انه من أجل التوصل الى اتفاق سلام ينبغي الانسحاب من معظم أراضي الضفة والجولان, وكذا من شرقي القدس...فقد قلت قبل خمس سنوات في مقابلة مع »يديعوت أحرونوت« وأقولها اليوم انه في نهاية المطاف لدينا فرصة محدودة بالزمن زمن قصير لدرجة الأزمة الفظيعة في انه يمكننا ربما القيام بخطوة تاريخية في علاقاتنا مع الفلسطينيين وخطوة تاريخية في علاقاتنا مع السوريين.
في الحالتين التقدير بأننا ملزمون بأخذ القرار الذي نرفض حتى النظر إليه على مدى الأربعين سنة الماضية .
ويعتقد شمعون شيفر- وناحوم بارنيع اللذان أجريا هذه المقابلة بان اولمرت يحاول في هذه المقابلة : ترك بصمة مزدوجة فهو يقول:حان الوقت للخروج من المناطق, يقول, بما في ذلك من الضفة ومن شرقي القدس مع ترتيبات كهذه أو غيرها, وكذا من هضبة الجولان .
ويعلق على الجهاز السلطوي في إسرائيل وهو يعترف بأنه اخطأ في أفكاره السياسية وفي أعماله على مدى عشرات السنين. مفهوم الأمن السائد في التفكير الإسرائيلي يلغيه هو إلغاء تاما.
ففي الشأن الفلسطيني يقول اولمرت نحن نقف أمام الحاجة للقرار ولكن غير مستعدين لان نقول لأنفسنا, نعم, هذا ما يجب ان نفعله.
يتعين علينا الوصول الى اتفاق مع الفلسطينيين, والذي يعني ان ننسحب عمليا تقريبا من المناطق, ان لم يكن من كل المناطق. سنبقي بأيدينا نسبة في المائة من هذه المناطق, ولكن سيتعين علينا أن نعطي الفلسطينيين نسبة مشابهة, إذ بدون هذا لن يكون سلام .
بما في ذلك في القدس مع حلول خاصة اعرف كيف أراها في خيالي في موضوع الحرم والأماكن المقدسة والتاريخية. من يتحدث بجدية عن انه يريد أمناً في القدس ويريد ألا تقطع الجرافات والتراكتورات أرجل الأصدقاء.
ويقول في الموضوع السوري أيضا: ما هو مطلوب لنا أولا وقبل كل شيء هو الحسم. أريد ان أرى إذا كان هناك شخص واحد جدي في دولة إسرائيل يؤمن بأنه يمكن صنع السلام مع السوريين دون التخلي في نهاية المطاف عن هضبة الجولان يخيل ان مقرري السياسة في إسرائيل يصلون الى هذا الاستنتاج فقط عندما لا يعود بوسعهم الحسم في هذه الأمور بأنفسهم .
وبشأن حرب لبنان الثانية, يقول أولمرت: إنها ستدخل التاريخ كونها أول حرب أدرك الجهاز العسكري فيها أن الحرب الكلاسيكية ولّت من العالم, وفقط بوغي يعلون (رئيس الأركان الأسبق), بإمكانه التفكير بأننا لو دخلنا مع كل الجيش الإسرائيلي إلى لبنان كانت ستنتهي الحرب بصورة مختلفة, لكن عندها سيكون لدينا مئات القتلى بينما النتائج ستكون ذاتها , معتبراً أنها الحرب الوحيدة التي انتهت باتفاق سياسي مباشر, وذلك في إشارة إلى القرار 1701 .
أما البصمة الثانية بحسب شيفروبارنيع فهي تتعلق بالتحقيقات فاولمرت يعلم علم اليقين السمعة السيئة التي نشأت له كسياسي فاسد والضغينة تجاهه لدى أجزاء واسعة من المجتمع الإسرائيلي. وهو متأثر يحس بالإهانة في أعماق نفسه ولكنه يرفض التباكي.
وهو مقتنع بأنه في النهاية سيخلص نفسه من مشاكله القانونية وان كان هذا سيستغرق زمنا طويلا ويجبي ثمنا شخصيا باهظا .
فهو يعبر عن قلقه العميق إزاء ما عجز عن تحقيقه وعن مسلسل للإخفاقات والهزائم التي مني بها وتصنيفه كأحد أسوأ من حكموا إسرائيل وأكثرهم فشلا وفسادا بطريقته الخاصة ليقول: ما يهمني الان هو الى أين تسير إسرائيل. أنا قلق من المخاطر ومتشجع من الاحتمالات. مشكلة الزمن التي أتحدث عنها ليست زمني الخاص, ليست الفترة المتبقية لي على كرسي رئيس الوزراء. أنا اعترف بان شيئا واحدا أثار انفعالي هنا. ما يشغل بالي هو ماذا ينتظر أطفالي وأحفادي. بعد عدة سنين سيسأل أحفادي ماذا فعل جدهم وأي دولة خلفها لنا .
