جورج بوش رئيس الولايات المتحدة بات في العد التنازلي لأفول «نجمه» الذي أحرق بنار حروبه مناطق في الشرق الأوسط ,كانت آمنة ولم تكن يوماً بأسوأ من واقع الاحتلال ومظالمه.
آخر هذيان بوش ودعواته الكاذبة انطلقت على لسانه وراحت تشق الظلام السياسي الذي نشرته إدارته من بيتها الأبيض بإيجاد دولة فلسطينية وبأي شكل قبل نهاية فترته الرئاسية المشؤومة.
والسؤال الذي يفرض نفسه: كيف يمكن لبوش أن يجمع الأخوّة الفلسطينية التي فصم عراها مع حلفائه الصهاينة بنار الفتن وجنى ثمارها فرقة وتشرذماً و شقاً في الصف الواحد, حتى أصبح الوضع ينذر بحرب الأهل وتناحر الدماء الواحدة?.
وكيف يمكن لدولة أن تنهض وتحيا بالتهديد والوعيد والسيف المسلط على الرقاب والدعم والتمييز اللا متناهي للكيان الصهيوني دون أي اعتبار لإنسانية الإنسان أو حتى لأدنى حقوقه المكتسبة والمتعارف عليها في السنن والقوانين.
ولو سلمنا جدلاً بكلام بوش فإن مقومات هذه الدولة هي إيقاف عمليات الاستيطان السرطانية والتهويد والعزل لمدينة القدس وفك الحصار الخانق على الضفة والقطاع.
و إذا كانت الولايات المتحدة ملتزمة بمعزوفة (حماية أمن إسرائيل) فكيف يمكن أن تسعى لقيام وإحياء دولة فلسطينية تقابل في الوجود والموازين الكيان العبري? وهو من وجهة نظر الحليفين يهدد إسرائيل ويفتح الأبواب على مصراعيها لاختراق أمنها المزعوم.
إن وعد بوش بإنشاء الدولة الفلسطينية ينطوي على مفارقة صارخة ومضحكة في الوقت نفسه, كيف لا, وهو الذي قاد أبشع الحروب ودمر واحتل من خلالها دولاً قائمة بكل مكوناتها?. الأمر و اضح كالشمس فمن يهدم ويبعثر الدول ليس بوسعه أن يبني حجراً صغيراً في جسم أي دولة, ولاسيما في مناطق ساخنة تحاصرها التناقضات ويحلق في سمائها حمام الموت والجوع والخراب.
بوش الذي يعيش في آخر عهده المضطرب الأزمات بأنواعها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً, يريد تحقيق شيء ما حتى بالكلام, فالنصر الكلامي المزركش بالأباطيل والمماطلات هو ماتبقى لسيد بيت أبيض نشر السواد على امتداد سنوات حكمه الثماني.
لقد حان الوقت لكي يعي بوش أنه تعرى بعد أن سقطت جميع الأوراق التي استتر بها وذرتها رياح العمل السياسي والتجارب التي أكدت فشلها الواحدة تلو الأخرى على محك التأكد والتحقق.
الأقاويل والتصريحات باتت كثيرة وأصبحت يافطات تعلق على واجهات الأزمات وتزال آلاف المرات, ليس لشيء بل للعب سياسي صار مكشوفاً ومفضوحاً.
فبضعة أشهر متبقية من حكم بوش لن تحقق شيئاً ولن تحل قضية كبيرة وشائكة بحجم القضية الفلسطينية التي تحتاج لوقت وجهد وعدالة وشمول أبعد ما يكون بوش عنها.
إن الأزمة المالية العالمية الذي يتحمل بوش مع صقور إدارته مسؤولية بروزها لن تشغله عن هكذا وعد فحسب بل ستجعله يسعى للحفاظ على ولاياته المتحدة من الانهيار والإفلاس.