وبدا الخبر لافتاً للانتباه لأهمية السكن في حياة الناس ذلك أن الإنسان وخلافاً لكل الكائنات الأخرى على وجه الأرض لا يستطيع أن يعيش وبالتالي أن ينتج، دون أن يقيم في مسكّن.
ومن يتابع مسألة السكن في سورية لا بد أنه انتبه إلى تضارب في الأرقام، ففي مؤتمر للتعاون السكني، قبل عامين، قيل إننا بحاجة إلى مليون وخمسمئة ألف مسكّن جديد. ثم قيل في محفل آخر إن احتياجاتنا هي ثلاثة ملايين مسكّن - غير متجاهلين ما دمرته الحرب على سورية، وصعوبة إنجاز مسوح ميدانية في مناطق ساخنة وغير آمنة سيطرت عليها لفترة من الزمن قوى إرهابية شغوفة بالتدمير والقتل والسرقة. وقبل انعقاد المؤتمر الوطني للإسكان بأيام قال السيد وزير الأشغال العامة والإسكان: إننا لا نملك رقماً عن عدد المساكن التي تحتاجها سورية في المرحلة الراهنة، وأخذ المؤتمر على عاتقه إيجاد السبل للوصول إلى أرقام دقيقة. وهذا مجرد مثال وثمة أمثلة كثيرة عن أغلب قضايانا المحلية التي نفتقر فيها إلى الأرقام الدقيقة والصحيحة وقد يكون أهمها أن نعرف كم عدد سكان سورية، بعد كثير من الأخطاء التي ارتكبت نتيجة الاستناد إلى أرقام إحصاءات قديمة واللجوء إلى لعبة النسب بشأن التزايد السكاني والولادات والوفيات والدخل والإنفاق. يقول مدير المكتب المركزي للإحصاء في حديث لصحيفة الاقتصادية مؤخراً، إننا لم نجز إحصاء علمياً صحيحاً منذ العام ٢٠٠٤ ويرى ضرورة إجراء هذا الإحصاء في العام ٢٠٢٠ -حكماً- لأنه لم يعد يوجد في المكتب المركزي للإحصاء سوى ٣ موظفين يفهمون بالإحصاء. وهذه الحقيقة تفتح نافذة على مدى احتياجنا إلى الخبراء والمهرة، الذين نفقدهم تباعاً بسبب الإقصاء على الستين، موعد كل عامل في الدولة مع التقاعد، ولو كنّا نعرف لما تباطأنا هذا التباطؤ الشديد في تعديل قانون العاملين الأساسي في الدولة، وكان جاهزاً للصدور أواخر عام ٢٠١٦ بنص يجعل تقاعد عمال الفئة الأولى على الـ ٦٥ سنة.
ورب ضارة نافعة - تأخير قد يقود إلى الاحتفاظ بهم حتى الـ٧٠ سنة بعد تزايد الحاجة إليهم في كل الوزارات والمؤسسات، لعل ما وضحنا يعمق أهمية احترام الرقم وعدم -رميه جزافاً- والسعي إليه بقوة لأنه أساس البناء السليم والحلول الناجعة.