حزب كديما حزب اولمرت أول من وجه سهام الانتقادات الحادة لما قاله اولمرت في المقابلة بخصوص مدينة القدس والحدود إذ قال رئيس الائتلاف الحكومي يوئيل حسون من كديما مواقف رئيس الوزراء كما عرضت في المقابلة تتعارض وبرنامج كديما. . ومع ذلك فان موضوع القدس أو حدود دولة إسرائيل جدير ان يحسم في استفتاء شعبي .
أما ردة فعل الليكود فقد كانت أكثر سخرية وهجوما فوصف نائب المدير العام لليكود لشؤون الإعلام اوفير اوكونس تصريحات اولمرت بخروج الأرنب من الكيس وان لفني كانت جزءا من حكومة اولمرت, وهي نفسها جزء من المفاوضات التي وعد فيها الفلسطينيون, كما كشف اولمرت النقاب بنفسه, بتقسيم القدس والعودة الى خطوط 67 بما في ذلك في الغور وفي الجولان. هذا هو الوجه الحقيقي لكديما .
و انضم الى ردود الفعل هذه النائب الليكودي جدعون ساعر وقال: بعد أن أزال اولمرت الستار عن المفاوضات التي أدارها هو ولفني مع الفلسطينيين, فان على شاس ملقاة مسؤولية تاريخية لإرسال حكومة اولمرت الثانية, برئاسة لفني الى البيت قبل ان تتشكل. عليهم أن يمنعوا إقامة حكومة يسارية .
وفي مقابل ذلك , قال رئيس ميرتس النائب حاييم اورون: يدور الحديث عن أمور هامة جدا قيلت بشجاعة ولا سيما في ضوء المواقف التي اتخذها اولمرت في الماضي. خسارة أن الأمور تأتي في ختام ولايته, ومع ذلك فلا تزال لها أهمية. أنا آمل جدا ان تبدأ تسيبي لفني من هذا المكان, ولا تصل إليه في خطابها الوداعي .
أما نائب وزيرة الخارجية مجلي وهبة فقال:ما قاله اولمرت يجسد كم ستنقصنا زعامة اولمرت, الذي أراد ان يقود دولة إسرائيل نحو شاطىء الأمان ولكنه اضطر للتصدي الى حملة صليبية لا هوادة فيها للإطاحة به .
وبدوره قال رئيس كتلة الاتحاد الوطني المفدال النائب أوري ارئيل ان التجربة الإسرائيلية أثبتت بان كل هروب وانسحاب لا يحقق الخير الوطني . كل يوم يمكن طلب المغفرة من شعب إسرائيل عن هذه الأمور, ولكن بالذات في الأسبوع قبل يوم الغفران جدير برئيس الوزراء أن يعتذر عن أنه عمل خلافا لبرنامج حزب وعمليا فانه يخدع ناخبيه.
ووصف وزير الخارجية الأسبق سيلفان شالوم, احد قادة الليكود, اولمرت بأنه ساذج, معتبراً انه بات أكثر يساراً من حزب ميرتس. وقال يوسي بيلين إن أولمرت ارتكب خطيئة لا تغتفر. عندما لم يعد لديه ما يخسره كشف عن مواقفه الحقيقية بشأن المصالح القومية لإسرائيل , مضيفاً أنه : لا شيء أكثر سخرية من الإيمان بهذه المواقف, وضم إسرائيل بيتنا بزعامة (افيغدور) ليبرمان إلى حكومتك, وأن تسافر إلى أنابوليس بيدين فارغتين وتجري مفاوضات لشهور طويلة مع سوريا وأبو مازن, سترمى في مزبلة التاريخ فور خروجك من منصبك .
ومما لاشك فيه أن اولمرت اضطر في نهاية المطاف الى مواجهة الواقع والاعتراف بان هناك حقائق طرحت نفسها رغما عنه برغم كل المحاولات الإسرائيلية للحيلولة دون بروز هذه الحقائق الى واقع الصراع ومنها شن حرب شاملة استمرت ثلاثة وثلاثين يوما على لبنان الى جانب الغطاء السياسي الأمريكي والأوروبي الى حد ما لكل سياساتها وممارساتها حيال الفلسطينيين . فقول اولمرت على سبيل المثال بان الجيش الإسرائيلي فشل في الحرب التقليدية وأن هذه الحرب أي التقليدية قد ولت الى غير رجعة دليل واضح على هذه الحقيقة المرة التي يواجهها الإسرائيليين لأول مرة منذ إقامة كيانهم على الأرض الفلسطينية.
ووضع أولمرت في الأشهر القليلة الماضية عددا من الحقائق السياسية أمام الإسرائيليين أهمها: أن عدم التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين سيقضي على دولة يهودية في إسرائيل, وأن السلام مع سورية مشروط بانسحاب كامل من الجولان وتعتبر هاتان الحقيقتان إرث اولمرت لرئيس الوزراء الذي سيخلفه بعد استقالته من منصبه اليوم.