يأتي مع حلول ذكرى رحيل الموسيقار الكبير, وفي سياق الخطوات الايجابية التي قدمها الوزير والباحث د. سعد الله آغا القلعة للحركة الموسيقية والغنائية العربية عبر اعداده وتقديمه في مراحل سابقة للعديد من البرامج التلفزيونية, ومن ضمنها برنامج حياة وفن فريد الاطرش , الذي تضمن حوالي 28 حلقة تلفزيونية لا تزال تعاد وتبث على بعض المحطات الفضائية العربية.
قد تؤثر الاحداث الدامية المتلاحقة في منطقتنا العربية على عمليات انشاء المتحف وتدفعها خطوات الى الوراء لكن من الذي ينشل الحركة الثقافية والفنية من مرحلة الجمود والسكون والتقوقع ويجعلها اكثر قدرة وانفتاحاً واشراقاً واسراعاً بانجاز مشاريع المتاحف الفنية والادبية ومن يمنح الصورة القاتمة الى درجة السواد , طابعها المتفائل الملون بالفرح والموصول بالمرح والامل والمستقبل.
كم من فنان عبقري او شاعر كبير او كاتب متميز.
يمضي ولا نذكره في وسائل اعلامنا بعد اقل من مرور عام على غيابه, رغم ان الجمهور يزداد تعلقاً بابداع هؤلاء عاماً بعد آخر, ولا تبعده اسئلة الحياة الصعبة عن التواصل مع المظاهر الابتكارية الحية والباقية في القلب والوجدان كبصمة لا تغيب ففريد الاطرش ابن سورية لم يكن فناناً عبقرياً وفذاً فحسب, بل كان المؤسس والمكتشف والمعلم والموجه والمنافس الاول لمحمد عبد الوهاب في مجالي الغناء والتلحين.. ولقد اكمل منذ البداية اوزان السحر المتغلغل في القوافي والكتابات الموسيقية بعد اكتشاف شفافية صوت شقيقته اسمهان, وبعد ان وجد في انسيابية صوتها الاوبرالي الحنان المفقود وتأملات الوجود.
لقد رحل عن عالمنا في 26 كانون اول عام 1974 ولا يزال بشهادة اصحاب مراكز توزيع الأشرطة والسيديات يحتل واجهة الصدارة في المبيع وذلك لأنه قدم الاغنية المتطورة والنابعة في آن من الذاكرة الشعبية الباقية والمستمرة الى اللانهاية.
واذا كانت فكرة انشاء متحف فريد واسمهان قد انطلقت في هذا الزمن المتوتر, من وزارة السياحة فمن واجبات الوزارة المذكورة تأليف لجنة رسمية للمباشرة بالمشروع وتكوين نواة المتحف بمساهمة فنانين ونقاد ومؤرخين للفن الغنائي والموسيقي حتى يصبح المشروع اكثر جدية وصراحة من المشاريع المشابهة في مجال التعريف بالابداع السوري والعربي.
نأمل خيراً, لأن السيد الوزير د. سعد الله آغا القلعة قد رافق منذ البداية احلام اعادة الاعتبار الى كبار مبدعينا في مجالي الموسيقا والغناء مع الاشارة الى ان التوثيق الالكتروني في هذا المجال قد بدأ فعليا في سورية عبر مبادراته وجهوده الخاصة.