سياسة نظام أردوغان الخارجية ليست وحدها مثار الانتقادات، إنما حملات القمع والاعتقالات المتواصلة ضد المثقفين والناشطين الحقوقيين ووسائل الإعلام والقضاة والأوساط المعارضة لممارسات أردوغان السلطوية أيضاً تثير حفيظة معارضيه، ولاسيما بعد أن أدخل تركيا في منعطف خطير واستورد لها الإرهاب والفوضى ونقلها من خانة صفر مشاكل إلى صفر علاقات.
رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كيليتشدار أوغلو وصف أردوغان بأنه ديكتاتور عديم الأخلاق والشرف يدعي التدين وهو بعيد كل البعد عن الدين الذي يعتبر كرامة الانسان عنصرا مهما في حياته.
وقال كيليتشدار أوغلو في كلمة أمس أمام المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري ان أردوغان ديكتاتوري من نمط جديد لا يحترم الدستور الذي أقسم بشرفه على احترامه ويسعى لإحكام سيطرته الشخصية على جميع مؤسسات ومرافق الدولة التركية.
وأضاف كيليتشدار أوغلو ان أردوغان أقام علاقات جيدة مع سورية والعراق ومصر وليبيا وغيرها من دول المنطقة ولكنه قام بتخريبها وطعن من كانوا أصدقاءه من الخلف، واستغرب لماذا لا تتخذ حكومة حزب العدالة والتنمية أي موقف واضح ضد داعش ولماذا لا تتخذ رئاسة الشؤون الدينية موقفا صريحا باسم الاسلام ضد داعش وتقول انه منظمة إرهابية معادية للاسلام؟ مؤكداً أن أردوغان ورئيس حكومته أحمد داود أوغلو أدخلا تركيا في مستنقع الشرق الاوسط حيث لم يعد لديها أي صديق في المنطقة.
كذلك انتقد العديد من الاكاديميين والمثقفين حول العالم بشدة سياسة نظام اردوغان وحكومته القمعية وعلاقته الوثيقة بتنظيم داعش الإرهابي.
وجاء في بيان صادر عن الاكاديميين ومن بينهم نعوم تشومسكي وطارق علي ومايكل لوو وبيرتيل أولمان وميشيل ليبوويتز وفيجاي براشاد ونيل فاولكنير ونانسي هولمستروم وجون كوكس وسوزي ويسمان وفريد موسيلي ان المعطيات تبرهن على أن حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا تدعم تنظيم داعش الإرهابي من خلال السماح له بتسويق النفط السوري المسروق عبر الاراضي التركية واستخدام الاراضي التركية كطريق عبور للإرهابيين القادمين من جميع انحاء العالم من أجل الانضمام إلى صفوف داعش وتوفير مناطق امنة لإرهابييه وتقديم العلاج لهم وتزويد التنظيمات المتطرفة بالسلاح والمعدات العسكرية.
وندد البيان الذي نقله موقع راديكال التركي بالحملة القمعية التي تشنها حكومة حزب العدالة والتنمية في المناطق السكنية المكتظة بالسكان وخاصة جنوب شرق البلاد والتي تتسبب بمقتل الاطفال والمدنيين كما انتقد حظر التجوال المفروض على الكثير من المدن التركية على اسس عرقية.
في سياق مواز اكد السفير التركي المتقاعد عثمان كوروتورك ان سبب الاعمال الإرهابية في تركيا هو سياسة حكومة حزب العدالة والتنمية الخاطئة حيال سورية والمنطقة مشددا على أن التفجيرات الإرهابية المتتالية التي وقعت تثبت عدم امتلاك تركيا القوة في المنطقة. وقال كوروتورك لصحيفة دويتشه فيله الالمانية ان حكومة حزب العدالة والتنمية تتدخل في الشؤون الداخلية لدولة جارة وتصر على هذا التدخل على الرغم من ادراكها انه خاطئ، مبينا أن الانتخابات التشريعية التركية التي جرت في الاول من تشرين الثاني الماضي تبرهن على أن تركيا غير قادرة على الخروج من المستنقع السوري الذي غرقت فيه بإرادتها الحرة.
من جهة ثانية اكد أمين عام حزب الشعب الجمهوري جورسل تكين ان حكومة حزب العدالة والتنمية أدخلت تركيا في الجحيم محذرا من تفجيرات جديدة قد تقع في البلاد في اعقاب الانفجار الذي وقع الاسبوع الماضي في اسطنبول وقال: لدينا معلومات حول ذلك.
واضاف تكين في تصريح لمحطة سي ان ترك ادلى به على هامش المؤتمر العام العادي للحزب الذي بدأ اليوم ان حكومة حزب العدالة والتنمية لن تتمكن من الحفاظ على سلامة تركيا في حال اثارتها حربا طائفية في المنطقة.
في السياق ذاته أكد الكاتب اللبناني المختص بالشؤون التركية محمد نور الدين أن تفجير اسطنبول الذي وقع الثلاثاء الماضي يكمل حلقات الاخفاق إلى حد الافلاس الذي وصلت اليه السياسة الخارجية لنظام رجب اردوغان.
وقال الكاتب في مقال له بصحيفة السفير اللبنانية نشر امس انه وخلال أقل من شهر واجه نظام اردوغان في أربعة أماكن مختلفة أربعة اخفاقات كانت تختزل الانسداد في النهج الذي يتبعه هذا النظام تجاه أكثر من قضية، الاول بحسب الترتيب الزمني هو الدخول عنوة إلى منطقة بعشيقة شرق الموصل في العراق.
أما الاخفاق الثاني هو سيطرة الجيش العربي السوري على بلدة سلمى في ريف اللاذقية ، موضحاً ان الاخفاق الثالث تمثل بتفجير ديار بكر الذي أوقع العشرات بين قتيل وجريح وذلك بعد ساعات فقط من تفجير اسطنبول.
ورأى الكاتب أن الحدث الرابع في مربع الافلاس التركي هو التفجير الانتحاري الذي ضرب عمق اسطنبول وقلبها السياحي الثلاثاء الماضي معتبرا ان هدف الانفجار هذه المرة أصاب للمرة الاولى مصالح تركية مباشرة فيما كل التفجيرات السابقة كانت تستهدف داخل تركيا مصالح أو أهدافا كردية ما يعني أن ادعاءات وقوف تنظيم داعش الإرهابي وفق زعم مسؤولي نظام اردوغان غير صحيحة لانه وفي المعطيات الموضوعية لا يوجد أي دليل على أن داعش غيّر موقفه من تركيا فالعلاقات بينهما عضوية وبنيوية والحماية التركية للتنظيم مستمرة لم يغير منها قصف استعراضي لبعض مواقعه.
بموازاة ذلك ندد الاتحاد الاوروبي امس باعتقال قوات النظام التركي 12 اكاديميا تركيا على خلفية توقيعهم بيانا أصدرته مبادرة الاكاديميين من اجل السلام يدين بشدة الهجمات التي تشنها قوات رجب أردوغان في مدن جنوب شرق تركيا.
ونقلت ا ف ب عن المتحدثة باسم الاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية قولها في بيان ان اعتقال هؤلاء الجامعيين هو تطور مقلق للغاية مشيرة إلى ضرورة احترام حرية التعبير وفقا للمعايير الدولية أما أجواء الترهيب فهي تخالف ذلك.