقة بمهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون لم تتغير منذ سنوات وكان من المفترض أن نربط الموافقة على اشتراكنا في المهرجان مسبقاً بتغيير آليات العمل فيما يخص عدد المحكمين العرب في لجان التحكيم وكيفية التعامل مع الوفود العربية عموماً والوفد السوري وهو الأكبر على وجه الخصوص بدءاً من تحديد أماكن جلوسهم في حفل الافتتاح إلى التعامل اليومي معهم إلى التغطية الإعلامية للنجوم والمكرمين .. وما حدث هو أننا ذهبنا إلى القاهرة وتفاجأنا بتلك الآليات وكأننا نتعامل معها للمرة الأولى وليس للمرة الحادية عشرة , وبالنسبة إلي شخصياً كنت عضو لجنة التحكيم الخاصة في المهرجان (لا للإرهاب) وكانت لجنة على أعلى المستويات الفكرية والأدبية وكان احترامهم لي ملفتاً للنظر ولم أشهد تحيزاً في هذه اللجنة على الأقل لأي عمل من الأعمال أو دولة من الدول علماً أنني لم أشارك بمسلسلي (أهل المدينة) لأنه كان علي الاختيار بين المشاركة في لجان التحكيم وبين الاشتراك بمسلسلي فاخترت التحكيم , لكنني أعتقد أن أكثر اللجان خطورة وحساسية هي لجان الأعمال التاريخية والاجتماعية والتي شعرنا نحن السوريين (ومعنا حق) بالغبن تجاه أعمالنا وهي عالية المستوى حقيقة .. وعندما علمت بقرار الانسحاب قلت رأيي بصراحة , إياكم أن تنسحبوا من أجل ذهبية أو فضية زيادة أو نقصان .. الانسحاب ينبغي أن يتم بهدف تغيير آلية عمل المهرجان المتآكلة وإلا سنعود عن قرار الانسحاب بمجرد التلويح لنا بإحدى الذهبيات وهذه مهزلة . وعموماً أرى أن قرار مشاركتنا في مهرجان القاهرة ينبغي إعادة النظر فيه وعلينا أن نعمل جدياً على إعادة تفعيل فكرة إقامة مهرجان دمشق للإذاعة والتلفزيون الذي باشرنا بالفعل التحضير له منذ عدة أشهر كلجنة صناعة السينما بالتعاون مع التلفزيون السوري ومؤسسة الإعلان . وتم تأجيله لأسباب خارجة عن إرادتنا , وأن نعتبر ذلك المهرجان كأفضل تعبير عن موقفنا ووجهة نظرنا في كيفية إعداد المهرجانات الفنية . رفض الذهبية على الرغم من حصول كل من الفنانين جمال سليمان وخالد تاجا على الذهبية إلا أنهما رفضا استلامها إذ رأى الفنان جمال سليمان أن (تقييم المهرجان لإنتاج المبدعين العرب كان غير موضوعي) بينما أوضح الفنان خالد تاجا أنه كان من المنطقي رفض الجوائز , يقول : (حاولوا أن يرشوني أنا والفنان جمال سليمان بالجوائز الذهبية كأحسن تمثيل لكننا اتبعنا موقف الرفض للجان التحكيم وثابرنا على موقفنا الرافض لاستلام الجوائز) . يقول الفنان جمال سليمان : (ما حصل في هذه الدورة من المهرجان يحصل عادة في كل الدورات والأمر يتفاقم من عام لآخر فهناك نوع من المحاصصة والتحيز في توزيع الجوائز فيقال نسبة كذا من الجوائز لمصر ونسبة كذا منها لسورية وهكذا .. وأعتقد أن هذا التقييم غير إبداعي فالمهرجان عربي وبالتالي ينبغي أن يُمثل هذا الأمر في لجنة التحكيم أقترح بما أن مصر هي الدولة المضيفة أن يكون في كل لجنة أربعة من المصريين وستة أعضاء من كل أنحاء الوطن العربي, وليكن التقييم بناءً على السوية الحقيقية للأعمال وليس بناءً على العلاقات الشخصية والاجتهاد والنشاط في أروقة المهرجان فما يحدد