فيه صالات السيد وعشتار ومصطفى علي والأرت هاوس وتجليات وسامر قزح وجورج كامل وفاتح المدرس وألف نون ومشوار وزوايا. والأخيرة هي أحدث صالات العرض في دمشق، وقد حصلت على ترخيصها يوم إقامة المعرض، وتقيم غداً الأربعاء معرضها الافتتاحي.
الصالات الإحدى عشرة المشاركة في المعرض المشترك هي عملياً كل الصالات الخاصة التي تعمل في دمشق حالياً. والمبادرة التي أقدم عليها الاتحاد تحمل - إضافة إلى فرصة مشاهدة الأعمال المهمة التي عرضتها الصالات - قيمة رمزية تتصل أساساً بالعلاقة بين الاتحاد وصالات الفن التشكيلي، وهي علاقة اتسمت غالباً بضعف الثقة لأسباب عدة قد نتطرق إليها في وقت لاحق. ولأن الأمر هكذا لم تتجاوب الصالات الخاصة، ولا الفنانون التشكيليون، مع دعوة أطلقها الاتحاد عام 2001 (نقابة الفنون الجميلة يومذاك) لتسجيل أعمال الفنانين لديه مقابل وثيقة بالتسجيل دون مقابل، حماية لها من التزوير، ومن السرقة، وتوثيقاً لحركة انتقالها، ومستقرها الأخير.
صالة الشعب التي استضافت معرض الصالات هي أقدم هذه الصالات، وأثراها تاريخياً بالمعارض والندوات والأنشطة التشكيلية المتعددة. وقد أُحدثت مطلع السبعينات لصالح نقابة الفنون الجميلة، كواحدة من أكبر صالات العرض حينذاك (إذا استثنينا صالة المتحف الوطني بدمشق)، وفي وقت لاحق تم استملاكها بشكل دائم كصالة للنقابة بمبادرة من الدكتورة نجاح العطار. وقد سبقت صالة الشعب عدة صالات خاصة، وربما كانت الريادة في هذا المجال للمكتبة العمومية التي كانت قائمة في الأربعينيات مواجه مقهى الهافانا بدمشق، حيث كانت تعرض في واجهتها كل أسبوع لوحة لأحد ثلاثة فنانين متنافسين هم ميشيل كرشة وسعيد تحسين وعبد الوهاب أبو السعود، وكان هواة الفن ومحبو الفنون الجميلة ينتظرون يوم السبت ليشاهدوا اللوحة الجديدة. وفي وقت لاحق بدأ نشوء صالات العرض، وقد لعبت دوراً مهماً في الحياة التشكيلية والثقافية السورية، وخاصة صالة (الفن الحديث العالمي) لمحمد دعدوش التي تأسست أواخر عام 1960 وأصبحت فيما بعد صالة (أورنينا للفن الحديث) وتبدل مكانها غير مرة، وصار يديرها شقيقه الفنان محمود دعدوش.
على امتداد الخمسين سنة التالية افتتحت بضع صالات في دمشق كان من أهمها صالة (الصيوان) التي تأسست عام 1962 وكانت تقوم في (شارع الكنيسة) أحد تفريعات شارع الجلاء (أبو رمانة) ويديرها الفنان غياث الأخرس والسيدة منى أسطواني. إلى أن أطلت التسعينيات فشهد مطلعها افتتاح عدد كبير من صالات الفن التشكيلي بما وصف يومذاك بـ (فورة الصالات)، وأدى هذا إلى زيادة عدد المعارض بشكل كبير وبالتالي زيادة اهتمام الوسط الإعلامي والثقافي بهذه الظاهرة، فوجد من اتهمها بالمسؤولية عن تدهور الفن التشكيلي، كما وجد من أعطاها شرف نهضة هذا الفن. ودون الغوص فيما قيل عن هذا الموضوع فإنه من الضروري ملاحظة بضع نقاط قبل توجيه الاتهام أو الثناء، أولها أن حركة افتتاح الصالات لم تكن دائماً حركة متصاعدة، بل على العكس من ذلك كانت حركة يسودها ارتباك واضح، فكثيرة هي صالات العرض التي افتتحت ثم أغلقت بعد وقت قصير. وثانيها أن القسم الأعظم من أصحاب الصالات الأولى أو مديريها كانوا من الوسط التشكيلي وكذلك الأمر بالنسبة لبعض الذين جاؤوا بعدهم. وثالثها أن صالات العرض التي افتتحت في ذلك الوقت اعتمدت على السمعة المسبقة لفنانينا التشكيليين ولم تقم هي بصنع هذه السمعة. ومع الإقرار بأن ظاهرة صالات العرض إنما هي نتيجة تحولات اقتصادية واجتماعية بالدرجة الأولى، فإن ما يعنينا هو دورها في خلق العلاقة بين الفن التشكيلي والجمهور، وقد تكون في هذا المجال الحلقة الأكثر أهمية. وهي -حتى في جانبها التسويقي- خيار أفضل، بالنسبة للجمهور، مقارنة مع تجار اللوحات الذين لن يتاح للجمهور مشاهدة ما يشترون، من إبداعات فنانينا، ويبيعون.
نقطة إضافية تسجل لصالح معرضنا هذا، وهو رعاية محافظة دمشق له، وهي رعاية نأمل أن تعم جميع البلديات والمحافظات، فهي مسؤولة -أيضاً- عن الارتقاء بالذائقة الجمالية.
www.facebook.com/saad.alkassem