المؤتمر الدولي الأول حول «مكافحة الاتجار بالبشر في لبنان: الذي انعقد على مدار يومين وشارك فيه 30 متحدثاً من رجال القانون وأعضاء منظمات المجتمع المدني.
وقد انفض المؤتمر باعتماد عدة توصيات نشير إلى أبرزها وهي: القيام بحملات للتوعية بمفهوم الاتجار بالبشر، وضرورة الإسراع بإصدار قانون مستقل لمواجهة ظاهرة الاتجار بالبشر يشمل المنع والقمع والمكافحة والتجريم بالإضافة إلى التدابير الاحترازية وحماية المجني عليه وتوفير الرعاية النفسية والاجتماعية لضحايا الاتجار بالبشر وحمايتهم، التركيز على دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والمؤسسات الدينية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، تفعيل الشراكة بين المنظمات غير الحكومية والجهات الحكومية المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر، ودعم الأبحاث والدراسات المتعلقة بمكافحة هذه الظاهرة. وقبل أيام تحدثت وسائل إعلام مختلفة عن إقامة مشفى في طرابلس بالاتجار بالأطفال واستخدام أعضائهم الأمر الذي سرق النوم من العيون وأشعل النار في القلوب الهادئة.. تعرض أناس للاختطاف والبيع مقابل أموال زهيدة... أي زمن هذا الذي تهز فيه عروش الإنسانية وتخترق حواجز الأخلاق والضمير والشرف وتجعل من الإنسان سلعة... تمضي الحالات وتمتلئ صفحات الصحف والبرامج والندوات والمؤتمرات ويبقى السؤال.. هل بتنا حقا في زمن الاتجار بالبشر؟
يقول التعريف أن الاتجار بالبشر هو"انتهاك لحقوق الإنسان بما فيها الحق في السلامة الجسدية والعقلية والحياة والحرية وامن الشخص والكرامة والتحرر من العبودية وحرية التنقل والصحة والخصوصية والسكن الآمن.
يقصد بالاتجار بالبشر وفقاً للأمم المتحدة تجنيد أو نقل أو انتقال أو إيواء أو استقبال أفراد عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو صور أخرى للإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال النفوذ أو استغلال نقاط الضعف أو منح أو تلقي الأموال أو الامتيازات للحصول على موافقة شخص له سلطة على شخص آخر بغرض الاستغلال، ويشمل الاستغلال كحد أدنى الدعارة أو صوراً أخرى للاستغلال الجنسي أو العمالة أو الخدمة القسرية أو العبودية أو الممارسات الشبيهة بها أو الأشغال الشاقة أو انتزاع الأعضاء.
وهناك صور للاتجار بالبشر منها:
1- البغاء: وهو من أهم وأخطر صور الاتجار بالبشر والأكثر انتشارا في دول العالم لما تحققه من ثروات ضخمة.
2- الاتجار بالأطفال: تتم جرائم الاتجار بالأطفال بهدف استغلالهم دون مراعاة حقوقهم، كخطف الأطفال بغرض بيعهم تحت مسمى التبني، الجرائم الصغيرة، العمالة القسرية للأطفال، الاتجار بالأعضاء البشرية ولو بالرضا، وفي الغالب تكون الدول المصدرة للبشر هي الدول الفقيرة، ويكون محل السلعة غالبا الأطفال ذكورا أو إناثاً والفتيات والسيدات.
وللاتجار بالبشر انعكاسات خطيرة، اجتماعية وسياسية واقتصادية ومنها انتهاك حقوق الإنسان ما يؤدى إلى انهيار البنية الاجتماعية وانخفاض المعدلات الصحية والنفسية للمجتمع، والتفكك الأسري وتمزق شخصية الطفل مما ينتج طفلا ذا نزعات إجرامية، وإهدار الصحة العامة للدول المصدرة وفقدانها العناصر اللازمة للبنية الأساسية الاجتماعية للمحافظة على كيان الدولة، وإشاعة الفساد وخرق الآداب العامة للدول المصدرة، ويقع على الدول المصدرة للبشر مسؤولية الاشتراك في دعم الجريمة المنظمة، والحرمان من القوى البشرية حيث تحرم تلك الدول من عناصر البناء الاجتماعي اللازم لقيام الكيان السياسي والاقتصادي، وحدوث اختلال في الميزان الاقتصادي، وإهدار قيمة الردع العام للجريمة، وإهدار قيمة العدالة الضريبية..حيث تطالب تلك الدول مواطنيها سداد الضرائب.
وضمن مفهوم الاتجار بالبشر هناك أشكال أخرى مثل استغلال الأطفال في التسول والبغاء وتزويج الأطفال بإبرام زيجات لفتيات دون السن القانونية، المقترن بتزوير وثائق إثبات السن، بغرض الانتفاع من الزيجات أو تسوية الديون.
تغيير من أجل المستقبل
هنا يأتي دور وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة من خلال إقامة الدورات التعريفية بهذه الجرائم ورفع سوية الأداء القانوني لدى العاملين في هذا المجال من قضاة وضباط شرطة وموظفين ومحامين بغرض حماية ضحايا هذه الجرائم وتوفير الحماية القانونية والإنسانية لهم. بالتعاون والتنسيق مع المنظمات الأهلية والمجتمع المدني في الوقاية من هذه الجرائم وحقوق ضحية الاتجار وسبل توفير الحماية القانونية والإنسانية لها والأسباب الموجبة لإصدار قانون خاص لمكافحة هذه الجرائم إضافة إلى التعريف بماهية جرائم الاتجار بالأشخاص في القانون السوري.
من هنا تقع على عاتق المنظمات الحكومية والأهلية مسؤولية التصدي الموضوعي والحازم لمواجهة هذه الظاهرة ومعالجة الآثار والتداعيات الناجمة عنها وتعميق الوعي المجتمعي لنبذها ومحاربتها بكل الوسائل والسبل الممكنة وإلغاء القيود غير المسوغة على حق الأشخاص في التنقل عند تنفيذ تدابير المكافحة وتأهيل كوادر بشرية عاملة للوقاية والحماية والرعاية للتعامل مع هذه الظاهرة وضحاياها.
ويكون دور وسائل الإعلام عن طريق إعداد برامج توعوية شاملة حول خطورة ظاهرة الاتجار بالبشر وسبل مكافحتها والتأكيد على المبادئ والقيم الدينية في دعم الجهود الرامية للمكافحة، وأمانة نقل المعلومات وتسهيل الحصول عليها وأيضا مناقشة القضية نقاشا موضوعيا عادلا وبكل شفافية، والحرص على دقة الترجمة مع تفعيل جهود سفراء النوايا الحسنة والشخصيات العامة المهتمة بحقوق الإنسان وتعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية.