خلافات حادة بين مؤسستي الأعلاف في حلب والحبوب والابتعاد عن لب المشكلة خاصة وأن المربين باتوا في حالة لايحسدون عليها خشية مايتوقعونه لقطعانهم من نفق أوبيع جائر لعدم قدرتهم على تلبية الأعلاف من السوق السوداء التي تكتنز ا لكثير من الكميات في مخازنها بينما تئن مستودعات مؤسسة الأعلاف في مختلف المحافظات من قلة الكميات والطلب لتأمين المخصصات العلفية.
ومثل هذا السجال يفتح الباب على مشكلات حقيقية باتت تواجه الثروة الحيوانية في سورية أمام ندرة توفر المواد العلفية وقلة الحصص المخصصة في إطار مايسمى (المقنن العلفي) ويقابل هذا الشح ارتفاع جنوني في الأسعار جعلت ا لكثير من مربي قطعان العواس السوري يبيعون الخراف بأسعار متدنية لمجموعة من التجار كي يؤمنوا حاجة قطعانهم مما تيسر من هذه المادة والأكثر من ذلك أن مشكلة أكبر باتت تلوح في الأفق أمام إقدام المربين على ذبح النعاج أو بيعها للجزارين للغرض ذاته بعدما عدموا الوسيلة في الحصول على مواد علفيةكافية لسد حاجة هذه القطعان.
ولاننسى هنا مخاطر هذا التوجه على الثروة الغنمية في سورية التي تشكل رافداً مهماً للاقتصاد الوطني حيث تشكل ذكور العواس مصدراً مهماً للطلب الخارجي لتأمين الأضاحي من جهة وللقيمة الغذائية الكبيرة التي تمتاز بها لحومها و هذا الطلب يستدعي بالتأكيد أسعاراً جيدة لهذه المادة في تلك الأسواق مما جعل بعض الناس من تجار الماشية يعطون أولوية كبرى للتصدير أو تهريب أعداد كبيرةمنهاويستفيدون من الحالات التي تعيشهاالثروة الغنمية هذه الأيام للحصول على العواس بأسعار متدنية.
بالمقابل الحكومة تنبهت لمخاطر هذا الموضوع فسارعت إلى تنظيم عملية التصدير لذكورالعواس لخلق حالة من التوازن بين حاجة السوق المحلية من لحومهاوطلبات التصدير وكثيراً ماصدرت قرارات صارمة منعت تصدير إناث العواس السوري وحدت كثيراً من توجه التصديرللذكور وبالتالي فهي مطالبة اليوم بتقصي هذه المشكلة المتمثلة في الإقدام على بيع وذبح إناث العواس وإيجاد البديل المنطقي في توفركميات العلف اللازمة خاصة إذا علمنا أن المخصصات المحددة لرأس الغنم لاتزيد على /21/كغ من النخالة وغيرها من المواد العلفية سنوياً وهذا الرقم بالتأكيد لايمكن قياسه على الإطلاق مع الميزات الممنوحة لمربي الخيول الأصيلة حيث تقدرالمخصصات الشهرية لكل رأس بما يعادل /150/كغ نخالة و100 كغ شعير وتم استبدال الشعير بالقمح..وهنا كلام آخر!!
المهم أن مسألة المخصصات العلفية على مافيها من مساحات للجدل ستكون موضوع بحث لاحق. لكننا اليوم أمام مسألة توفر هذه المخصصات عبر منافذهاالرئيسية التي تشكل مراكز الأعلاف أهمها وهي موزعة على مساحات جغرافية مختلفة وينظم عملها علاقة وثيقة مع جمعيات مربي الأغنام في سورية ومع المربين بشكل عام.
والغريب هنا أن مظاهر المشكلة تبدو أكثر وضوحاً لدى تلك المراكز خاصة وأن إتهامات شتى وجهت لجمعيات المربين عن تقديم بيانات وهمية لعدد القطعان بهدف الحصول على كميات كبيرة من المخصصات تزيد على حاجة القطيع وزادت هذه الاتهامات عن دخول بعض الجمعيات محاورالسوق السوداء واحتكار المادة وبيعها بأسعار تزيد كثيراً عما هي عليه في مستودعات المؤسسة وبالمقابل ثمة من يتحدث عن فساد في تلك المستودعات التي تحجب المادة وتقدمها لتجار معينين لبيعها في تلك السوق السوداء ويستدل على هذا الأمر من أن مؤسسة الأعلاف بدأت قبل عام ونصف العام تقريباً حملة مكثفة لمحاربة مايسمى بالفساد في عدد من فروعها لكن نتائج هذه الحملة لم تقدم الكثير من الدلائل المقنعة وبقيت معلوماتها ونتائجها بعيدة عن النشر وهنانسأل عن الضوابط لمنع التلاعب بالأعلاف خاصة مع وجود مخازين جيدة في الأسواق هي بالتأكيد لدى التجارالمحتكرين وليست في مستودعات المؤسسة وكما علمنا فإن هذه المخازين لو يتم ضبطها تستطيع سد حاجة السوق لأكثر من عام كامل.
أضف إلى ذلك إن اتحاد الفلاحين وقف محتاراً أمام الكثيرمن الوقائع خاصة وأن المربين قدموا له استغاثات واضحة يطالبون فيها بتوفير الأعلاف بكميات كافية وتوزيعها بعدالة لدى مستودعات ومراكز التوزيع .هذه الأزدواجية تطرح الكثير من الأسئلة عن دور مؤسسة الأعلاف في تأمين حاجة السوق وتزويد مراكزهابالمخصصات الكافية ودور الجهات الأخرى البحث في المخازين الاحتكارية ومحاسبة المرتكبين والمحتكرين وتفويت الفرصة عليهم من التحكم بالسوق وفق مصالحهم التي لاتنتهي.
بالمقابل لابد من إجراءات صارمة بشأن حركة المواد العلفية وزراعةالشعيروغيره فالموسم السابق وحسب اتحاد الفلاحين أيضاً كان جيداً لكن منتجات هذا الموسم من محاصيل الشعيرتركزت في مواقع أخرى نتيجة غياب المتابعة حيث استبق التجار الموسم بضمان المحصول وشرائه لحسابهم و تخزينه لمثل هذه الأوقات.
وبالعودة إلى السجال الذي تحدثنا عنه بين مؤسستي الحبوب والأعلاف في حلب نقرأ أن المشكلة تعود لعام 2006 وربما قبل ذلك وتداعياتها لازالت مستمرة.
فالحبوب توجه اللوم على الطرف الآخر بأنه لم يستلم ولم يستجر الكميات المطلوبة وفق الاتفاق الموقع بين الادارتين العامتين للمؤسستين رقم /2285/ تاريخ 19/2/2007 وأشارت إلى ضعف استجرار الأعلاف ولديها الكثير من المراسلات التي تؤكد ماتقوله.
لكن الثانية دافعت عن الموضوع بأنها غير معنية بمخلفات الأرضيات ونواتج الغربلة وغير ذلك .. وهكذا كانت النتيجة بيع الكميات للقطاع الخاص أصولا.
المهم أن الخاسر الأكبر في الحالتين هم المربون والثروة الحيوانية والأبقارالتي تحتاج بشدة للمواد العلفية خاصة وأن المقننات العلفية التي يتم توزيعها لاتكفي حاجة هذه الثروة لشهر واحد هذا غير الحديث عن تأخر التوزيع لعدة أشهر.
وإذا كانت الأعلاف ستستجر كامل كميات المواد عن عامي /2006-2007/ وماقبلهما فذلك لن يغطي إلا الجزء القليل من متطلبات الثروة الحيوانية.
والسؤال إلى متى يبقى هذا الملف الساخن مفتوحاً على مصراعيه فلا الحلول ظهرت لإغلاقه ولا الكميات المتوفرة تفي بالغرض ..ومربو الأغنام والأبقار لازالوا يستغيثون ويطلبون حاجة الغذاء لمكونات اقتصادية لايستهان بها على الاطلاق.