تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


موعد مع الأرض

علوم ومجتمع
الاحد 17/7/2005م
محمد عنقا

جميلة صباحات الريف أيام المواسم, ساعة تدب الحياة مع خيوط الفجر الأولى

ويخطر النسيم المخملي حاملا عبق الريحان ورائحة البيادر, وساعة تفتح بيوت القرية أبوابها ويتثاءب الفلاحون وهم يمسحون عن عيونهم آثار النوم شيئا فشيئا, تتحول الهمسات الصباحية في القرية الى ما يشبه الأعراس في الحقول المنسابة على مد النظر.‏‏

أبو محمود ابن القرية المحبوب يتميز بين أقرانه بحيويته ونشاطه وهو يعتبر أن أولئك الذين تشرق عليهم الشمس على مخادعهم كسالى لأن أفضل ساعات العمل في رأيه تلك التي تسبق انسياب الشمس على الجباه السمراء.‏‏

إن للسعادة طعما خاصا لدى أولئك الفلاحين يوم تجني أيديهم سنابل القمح التي كبرت مع دقات قلوبهم مخافة أن يصيبها العطش غير أن السماء كانت سخية هذا العام.‏‏

لا شيء يوازي فرحة الفلاح يوم يطمئن الى أنه حصد جيدا وكان المحصول وفيرا, وهذا ما دفع أبو محمود لدعوة الفلاحين الى تناول طعام الغداء في داره يوم حمل آخر غمر من الزرع المحصود الى البيدر.‏‏

لقد قال مرة لابنه محمود بكل عفوية وبراءة: إن علاقتنا بهذه الأرض يا بني ليست نابعة من كونها تعطينا المواسم الطيبة وحسب إن هناك سرا يشدنا إليها.‏‏

لقد روى لي جدك أنه هاجر الى ما وراء البحار يوم امسكت الأرض خبزها في إحدى السنين وفي أرض الغربة كان يشعر بالحنين المضني والشوق الكبير وبقوة تشده باتجاه الوطن هذه العلاقة الروحية هي التي ألهبت مشاعر الناس ودفعتهم على مر الزمن للتضحية من أجلها.‏‏

لم أجد في الكتب يا بني دروسا كالتي قرأتها على صفحة هذه الأرض ولا أعتقد أن الروائح التي تعبق بها مجالسكم تعادل رائحة الأرض المستحمة بالمطر, اتمنى أن لا ينقصك ايماني هذا يا بني وأرجو أن تكون علاقتك بأرضك مثل حبك للحياة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية