في وقت لا يزال محرك البحث لديه مبرمجاً على رسم حدود المنطقة الآمنة المزعومة في مخيلته المهترئة، وصفحات الوهم التي جمعها في ألسنة السراب، لأن تلك «المنطقة» لن تخدم إلا سياساته العدوانية والتوسعية التي يريدها قاعدة انطلاق لأماكن أخرى يسيل لعابه عليها.
المشغل الأميركي يعطيه المزيد من الأيقونات، ويفتح له الكثير من الخيارات، لكنه في نهاية المطاف يغلقها أمامه بروابط ترويجية جديدة، الهدف منها تسجيل عدد مرات الدخول ليس إلا، لأن خزان المعلومات لديه، والكلمات المفتاحية على نوافذها وملفاتها، وجلسات الولوج إلى كلمات السر في ذاكرتها، وهي وحدها القادرة على كشف ما بجعبتها، وبالتالي لن تعطي غير ما تريد، وتشفر ما تراه مناسباً، ولذلك تراها تتفاوض معه، وتسير معه حتى خط النهاية، دون كلل أو ملل من البحث، وإعادة التهيئة والضبط، ولا يتوقف هذا الأمر فقط مع تركيا، بل تستخدم الأسلوب ذاته حتى مع من نظنهم لها شركاء، وما رغبتها بإعادة «الدواعش» الذين ارتكبوا الجرائم في سورية إلى أوروبا، إلا دليل على ذلك، في الوقت الذي يجب أن تبحث لهم عن حل لإنهاء وجودهم وتفكيك قواعدهم دبلوماسياً كان أم عسكرياً.
بالمقابل لدى الشريكين الروسي والإيراني رؤية عن نية رئيس النظام التركي وما يضمر في داخله، ويعلمان أفق طريق المناورة الذي يريد سلوكه، كما يدركان طول ذاك الطريق وأبعاده، وإلى أي حد يتسع لأطماعه وأحلامه المتورمة، لكنهما لا يكترثان لتلك النيات، مادامت لديهم غاية مشتركة هي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية التي تمثل لهما أولوية لا يوازيها أي شيء في الأهمية، مهما بدّل أجير الإدارة الأميركية من مفردات وكلمات البحث في حقول محركه.
سورية وحلفاؤها يحسمون المشهد اليوم، والحرب في خواتيمها شاء من شاء، وأبى من أبى، بعد أن تحولت آليات المرتزقة وداعميهم إلى توابيت في مناطق وجودهم، وساد الصمت في الأرجاء التي قصدوها بعد كل تقدم كان الجيش العربي السوري يحرزه بخطاه الواثقة، ليرتفع لديهم هرمون الكآبة، ويجري في عروق مستخدميهم والمستثمرين بهم وكأنه فيروس سريع الانتشار، وذلك ليس من باب التفاؤل، لكنه حكماً يتولد من رحم الواقع وتطوراته الأخيرة التي حصلت في الأرياف والمناطق التي ظن الإرهابيون أنهم سوف يستعصون فيها أبد الدهر.