تتضمن الكتاب العديد من المواضيع الإنسانية والاجتماعية والوطنية عبّر من خلالها الكاتب عمّا يدور في خلده, وقد تنوعت المواضيع مابين الحكاية والترميز الأسطوري لرحلة معاناة السوريين، فجاءت العناوين متنوعة نذكر منها: (سيجارة ملهمة - قصة للمساء - حارة القطط - صلاة لملك البحر - الثعلب - أنا والورقة البيضاء - الرحلة الثمنة للسندباد...الخ)
وفي نصه المعنون (جلسة النطق بالحكم) لم يبق شيئاً إلا وأجاد به الكلام, جمع بين المعاني الجميلة والمفردات العذبة, ليظهر الحب سيد النص:
حين حكمت على قلبي بالإعدام شوقاً
لم أكن حينها أعرف معنى الاحتراق
لم أكن حينها أعرف معنى الاشتياق
كنت أظنني أهرب بين عينيك وصدغيك
من اشتياق إلى اشتياق
كسر قلبي الخارج
عن قانون الجاذبية والالتصاق
أضلاع صدري
استعمل الأعلى منها والأسفل مجدافين
وامتطى جلدة حجابي الحاجز
وانساب مع دمي إلى حجرات بيتك
وبصوت لا يخلو من الحزن, وتأوه منه هالة من الأسئلة يكتب الحسين قصيدته (صلاة لملك البحار) فيجعلك تسير معه ليخبرك ما خلّف الدرب على صفحات ذاكرته, وماجعل به الحنين وكثرة الإمعان فيقول:
يا أيها البهيّ! يا أيها الأب السرمديّ!
يا أيها الرتيب رفقاً بنا وبهم !
أطفالنا اعتادوا رسم حدود ممالكهم
وتفاصيل ألعابهم
بالطبشور على مياهك
يانبتون العظيم
ارفع مذراتك عن أجسادهم
أنسيت أن البحارة في بلدي - آبائهم -
قد حرثوا حقول الموج لديك بشباكهم
وبذروا الأمل
في رُبا قلاعك البحرية بمراكبهم
وخشبهم المنتشي
برطوبة لعابك السكران على الرمال
مازال يردد صدى حُبهم لك وتعلقهم بك
فلماذا إذاً أكلت أبناءهم ؟
وفي نص جاء بعنوان «في حضرة الرخ» نرى الكاتب ينتفض أمام الحروب والإرهاب والقتل فيرفضها وينتقدها ويعرّي المتخاذلين فيها, كما يصوّر هذا القبح الذي تفشى على مساحات كبيرة من حياتنا, لكننا في المقابل نقرأ الأمل ومساكب الإنسانية تحاكي تنهدات الحرف لديه:
أخطبوط البحر له ثمانية أذرع
وللعنكبوت العدد نفسه من الأذرع..
كنت ممددا فوق هضاب عينيك..
حيث يحلو العد وتجميع قطعان الغيم..
أعد أذرع الأخطبوط.. أعد أرجل العناكب..
أعد أصابع الديناميت التي فجرت حينا..
أعد رموش الجزارين وما أحسنت يوما العد
ولا يرى رامز حاج حسين اختلافاً مابين القلم والريشة وما بين الكتابة والرسم، فالكلمة عنده لون للريشة والألوان حبر لقلمه, وهذا واضح في صفحات كتابه, ولهذا جعلنا نبحر في تفاصيل قصيدته (أنا والورقة البيضاء) عندما قال:
كلّ الاوراق البيض أمقتها
لدي لوثة منها, لا أعرف للراحة طعماً
حتى أملأها برسومي وكلماتي
أملأها بعبقي وشبقي
ثم أرسم دوائر دوائر دوائر
حتى أحيلها كالكحل وأطحنه
ثم أودعه أجنحة الفراش
وبطون النحل وقرون استشعار النمل
وأطلقها كدبيب الكريات البيض
في عروق من أحبهم
ammaralnameh@hotmail.com