لما كان لها من تأثير كبير على الساحة الدولية في بعض القضايا المطروحة، وفقا لمفهوم الأمن الشامل الذي يدعم السلام والاستقرار الدوليين، الذي يجعل العالم أكثر أمنا وأمانا، وأكثر عدلا من خلال تكثيف التعاون، لكن التغير في البيئة التشغيلية العالمية، وضع الأمم المتحدة في مواجهة تحديات كثيرة وقاسية جدا عانت منها الكثير من شعوب العالم، بسبب انعكاس طابع التغير في العلاقات بين القوى العظمى، وظهور مراكز مالية جديدة وسياسية ساعية للسلطة من بين البلدان النامية.
مجلس الأمن الذي يعد أحد مؤسسات هذه المنظمة الدولية ومن أجهزتها الرئيسية، وبموجب ميثاقها، يتحمل المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين، عند الضرورة، وهو يأذن باستخدام القوة لاستعادة السلام أو منع تهديد السلام عبر الأدوات المتاحة لها من خلال الدبلوماسية والمواقف السياسية، وعمليات حفظ السلام، ومسؤولية الحماية، والعقوبات، وكملاذ أخير في اللجوء إلى استخدام القوة، ووفقا للميثاق: لا بد من تنظيم مجلس الأمن حتى يتمكن من ضمان إجراءات سريعة وفعالة من جانب الأمم المتحدة لتحقيق أهدافه الذي أنشئ لتكريسها وصون استمرارها بشكلها المطلوب.
الجمعية العامة ومجلس الأمن باتا بحاجة إلى آلية جديدة، ولكن لايوجد اتفاق على ما ينبغي القيام به أو كيفية تحقيق ذلك، ولا سيما بين البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية، ولكن داخل الأمم المتحدة ذاتها، تختلف الدول الخمس دائمة العضوية والدول النامية حول مستقبل مجلس الأمن ودور حق النقض، والدول الأعضاء بحاجة إلى إعادة تقييم يمكن ما في وسعها وليس من المتوقع أن تفعل ذلك في وقت قريب، باعتبار أن الأمم المتحدة نظام متعدد الأطراف، وينبغي توسيع وتعزيز شرعيتها والامتثال للقانون الدولي، أو أن تتصالح مع مبادئها وتاريخها، لأن السياسة الحالية وهيكليتها لا تتناسب مع المثل العليا والقيم التي أعربت عنها في ميثاقها، بما يضمن دورا لها شبه مستقل.
المفارقة العميقة تبرز هنا ان الأمم المتحدة أصبحت غارقة في طرق الحكم التي لا تعكس عالم اليوم بما يخدم الأمن والسلم العالمي، فالجدل يتصاعد ويسبب الجمود السياسي في كل مكان، فيعزل البلدان النامية عن المشاركة في مركزية المنظمة كونها بيت الجميع، ما يسبب هشاشة في دورها الذي بات أكثر وضوحا في الآونة الأخيرة.
فإذا أرادت استمرار هيئاتها الدولية عليها الالتزام بتعهداتها تجاه الدول الأعضاء بما يعكس نتائج توضح قدرتها على التعامل والوفاء للأسس التي أنشئت لأجلها بشكل فعلي، فلا ينقصها إلا القليل لترجمة أقوالها إلى أفعال حقيقية، لأن أهم ما يجب أن تحققه هو صيانة المجتمع الدولي من خلال توسيع عملية صنع القرار واحترام حقوق الدول وصون سيادتها والمساواة في تطبيق القرارات المتخذة على جميع الدول دون استثناءات.
إن طبيعة التلوث البيئي العابر للحدود واللاجئين والتدفقات غير المشروع للأسلحة والمخدرات وشبكات الاتصالات العالمية عبر الحدود الوطنية، والتحريض على الجريمة وشرعنتها، يهدد مستقبل الأمم المتحدة ويوسع الشرخ الواضح في مصداقيتها كمنظمة داعمة للتوازن الدولي، ويضعها أمام مشكلتين أساسيتين: هما غموض دورها في العالم، وعدم قدرتها على التكيف مع تغيره، علاوة على ذلك لم تستطع منع أعمال الدول العدوانية، ما جعلها تبدو ضعيفة أمام بعض القوى وغير قادرة على الحل وكأنها في طريقها إلى الانهيار كمنظمة دولية، ما دفع الى تأسيس منظمات تحالفية دولية جديدة تنافسها في دورها وربما تأخذ مكانها مستقبلا، إن لم تتلاف تسييس قراراتها، لأنها باتت تستخدم كقناع لإجراءات تنتهك القيم العالمية. كل المشكلات على جدول أعمال الأمم المتحدة تتطلب إمكانات عسكرية هائلة، وموارد مالية ومادية وموظفين، لكن الدول الأعضاء لا ترغب بوضعها كمبادرات لتكون مفتاح السلام والأمن في العالم، إضافة إلى تطوير طرق جديدة لعمل السياسة الدولية لإيجاد حلول للمشكلات المحتملة.
حقيقتان متناقضتان تهيمنان على الساحة الدولية هما زيادة الطاقة وخفض الشعور القومي والوطني، وقد حان الوقت لمعالجة هذا التحدي المتمثل في هذا التناقض، وحتى لو كان هناك اتفاق حول دور قوي لها، فإن ذلك سيتم بمعدات غير مجهزة أو غير كافية لممارسة ذلك.