المشؤومة وشن الحروب ضد الدول التي لا ترضى عنها تحت مزاعم مكافحة الإرهاب، وخير دليل القرار العسكري الجديد الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس برفع الميزانية العسكرية لبلاده، والذي وصفته وسائل الإعلام بالخطير.
وفي خطاب ضمن ذكرى تأبين ضحايا «11 أيلول» قال ترامب: قررنا رفع الميزانية العسكرية للدفاع عن الولايات المتحدة حسب تعبيره، مدعياً أن بلاده لا تسعى للدخول في نزاعات، لكنها سترد بقوة في حال تعرضها لأي هجوم حسب كلامه.
ووصفت صحيفة «الغارديان» البريطانية تصريحات ترامب بـ»الخطيرة»، لأنها حوت تهديدات واضحة إلى من وصفهم بأعداء الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن زيادة ميزانية الدفاع تعزز من القلق حول مستقبل العالم.
ومن هنا يتضح بأن هجمات الـ 11 من أيلول شكلت نقطة تحول كبرى على الصعيد العالمي لجهة المتغيرات التي بنت عليها واشنطن سياساتها الهدامة، وشنّت واشنطن بعد تلك الهجمات حروباً ضد الدول المستقلة تحت ما يسمى «الحرب الاستباقية» فبدأت بغزو أفغانستان ثم العراق كما عملت على زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط عبر دعم الإرهاب فيها وفرضت العقوبات الاقتصادية على بعض دولها.
وقد أدت الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة كردّ فعل على تلك الهجمات إلى كوارث كبرى وإلى مقتل وإصابة الآلاف من الأبرياء في العديد من دول العالم وهذا كان واضحاً في الحرب التي قادتها على كل من أفغانستان والعراق.
ويشير مراقبون إلى أن المنعكس السلبي الخطير في العلاقات الدولية بعد أحداث أيلول هو تكريس الإدارات الأميركية المتعاقبة نهج التدخل العسكري عبر شن الحروب وإسقاط الدول التي لا تسير في الفلك الأميركي من دون أي مبرر وخير مثال على ذلك العدوان على العراق تحت مزاعم امتلاكه أسلحة الدمار الشامل التي تبين لاحقاً أنها مجرد كذبة وباعتراف مسؤولين أميركيين لفقتها واشنطن بهدف احتلال العراق وتدمير مؤسساته والهيمنة على مقدراته.
ولعل أبلغ تعبير عن الغطرسة الأميركية إزاء تبني هذه السياسة ما أقرّ به وزير الحرب الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد في اجتماع للحلف الأطلسي في بروكسل عام 2002 بأن الحلف لا يمكنه أن ينتظر الدليل الدامغ حتى يتحرك ضد الدول التي تملك أسلحة كيميائية أو بيولوجية أو نووية، وكان هذا التصريح تمهيداً لغزو العراق عام 2003 و»ضربة وقائية» حسب المفهوم الجديد للإستراتيجية العسكرية الأميركية.
ويؤكد محللون أن غزو العراق واحتلال أفغانستان وتوسيع رقعة الحرب المزعومة على الإرهاب كان هدفه في نهاية المطاف تمرير الإستراتيجيات الأميركية لإعادة صياغة خريطة جيوسياسية جديدة تعيد ترسيم الحدود والتوازنات في منطقة الشرق الأوسط والعالم، إذ ليس مخفياً على أحد أن واشنطن هي التي أنتجت البيئة المناسبة لقيام تنظيم القاعدة الإرهابي والذي تتظاهر أميركا بتصنيفها له بأنه إرهابي وسهلت لهذا التنظيم نشأته وتناميه في المنطقة.
وقال الصحفي الفرنسي تيري ميسان في كتابه «الخديعة الكبرى» إن مجمل أحداث»11 أيلول ما هي إلا مسرحية كوميدية وتراجيدية في الوقت نفسه، من إخراج السلطات الأميركية... ليس غير، واستند الكاتب في تصريحاته إلى وثائق ومعلومات مخابراتية.