بإعادة النظر في طبيعة العلاقة التي تربطهم مع الولايات المتحدة الأميركية واعتمادهم عليها متطلعين نحو الشرق طلبا للعون والمساعده من آسيا.
فقد أخبرت وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس الشعب المصري بأن خطه واشنطن في سعيها المتواصل من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة على مدى 60 عاما ومضت على حساب الديمقراطية قد أثبتت فشلها وقد أخبر أحد الدبلوماسيين المصريين أحد المستمعين في سنغافورة بأن كثرة المبادرات السلمية التي تمت سواء تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية أو تحت الرعاية الأوروبية قد تركت المنطقة في حالة من الارتباك وأن محاولة شراء الديمقراطية بمساعدة التطوير والتنمية عبارة عن صفقة غير أخلاقية وتستحق الازدراء وقد ألقى السيد محمد شعبان الذي يشغل منصب مستشار في وزارة الخارجية المصرية كلمته التي افتتح بها الاجتماع الذي ضم آسيا ودول الشرق الأوسط الذي عقد بناء على طلب سنغافورة وقد ضم هذا الاجتماع شخصيات رسمية قامت بتمثيل 21 دولة آسيوية و 18 شخصية رسمية مثلت 18 دولة شرق أوسطه من أجل مناقشة كل القضايا الاقتصادية- الاجتماعية- والسياسية المشتركة إذ إن مابدا كتدريب حميد في عملية التبادل الحضاري قد فرض نغمة توافقية أو معنى إضافيا سياسيا شديد الأهمية والدليل على ذلك الرحلة التي قام بها أحد وزراء سنغافورة والذي شغل منصب رئيس مجلس وزراء سابقا السيد كوشوك ثونغ إلى منطقة الشرق الأوسط قبيل إنعقاد الاجتماع بوقت قصير من أجل مقابلة رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون ولمقابلة رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس وجها لوجه, وقد صرح السيد ثوتغ في حديث صريح معه بالتالي (بينما تعثرت العلاقات التاريخية ما بين دول الشرق الأوسط والدول الغربية وشابتها العديد من الشوائب لم يكن هنالك أي حواجز ايديولوجية- دينية- حضارية أو حتى تاريخية قد تمنع أو تعيق عملية تطوير العلاقات ما بين اسيا والشرق الأوسط). وهكذا فإن معظم من ينادي ويطالب بالديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط أبدوا ارتياحهم الشديد لهذه العلاقة ووجدوا ملاذا لهم في السلطات الآسيوية المتساهلة وغير المتشددة, ويعتقد السيد شعبان أن الوصول إلى الديمقراطية يجب أن يتم بواسطة النمو والتطور الطبيعي والتدريجي وليس عبر الثورة تماما كما حدث في آسيا ومما لا شك فيه أن عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط في أمس الحاجة إلى جرعات من الآراء والاعتقادات الجديدة, و السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يمكن الحصول على مثل تلك الجرعات عن طريق آسيا?.. لمالا..? إذ يعتقد السيد شعبان بأنه قد آن الأوان للتوجه نحو الشرق من أجل إيجاد حل ما لعملية السلام ويرى بأن آسيا مؤهلة من أجل أن تقوم بمثل هذا الدور ويضيف بأن لآسيا والشرق الأوسط تجارب متشابهه مع الغرب ذي النظرة الاستعمارية ما يجعل دول الشرق الأوسط أكثر قربا إلى آسيا من أوروبا كما صرح أحد ممثلي المملكة العربية السعودية بأن ما نحتاج إليه هو وجود أحزاب محايدة ونزيهة من أجل الإنضمام للمطالبة بالسلام وأضاف بأن الجهود التي بذلتها وتبذلها سنغافورة هي جهود تتميز بالشجاعة وقد أتت في الوقت المناسب.
إلا أن المساعي الآسيوية لمعالجة إحدى أهم واكثر الصراعات التي تواجه العالم سوف تتطلب بذل جهود دبلوماسية مكثفة وعلى الصين أن تكون ذات أهمية وفائدة بما يتناسب مع نفوذها العالمي الجديد وعلى الأمم المتحدة بذل جهد مضاعف عن الذي تبذله في يومنا هذا.
ويضيف السيد شعبان الذي شغل منصب سفير مصر السابق في أوروبا وفي الأمم المتحدة بأن أي جهود مبذولة أو ستبذل لإحياء عملية السلام سوف تحتاج إلى معالجة القضية والتعامل معها.
إن سنغافورة المحاطه بدولتين اسلاميتين والتي كشفت النقاب عن مؤامرات ومكائد يرتكبها إرهابيون باسم الاسلام شديدة الحماس والتوق للتعامل مع الشرق الأوسط المسلم, ويكمن وراء مبادرتها هذه رغبة صادقة للتعامل مع المعتدلين في أرجاء العالم العربي إذ إنهم معرضون اليوم أكثر من أي وقت مضى لحجبهم عن الاضواء ولإخماد صوتهم من قبل المتطوفين هذا ما اكده السيد تومي كو الدبلوماسي المحنك الذي ترأس الاجتماع الذي عقد في سنغافور وقد يكون هناك المزيد إذ إن انظار الشرق الاوسط قد بدأت بالتوجه نحو آسيا سواء لأجل التجارة والمبادلات أو الصفقات التجارية أو لاكتساب الخبرة والمعرفة إذ إن بعض الدول العربية كالمملكة العربية السعودية والتي بدأ يستحوذ عليها الشعور بأن الدول الاوروبية لاتثق بها عثرت الآن على أسواق أكثر نموا واتساعا لتصريف نفطها في كل من الهند والصين وهكذا تضاعفت الصفقات التجارية مابين الشرق الاوسط وآسيا ثلاثة أضعاف خلال السنتين المنصرمتين.
وهكذا فإن بنية ومعطيات الاجتماع الذي عقد في سنغافورة قد ساعدت حكومات الدول الشرق أوسطية أن على إدارة المركب نحو تغييرات سياسية هامة, ورغم ما أعلنه بعض الرسميين في سنغافورة من أن الدول العربية لم تكن راضية أو سعيدة لوجود مديري مشاريع تجارية صناعية بالإضافة إلى بعض العلماء وآخرين للمشاركة في المناقشات واتخاذ القرارات الحاسمة إلا أن سنغافورة تعتبر هذه الخطوة شديدة الايجابية ورغم أن كل تلك الاحداث قد لاتعادل التصريح الذي أعلنت عنه رايس من أن أميركا سوف تتوقف عن سعيها من أجل تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط على حساب الديمقراطية والحرية إلا أنها في ذات الوقت ( تلك الاحداث) تظهر قدرة اسيا على انتزاع بعض التقدم والحصول على مجموعة متواضعة ومعتدلة من التطورات المبثقة والقادمة من ذلك الجزء المضطرب من العالم.