ولا أحد أيضاً -طبعاً- يعرف متى سيتم الإفراج عن المخرجات التي يفترض أن تكون قد حضرت وبشكل متقن في مطبخ أهل الخبرة والاختصاص، وأصبحت جاهزة (شكلاً ومضموناً) للتنفيذ والتطبيق على المطارح الضريبية، ابتداء من أكبر المكلفين وصولاً إلى أصغرهم دخلاً.
لا أحد يعلم ماذا يجري داخل أروقة الهيئة العامة للضرائب والرسوم ولا حتى في كواليس اجتماعاتها، باستثناء الجعجعة التي تصدر بين الفينة والأخرى على شكل تسريبات من داخل القاعات المغلقة حاملة معها طيفاً واسعاً من الوعود والتطمينات والتأكيدات، التي تشير فيها الهيئة إلى أن قانونها الضريبي العصري (المودرن) العادل والمتطور سيخرج (شاء أم أبى) من عنق زجاجة التجاذبات والمناقشات والقيل والقال.
سياسة النفس الطويل، والطبخ على نار هادئة، هو الأسلوب المعتمد والمتبع في معالجة أهم الملفات الاقتصادية وأكثرها خطورة وحساسية على واردات خزينتنا العامة التي باتت اليوم بأمس الحاجة إلى نسف النظام الضريبي السائد حالياً جنباً إلى جنب مع التعديلات الشكلية لا الجوهرية التي تم إدخالها عليه والتي لم تلامس أو حتى تواكب المتغيرات الاقتصادية الاستثنائية الحالية، لا بل عارضت العنوان العريض لهذا المشروع المهم والمهم جداً لأسباب وغايات بات الصغير قبل الكبير يحفظها عن ظهر قلب، رغم معرفته ويقينه التامين كما هيئتنا العامة أن النظام الضريبي العادل يعني الانتقال من الندرة إلى الوفرة واقتلاع الفساد من جذوره حتى نهاية أطرافه، وارتفاع مؤشر واردات الخزينة العامة في هذا الوقت بالذات لتغطية الإنفاق العام ورفع مستوى الخدمات العامة والمصلحة العامة، وصولاً إلى زيادة الرواتب والأجور، وتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي على حد سواء، وتأمين فرص العمل والتعليم والرعاية والصحية، كل ذلك عن طريق معالجة وفك رموز وشيفرة هذا الملف التي ليست بشائكة أو معقدة (كما يحاول البعض الترويج والتسويق لها).. ولا حتى من خلال محاولات التنصل والتهرب من معالجة ملف التهرب الضريبي الذي لن يقبل القسمة على اثنين بعد اليوم.