تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كوابيس من سجون غزة

بقلم: رالف نادر
عن موقع: common dreams
ترجمـــــــــــة
الاثنين 21-5-2012
ترجمة: خديجة القصاب

اصبحت أوضاع سكان غزة السجناء داخل اراضيهم مزرية نتيجة الحصار الذي فرضته الحكومة الاسرائيلية عليهم وأدى إلى تقليص استيرادهم لما يحتاجونه من مستلزمات معيشتهم اليومية من مواد غذائية اساسية ومستحضرات دوائية

ومواد بناء لإصلاح منازلهم ومياه الشرب لأفراد أسرهم ووقود لتدفئة عائلاتهم وكنتيجة لاحقة لهذا الحصار ارتفعت نسبة العاطلين عن العمل في صفوفهم إلى 80% هذا الى جانب اتساع رقعة معاناة سكان القطاع من اعتقالات عشوائية في صفوف أهالي غزة وفرض عقوبات غير قانونية على هؤلاء الفلسطينيين وزج شريحة منهم في السجون الاسرائيلية دون ذنب يذكر.‏

الغزو الاسرائيلي لغزة عام 2008 من أهم أسباب تردي الاوضاع المعيشية لسكان هذا القطاع ووصولها إلى درجة مخيفة.‏

ففي الرابع من كانون الأول قبل أربع سنوات من الآن اجتاحت نيران هذا الغزو الاسرائيلي غزة مع اندلاع المعارك فوق أراضي القطاع اثر اختراق القوات الاسرائيلية للهدنة السابقة الموقعة بين المسؤولين الغزاويين وتل أبيب وتمخض هذا الغزو عن ابادة اكثر من 1400 فلسطيني من بينهم ثلاثمائة طفل اضافة لجرح الاف الغزاويين ومع استمرار القصف الاسرائيلي لمنازل الغزاويين دمرت عشرات البيوت والمشافي وسيارات الاسعاف والمدارس بما في ذلك المدرسة الدولية الامريكية والجوامع والمزارع الفلسطينية وتسهيلات منحتها الامم المتحدة لسكان القطاع الفلسطينيين كما قتل خلال هذا القصف الاسرائيلي الوحشي ثلاثون فلسطينياً من أسرة واحدة داخل منازلهم ووصلت الأزمة الانسانية إلى ذروتها منذ ذلك التاريخ علماً أن مساحة هذا القطاع تفوق على صعيد الحجم مرتين حجم مقاطعة كولومبيا الامريكية وهو ما مهد لحدوث كارثة أكثر ايلاماً من سابقاتها حسبما افاد عالم الفيزياء النرويجي “مادس غيلبرت” وهو بروفسور من كلية الطب في بلاده تخصص في مجال الادوية ومؤخراً عاد غيلبرت من زيارة قام بها الى غزة ويعتبر هذا الطبيب الاجنبي الوحيد من أصل طبيبين شاهدا بأم العين المجازر التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية في غزة من كانون الاول 2008 وكانون الثاني 2009 وقد علق “غيلبرت” على تلك الاحداث قائلاً : شاهدت خلال الهجوم والقصف الاسرائيلي على غزة تأثيرات الاسلحة الفتاكة الحديثة التي استخدمتها القوات الاسرائيلية بما في ذلك طائرات بدون طيار وقنابل الفوسفور الحارقة والمواد المتفجرة الصغيرة الحجم التي لا ترى بالعين المجردة والقنابل المعدنية التي لا تترك لدى انفجارها أي شظايا خارج جسم الانسان لأنها تتغلغل داخله فتفتت خلاياه فضلاً عن الاشعاعات المميتة المنبعثة من تلك المواد المتفجرة التي تؤدي الى الفتك بجسم الانسان. ويتابع غيلبرت: يعاني اليوم أطفال غزة من سرطانات في الدم ونقص في المواد الغنية بالبروتين ثم أن المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة للقطاع غير كافية ناهيك عن المضايقات التي يتعرض لها الطاقم الطبي التابع للأمم المتحدة من قبل المسؤولين الاسرائيليين . أما محاولة اعادة بناء ما هدمته آلة الحرب الاسرائيلية في غزة فيتم اعتراض سبيلها بسبب العوائق التي تضعها الحكومة الاسرائيلية امام استيراد مواد البناء وقد وصف “ غيلبرت” ما آلت اليه الاوضاع في غزة قائلاً: لقد عملت في اماكن اخرى من العالم تعاني من ظروف بائسة الا أن غزة تعد استثناءً لأسباب عدة ففلسطينيو غزة هم أسرى بكل ما في الكلمة من معنى لأنه عندما يتعرض سكان المدن لأي هجوم في اي دولة لابد من وجود مكان آمن يلجؤون اليه ومن ثم عندما تتوقف المعارك يعودون الى منازلهم ولكن الامر في غزة مختلف اذ ليس امام سكان القطاع مكان آخر يؤون إليه نتيجة وقوعهم في الاسر وجراء السجن الذي يحيط بهم بسبب حصار فرضته اسرائيل على أراضيهم ومنازلهم وتحركاتهم.‏

