تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كتب..ومضـات مـن تاريـخ الإبداع فــــي ايطاليـــا

ثقافة
الأحد 17-1-2016
 عمار النعمة

(مختارات من الأدب الإيطالي الحديث) عنوان كتاب صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب ترجمه الأستاذ نبيل رضا المهايني ب279 صفحة من القطع الكبير.

يضم الكتاب مجموعة من المختارات من القصائد والقصص والمقاطع الروائية والمسرحيات والسيناريوهات السينمائية وغير ذلك، وقد رأى الكاتب أن يرتّب تلك الأعمال بحسب الترتيب الأبجدي لأسماء الأدباء. فكان أول اسم في القائمة هو اسم دينو بوتساتي، وآخر اسم هو شيزارى تزافاتيني من كبار روّاد الواقعية الجديدة في السينما الإيطالية.‏

ويشير المهايني في كتابه أن استعراض تاريخ الأدب الإيطالي الحديث أمر طويل ولذلك اكتفى باستعراض بعض السمات الفكرية الحديثة التي برزت قبل القرن العشرين وخلاله, فيقول: إن أبرز التيارات التي ظهرت في البداية كان «تيار الحقيقة أو الواقعية، وتبعه تيار الطّبيعة الّذي دعا للعودة إلى الطّبيعة وإنشاء أعمال أدبية تعالج بصورة موضوعية وعلميّة الواقع الاجتماعي والإنسانـيّ... وقد عمل الكتّاب الواقعيّون الإيطاليّون على تحليل ووصف واقع مناطقهم بكلّ حدّته ومأساويّته بصورة كانت تتشح أحياناً بألوان قاتمة متشائمة. ومن أشهر كتّاب هذا التّيار جواني فيرغا، وغراتسيا ديليدا. وجاء بعده تيار الكلاسيكية الجديدة، ثمّ تيار الانحطاطية الّذي وجد أدباؤه وفنانوه أنفسهم غرباء عن عالم رأوا أنّه يميل إلى ماديّة لا يمكن الانفصال عنها إلّا عن طريق المشاعر، والحدس، والحساسية, أمّا في بدايات القرن العشرين فقد بزغ في أنحاء أوروبا نجم الحركات الطليعيّة الفنيّة الّتي أرادت أن تحطم كلّ الجسور مع أشكال الآداب والفنون التقليديّة, من أهم تيارات هذه الحركات الدادائيّة والكوبيّة والتكعيبيّة والتعبيريّة والمستقبليّة. وبرزت في القرن العشرين أيضاً تيارات عديدة ومهمّة سادت كلّ مجالات الفكر والأدب والفن وسجّلت إيطاليا حضوراً مميزاً على مسرح الثّقافة الإنسانية المعاصرة. ظهر في البداية التّيار الهيرميتي الّذي شكّل حركة أدبية انتشرت بين 1920-1930 ثمّ تطوّرت بين الحربين العالميّتين خلال الحكم الفاشي الّذي كمّ أفواه الأدباء.. كان الشّعراء الهيرميتيّون يرون أن الإلهام الشّعري هو نوع من التّجربة الصّوفية المخصصة لنخبة قليلة، وأنّ فن الشّعر وسيلة مهمّة لمعرفة المطلق، وفهم الواقع فهماً شاملاً، لذلك كانت العقلانية ألدّ أعداء هذا التّيار، لأنهم كانوا يرون فيها عدوّاً للإلهام الشّعري يمنع الإنسان من معرفة ما وراء العالم المادي..‏

والتيار المهم الثّاني هو «تيار الغسقيّة» وهي حركة أدبية تطورت في إيطاليا في بدايات القرن العشرين كصنف أدبي يتشبّه بالغسق ويبشّر بانحسار الشّعر على وقع أنغام مخنوقة صامتة تصدر عن أحزان غامضة.. فالغسقيون يميلون إلى تحجيم الشّعر لجعله نثراً ويبحثون عن شعر يحفظ للشعر وقعَه رغم تحطيم أوزانه التقليديّة، ويبقى ضمن نطاق النّثر.‏

ظهر مقابل الغسقيّة «تيار المستقبلييّن» الّذين ثاروا على تحطّم مُثل عصرهم وترجيح الثّقة الرّاسخة بالمستقبل وبحضارة الآلة ومثل القوة والحركة الحيويّة والديناميكيّة، وقد دعا المستقبليون إلى ظهور أدب جديد متفائل مفعم بالحبور، ثوري متحرّر من كل القواعد النّحويّة، بل إنّ بعض المستقبليّين دعا إلى حرق المكاتب العامة والمتاحف التّاريخيّة الّتي تعدّ الحارس الأمين للماضي.‏

وفي أوائل أربعينيات القرن العشرين ومنتصف الخمسينيات ظهر «تيار الواقعيّة الجديدة» نتيجة الأزمة الّتي ظهرت في تلك الفترة وقلبت معالم المجتمع الإيطالي لتغيّره على وقع الحرب واشتعال الكفاح المعادي للفاشيّة، وقد قيل: إنّ الواقعية الجديدة هي لقاء حرّ بين أفراد مختلفين يعملون في جو تاريخي مشترك مفعم بالحماس. والحقيقة أنّ الواقعيّة الجديدة لم تكن مدرسة بل مجموعة من الآراء والأصوات الّتي عملت على اكتشاف إيطاليا بوجوهها المختلفة، وخاصة تلك الوجوه الّتي لم يتطرق لها الأدب أبدا.‏

وذكر المؤلف مجموعة كبيرة من الأدباء والشعراء الإيطاليين الذين كان لهم أثر في الشارع الإيطالي من بين هذه الأسماء «بيير باولو بازوليني»، و»فورتوناتو باسكوالينو»، و»شيزاري بافيسي»، و»ساندرو بينّا»، و»سالفاتوري كوازيمودو»، و»ليوناردو شاشا»، و»إيناتسو سيلونه»، و»جوزيبّي أونغاريتّي»، و»شيزاري تزافاتيني»‏

ونقتطف من الكتاب الكاتب والمسرحي والممثل والمخرج «داريو فو» الذي ألف 70 عملاً مسرحياً، وحاز جائزة نوبل للآداب عام 1997 ومن أهم أعماله «مهنة مضحكة»، و«فدائيون»، و«موت فوضوي بطريقة عرضية»، «لنتكلم عن النساء».‏

(مختارات من الأدب الإيطالي الحديث) كتاب يستحق الوقوف عنده والاستفادة من معلوماته لطالما يحمل في دفتيه إبداع شعراء ومسرحيين وسينمائيين أضافوا للمكتبة الايطالية والعالمية تجارب لابد من الاطلاع عليها والاستفادة من أهميته.‏

ammaralnameh@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية