وخصوصا العنف الاجتماعي والنفسي والذي مرده الأساسي هو المجتمع الذكوري المعنف لكلا الجنسين وهذا ما تحدث عنه بعض من اعترف بذلك ومن زوايا مختلفة
فيقول (محمد صالح) :لن يشعر أحد بنا كرجال عندما نتكلم عما نعاني منه منذ عمر السابعة إلى أن نهرم, طالما كنت أكتم في سري حزني وغيرتي من أخواتي الإناث حين كن يجلسن بالبيت في الصيف ونحن بعمر العاشرة نذهب للعمل في الأرض مع والدي وكنا نعتل الصناديق ونسقي ونجلب الأغراض وكل ما يخص العتالة والركض من مكان إلى آخر لمساعدة أبي بينما أخواتي مع أمي في البيت وعندما نحتج يصرخ بنا أهلنا هذا العمل للرجال والبيت هو للنساء متناسين أن البيت لنا أيضا نحن الذكور الأطفال, لنسأل أنفسنا مرارا وتكرارا حينها لماذا علينا العمل خارج المنزل بينما أخواتنا يجلسن فيه مرتاحات وكأنه لهن فقط? هذا ما عدا أنني كنت شخصيا أحب اللعب بألعاب مختلفة لكن كان يسمح لي فقط بالبواريد والسيارات كونها للصبيان وفيما عداها ألعاب بناتية يحظر عليّ الاقتراب منها.
أما جوني عطية فقد كان أكثر ما يقهره أنه ممنوع من البكاء, منذ طفولته كان يتمنى أن يبكي دون توبيخ لكن للأسف كلما بكى عوقب لأنه رجل, عيب عليه أن يبكي, ويقول: الآن أحاول أن أربي أولادي تربية مختلفة فلهم الحرية في أن يعبروا عن فرحهم وحزنهم بالطريقة التي يريدونها لكني أتفاجأ أنهم يأتوا من الخارج حاملين معهم الأفكار نفسها التي حاولت ألا تأسرهم إنه المجتمع الذي يحصر التعبير عن المشاعر بالنساء وهو عنف قد لا يراه الآخرون لكننا عانينا منه إنه مؤلم ذلك الشعور بأنك إن بكيت فأنت لست رجلا.
ويرى( خليل عيسى) أنه يكفي عنفا على الرجل عليه أن يؤمن البيت والعيش الآمن لأسرته وهذه مسؤوليته أولا مهما قيل من أن المرأة تعمل وتشارك الرجل, المجتمع يسأله هو وليس هي ما عدا أن تأخير الزواج عند الرجال مرده أولا لغلاء المهور ولأنه مجبور بتأمين مسكن قبل أن يتزوج وهذا عبء كبير يقع على عاتقه ومسؤولية يكلفه المجتمع بها لوحده.
ويؤكد (سلمان بدور) أنه من أشكال العنف الواقع على الرجال أنهم يجب أن يتدربوا على الألعاب القتالية وأن يكونوا أصحاب أجسام مؤهلة للقتال في أي لحظة, حتى عندما كنت طفلا كان مفروضاً عليّ أن أقاتل بالشارع كي أثبت أني قوي ولست كالنساء كنت أتمنى أن أكون كأخواتي هنالك من يدافع عنهن ولست أنا بالواجهة دوما طبعا هذه مشاعري عندما كنت طفلاً
هذه ملامح من العنف التي يتحدث عنها الرجال وتوجد نماذج أخرى كثيرة يذكرونها بحزن وغضب وهي كما جاء في تقرير حالة سكان العالم 2005 والتي تعنى بمعظم الذكور بالعالم وخصوصا البلدان النامية: إن الضغوط الاجتماعية ومواثيق الشرف التي ينشأ في ظلها الرجال والفتيان قد تشجعهم على التنافس واللجوء إلى العنف أو الإقدام على مخاطر متعددة لإظهار رجولتهم وقد يجدون صعوبة في الكشف عن مشاعرهم وشواغلهم الحقيقية لأنهم تعلموا إخفاء مخاوفهم وعواطفهم) وهذا العنف بدوره يساهم بزيادة الفروقات بين الجنسين ومزيدا من اللامساواة بدءا من عدم المشاركة بالأعمال المنزلية وانتهاء بموضوع تنظيم الأسرة الذي يزيح دور الرجل ليجعله مرتبطا فقط بالنساء وهذه من الأمور التي تقلل فرص السعادة التي تنبع أصلا من التشاركية وهي لن تتحقق دون فهم جديد للذكورة والأنوثة ليوضعا ضمن مفهوم واحد هو النوع الاجتماعي والذي يؤكد أن الرجال والنساء يختلفان عن بعضهما اختلافات بيولوجية أما الاختلافات الأخرى فهي من صنع المجتمعات وهي التي تكرس اللامساواة وتعرقل النمو الاجتماعي والاقتصادي.