وخصوصاً إصلاح مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة؟!
الإجابة عن هذا السؤال لا تحتاج إلى كثير عناء لتفسيرها فعلى سبيل المثال فإن آلية التعاطي داخل مجلس الأمن الدولي لا تزال تفرض رؤى الخمس الكبار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا،
وإذا كانت روسيا والصين تحاولان إعادة التوازن إلى داخل المجلس وعدم استخدام الفيتو إلا في حالات الاخلال بهذا التوازن أو ردع القوى العظمى الأخرى عن استخدام المجلس لتحقيق أهدافها فإن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا التي يحق لها استخدام الفيتو أيضاً حاولت على مدى الستين سنة ونيف الماضية تطويع المجلس لصالح أهدافها وأجنداتها وبالدرجة الأولى لتمكين الكيان الإسرائيلي في الاستمرار في احتلال الأراضي العربية.
فمع الحديث عن أي مشروع قرار عربي يطرح على مجلس الأمن لنصرة القضايا العربية وخصوصاً القضية الفلسطينية كإدانة الاستيطان ووقف بناء الجدار العنصري وتحويل «إسرائيل» إلى مجلس حقوق الإنسان وإدانة جرائمها وتحويل ملفاتها إلى محكمة الجنايات الدولية يظهر للجميع وعلى الفور التحدي الأميركي السافر للإرادة العربية والدولية ونرى كيف تقوم الولايات المتحدة بالتستر على جرائم «إسرائيل» وإرهابها المنظم واستخدام الفيتو ضد أي مشروع قرار في هذا الاتجاه.
والمفارقة الأخرى الصارخة في هذا الاطار هي محاولة فرض أميركا لرؤيتها على بقية أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين والمؤقتين وتمرير القرارات دون أي فيتو محتمل من قبل روسيا والصين، وعندما يتعلق الأمر بجرائم ربيبتها «إسرائيل» فإنها تلقي بكل ثقلها لتمرير الأمور على شكل بيانات رئاسية من مجلس الأمن أو بيانات صحفية، مع أنها تتخذ القرارات الصارمة تحت البند السابع حين تكون القضايا المطروحة ستؤثر بالكيان الإسرائيلي لتجنيبه الإدانة والحصار.
وبهذه الصورة تكون القرارات قد تلقت ضربات قاصمة بسبب الفيتو الأميركي عندما تتعلق بالقضايا العربية وضربات قاصمة أخرى عندما تمرر تحت الفصل السابع عندما يتعلق الأمر بغزو هذه البلدان ونهب ثرواتها.
أما فيما يتعلق بالجمعية العامة للأمم المتحدة فإن نقلة نوعية في هيكلية بنائها وأنظمتها وقراراتها تحتاج إلى توحيد الجهود الصادقة في الأمم المتحدة لكي يكون الصوت الأقوى للجمعية على اعتبار أنها تضم جميع الأعضاء في الأمم المتحدة ولتكون إرادتها هي السائدة لطي حقبة الهيمنة على قرارات مجلس الأمن وبقية منظمات الأمم المتحدة وفي المقدمة الهيمنة الأميركية وبغير ذلك فإن اللوحة السائدة الآن ستظل هي البارزة في منظمات الأمم المتحدة وعلى رأسها الجمعية العمومية.
وهذا التغيير المطلوب أكثر واقعية اليوم مع ما يجري في العالم من انهيار نظرية القطبية الأحادية وتراجع دور أميركا في العالم عموماً وداخل الأمم المتحدة خصوصاً وظهور قوى صاعدة أخرى وظهور تجمعات عملاقة مثل «بريكس» وعودة روسيا إلى دورها الطبيعي الذي كان سائداً أيام الحرب الباردة.