في الوقت الذي يسير فيه طلاب الجامعات في المنعطف الأخير من أيام الدراسة وبدء امتحانات الفصل الأول، بدأت تظهر جلياً حركة نشاط الطلاب التي أصبحت ملحوظة وملموسة في المكتبات، وبالأخص تلك التي يتركز ترددهم عليها بهدف البحث عن ملخصات المقررات وشرائها دون معرفة مصادرها أحياناً، والتي جلها ليس له مصدر أو جهة رسمية معروفة ومعتمدة، ناهيك عن أن هذه الملخصات يعكف على إعدادها وإخراجها أفراد يزعمون أنهم أهل اختصاص، كما أن قلة أوراق تلك الملخصات لا تعادل النسبة العظمى من المنهاج الدراسي رغم إقدام الطلاب عليها والبحث عنها بحجة أنها تختصر زمن الدراسة، إضافة إلى كونها في مخيلة أولئك الطلاب لب المنهاج الدراسي.
لا شك في أن الكتاب الجامعي يحتوي على كمّ كبير من المعلومات، وهذا في حد ذاته يقدم للطلاب معلومات غنية ويزيد من حصيلتهم العلمية، ولكن عدم اهتمام بعض أصحاب الشأن وعزوفهم نهائياً عن العديد من النقاط في المنهاج أدى إلى عدم اهتمام الطالب به ككل، وبالتالي أصبح الطلاب يطلبون من أساتذتهم ايجاد ملخص للمادة، إلى أن بات الكتاب الجامعي يفقد هيبته بسبب هجران الطلاب له، وأصبحت الملخصات تسحب الأضواء منه وتحبس المنهاج في أوراق معدودة، وهذا في حد ذاته إهمال كبير لذلك الكتاب الذي عُنيت به وزارة التعليم وأخرجته، وأنفقت الملايين في طباعته ليكون سهلاً في متناول يد الطالب.
وهنا يظهر على السطح سؤال حائر يبحث عن إجابة: هل غاية أصحاب العلاقة إبعاد الطالب عن الكتاب الجامعي، أم السعي إلى تسهيل المادة التعليمية؟! فهم يعلمون أنهم بهذا يهدرون جهود الوزارة ويخالفون أمانة التعليم، لأن الإجراء المتبع في كلتا الحالتين قد يسبب خللاً في إعداد الطالب وتوجيهه الوجهة الصحيحة، ناهيك عن أن الاعتماد على الملخصات يقدم إجابات ناقصة.
فيما نجد في الطرف المقابل أن طلاب الجامعات يشتكون في دمشق مثلاً من غلاء أسعار المحاضرات، وخاصة مع توسع سوق المضاربة بين المكتبات، رغم تأكيد مدرسي الكليات والقائمين على العمل بالابتعاد عنها، وبالرغم من توجيه «أصحاب الشأن» من جامعة دمشق بضرورة الاعتماد على الكتاب الجامعي، وعدم اللجوء إلى الملخصات التي تباع في المكتبات والأكشاك لاحتوائها على الكثير من الأخطاء، إلا أن الطالب يجدها الملاذ الوحيد له للهروب من الكتاب الجامعي، حيث يجد فيها ما هو مختصر ويأتي له بالنتيجة المرجوة.
وهذا الأمر يستدعي من الجهات المعنية إعادة النظر بهذه الهيكلية، حتى لا يتحول التعليم في أحد جوانبه إلى تجارة في العلم خاصة في ظل عدم وجود رقيب.