حصولك أو عدم حصولك على الجائزة إبداعك أثناء تصوير العمل وليس أثناء التحضير لتوزيع الجوائز في المهرجان لا يجوز أن يكون تقييم مسلسل مهم وبذل الكثير من الجهد لإنجازه من خلال ثلاث حلقات في الوقت الذي فيه المصريون سبق لهم وشاهدوا العمل المصري من ألفه إلى يائه باعتبار لأنهم مصريون وهو عمل مصري فرأوه على الشاشات ) . منحوا الجائزة لعمل رديء ويرى الفنان خالد تاجا أنه كان الأجدى القول إنه مهرجان مصري , يقول : ( كان ينبغي القول إنه مهرجان للأعمال المصرية, فكنا في هذه الحالة نذهب ونشاركهم ونصفق لهم ونشجعهم ونتمنى لهم التوفيق والتقدم أما أن يسمى المهرجان مهرجاناً عربياً ويصادر بالكامل لمصلحة أعمال الشركات المصرية فهذا شيء خطير , قدمت سورية من ضمن الأعمال الهامة التي قدمتها مسلسل (التغريبة الفلسطينية) الذي كان حدثاً درامياً هاماً ليس لأنه يحمل هماً ويطرح فكراً قومياً وطنياً فقط وإنما لأنه عمل مصنوع جيداً ناضج درامياً وفيه ممثلون هامون أثبتوا وجودهم على مدى مساحة الوطن العربي وأصبح لهم مدرسة في الأداء وكان الإخراج جيداً جداً وكان العمل قريباً من الوثيقة ولقي ضجة إعلامية في كل الوطن العربي وتم استقباله بشكل جيد, ولكن في المهرجان الذي كان القسم الأكبر من لجان تحكيمه مصريين قرروا أن يتقاسموا الجوائز الذهبية بغض النظر عن جودة ومستوى الأعمال المقدمة, وأصر إخوتنا المصريون أن يعطوا الجائزة الأولى لعمل رديء فنياً وفكرياً (الطارق) ويحجبوها عن (التغريبة الفلسطينية) , ولكن الرجل الضرير يرى أن هناك فارقاً كبيراً بالمستويين الفني والثقافي بين العملين . فالمهرجان يسعى لحث الفنانين على المنافسة وتبادل الثقافات والخبرة ولكن مع الأسف أرى أن الدراما في مصر سوف تتردى أكثر فأكثر لأنه عمي بصرهم وبصيرتهم عن الواقع) . تهميش العمل السوري الوقفة الأخيرة كانت مع الكاتب والباحث عمار ألكسان الذي اشترك في واحدة من ندوات المهرجان وكانت بعنوان (الإعلام والإعلان) لكنه هو الآخر لم يسلم فقد أصابه ما أصاب غيره وفيما يلي يتحدث عن مجريات الندوة : تم في اللحظة الأخيرة ودون إعلامي تغيير المحور الذي يفترض أن أتحدث فيه عبر الندوة وهو (الفروق بين الإعلام والإعلان) وأعطي لمشارك آخر دون استشارتي علماً أننا اتفقنا قبل شهر أن أحضر هذا المحور , الأمر الذي اضطرني للحديث بشكل ارتجالي بالمحور الذي أقروه لي في اللحظة الأخيرة , كما كان من المفترض وفقاً لترتيبهم أن أكون ثاني المتكلمين في الندوة لكن تم تأجيلي لأصبح آخر المتكلمين . وغيروا لي مكان جلوسي لأصبح الأخير في ترتيب الجلوس واكتشفت فيما بعد أن معظم الصور الخاصة بالندوة كانوا يقصون صورتي منها وبالنسبة لمكان الجلوس والصور فالأمر نفسه حدث مع عماد نداف الذي شارك في ندوة (الإعلام والإرهاب) . وأرى أنه بات من الواضح أن هناك محاولة لأن يحققوا حماية اقتصادية محضة لإنتاجهم الدرامي بالتنافس مع الإنتاج السوري وبالتالي لديهم رغبة في تهميش العمل السوري وأن نحصل على أقل قدر من الجوائز وأقل قدر من التقدير .. إنها محاولة للإقلال من شأن الدور السوري في سوق الإنتاج الدرامي .. لقد عاملونا بما لا نستحق .
|