وفي دراسة لهذا العالم نشرها في مجلة «لانسيت» الطبية البريطانية يصف غيلبرت الهجوم الوحشي الذي شنته القوات الاسرائيلية على القطاع وأدى إلى استنزاف نظام الرعاية الصحية الفلسطينية وهو نظام وضع لمساعدة أكبر عدد من الفلسطينيين الذين اصيبوا في حرب بين طرفين غير متكافئين اذ لم تستثن اسرائيل في حرب غزة حياة المدنيين سواء اكانوا نساء او رجالاً او اطفالاً .‏

ومن غير المستغرب ان تقوم الحكومة الاسرائيلية بمنع دخول المراسلين الاجانب الى غزة بمن فيهم المراسلون الامريكيون وتزود واشنطن تل ابيب بالمال والسلاح بهدف تضليل الرأي العام العالمي وصرف أنظاره عن مشاهدة اعمال التنكيل ورؤية الية عمل مرتكبي تلك المجازر على أرض الواقع وقد مهد الحظر الذي فرض على وسائل الاعلام الامريكية الطريق أمام جورج دبليو بوش وخليفته الحالي الرئيس اوباما المنتخب آنذاك حديثاً لوصف الحرب الوحشية التي شنت على غزة بعبارات تقول أن اسرائيل تمتلك الحق في الدفاع عن نفسها ليتضح فيما بعد أن الفلسطينيين لا يملكون أي وسيلة للدفاع عن انفسهم أمام ثاني أكبر دولة في العالم تمتلك مخزوناً كبيراً من الاسلحة المتطورة متجاهلين الطرف الذي اخترق الهدنة وبدأ بإراقة الدماء جزافاً.‏

فمنذ عام 2009 ومع تحول اهتمام كل من اسرائيل والولايات المتحدة باتجاه إيران لم تعد تذكر أسماء الاف الفلسطينيين القابعين داخل السجون الاسرائيلية على الشاشات الاخبارية في الغرب لذلك ادت تلك المواقف إلى تحييد رجال اسرائيليين يعملون بالأجهزة الامنية وعدد من القادة العسكريين والسياسيين المتقاعدين ومئات من المدنيين يؤيدون حل الدولتين ووضع حد لاستيلاء الاسرائيليين على اراضي ومنازل الفلسطينيين وبالتالي فضح زيف عن أحاديث حرب تمت فبركتها لأغراض سياسية وانتخابية داخل اسرائيل والولايات المتحدة فعلى سبيل المثال صرح «مائير دغان» رئيس الاستخبارات المركزية الاسرائيلية بين عامي 2002 و2010 قائلاً: «ان قصف الاراضي الاسرائيلية خطوة تتسم بالغباء» ويتفق معه في هذا الرأي العديد من المسؤولين الاسرائيليين في حين لم تسمع في الولايات المتحدة أصوات كانت تتصف بالواقعية والعقلانية وذلك قبل عدة اشهر من غزو العراق فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا هل ستلبي شخصيات اسرائيلية تتسم بالواقعية وتستطيع قول الحقيقة لأنها تؤمن بالسلام وترفض الخيارات العسكرية دعوة المثول أمام الكونغرس الامريكي لإسماع صوتها ولو لمرة واحدة علانية خلال جلسة مكاشفه أم ان الوقت أصبح متأخراً للقيام بتلك المبادرة؟‏

يبدو أن الخيارات اليوم اقتصرت على خيارين اثنين إما احلال السلام أو تفجير المزيد من الحروب التي تندلع في الشرق الاوسط كذلك هناك رهان واشنطن المتمحور حول خيارات الحرب ضد ايران ويتطلب المشاركة بشكل فعلي في أي هجوم على تلك الدولة علماُ ان نتائج هذا العدوان لا يمكن السيطرة عليها والتحكم بعواقبها من هنا جاء تساؤل كاتب هذا المقال هل سيسمح أعضاء الكونغرس الامريكي لممثلي اللوبي الاسرائيلي «ايباك» في الولايات المتحدة بالتصدي للإسرائيليين الذين شهدوا حرب غزة ومنعهم من حضور جلسات الكونغرس للإدلاء بشهادتهم حول هذا الموضوع الشائك؟‏

وهل يشعر أعضاء لجنة العلاقات والشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي ويرأسها بالتناوب كل من السيناتور الديمقراطي جون كيري ونظيرته من الحزب الجمهوري ايلينا روس بالرضا في الالتزام بسياسة حزبيهما بالنسبة لموضوع يتعلق بإدلاء بشهادات حول حرب غزة؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية