كنا على موعد....
اتصلت به منذ أيام معايدا, لكنه رغب في لقائي أكثر, واتفقنا على هذا اللقاء قبل ثلاثة ايام فقط لكن رياح الموت كانت أسرع مني إليه.
تعرفت إليه من خلال لقاءات عدة جمعتني به, استطعت من خلالها أن أستفيد من كل دقيقة جالسته فيها, كان يجيبني وبكل تواضع عن أي سؤال, ورغم بلوغه التاسعة والثمانين من العمر كان دائما مبتسما, متفائلا ,كريما, معطاء.
وللذكرى فقط:
قام أحد الزملاء بلقاء معه وللأسف حصل خطأ مطبعي غير مقصود في هذا اللقاء فاتصل بي وقال: إنني عاتب عليك أشد العتب, قلت له لماذا? قال: ألم تر الخطأ الذي حصل, لماذا لم تصححه?! بعدها شعرت بأنه قد منحني شرفا كبيرا يجعلني أكثر تفاؤلا في الحياة وألقى على عاتقي بمسؤولية كبيرة.
الحقيقة ستبكي الثقافة حزنا وألما على فقيدها الغالي, ولن تستطيع اللغة أيا كانت التعبير عن فداحة الخسارة التي منينا بها جميعا برحيل المفكر الكبير د. عبد الكريم اليافي, وكثيرون سيكتبون عنه وعن علمه وثقافته لكن خسارتنا به أكبر من كل الكلمات واللغات.
استأذنا الغالي نودع فيك علما بارزا من اعلام ثقافتنا وأبا, ومعلما فاضلا.
المبدعون لا يموتون فهم وإن رحلوا جسدا سيبقون أحياء في ذاكرتنا بما زرعوه فينا من قيم العلم والثقافة.
تفقده الموت فارتدى كفنه تاركا لنا الحيرة لتملأ تلك المساحات البيضاء بكلمات عن رجل يعرف انه لا يرحل..