والفنانة التشكيلية نور خوري نبتت في بيئة طبيعية خلابة خبرت بها معنى الالتصاق بالأرض ومكوناتها، ولمست أناملها الصغيرة أول حفنة من الطين لتحيلها إلى تحفة تفتح أمامها آفاقا رحبة لعلوم الجمال والفن واللون.
تعمل نور خوري بجد في مرسمها الذي تحول بمرور الأيام إلى صومعة تدور في محرابه كل مايتطلبه فنها من أدوات تتقاسمها مع لوحاتها لتشارك في ملتقيات خزفية ونحتية وأعمالها مقتناة في سورية ولبنان ولها عدة إيقونات في كنائس دمشق، معها كان هذا اللقاء:
-الفن هو توثيق للحظة هاربة من حياتنا أو ربما موقف ترك أثره في نفوسنا، كيف يولد العمل الفني عند نور خوري؟
---يولد العمل الفني بعد مخاض عسير، ومن هنا نحتاج إلى التخطيط قبل العمل والتفرغ النفسي أولا ومن ثم ندخل بروح مملوءة بالحب، كي يصل العمل إلى اكتماله.
-هل تعتنقين مدرسة فنية محددة أم إنك خلقت لنفسك مدرسة خاصة؟
---أنا أشتغل على المدارس الحديثة، وعملي يلخص تجربتي في «المودرن» ومن خلال اشتغالاتي المتنوعة أميل إلى تأسيس مدرسة خاصة وأسعى إلى تطويرها، وفي الحقيقة يصعب الحديث عن مدرسة معينة رغم أنني أميل إلى التعبيرية المختلطة مع الانطباعية ولاأقصد مدرسة ما فعندما أرسم أنسى كل المدارس وأكون مخلصة للحظة الجمالية وأتركها لتفسر نفسها.
-الرسم والنحت يتبادلان موهبتك فأيهما يجذبك أكثر ولماذا؟
----في رسمي للأعمال هناك إحساس النحت، وفي عملي أشتغل على تأسيس لوحاتي بأنواع المعجون، وفي النهاية يكون العمل قريبا للنحت وإلى فن «الرليف»، وفي النحت أكون أقرب للتجسيد وعبر العلاقة بين الكتلة والفراغ والمادة لتتداخل ولتتشكل في النهاية كما أريد لها أن تكون.
-كان للإيقونة نصيب من أعمالك، فما الرسائل التي تريدين إيصالها إلى العالم؟
----أحببت الإيقونة منذ طفولتي الأولى، واحتلت في قلبي وروحي قدسية كبيرة، فهي تشبه اللقى الأثرية ولكل منها حكايتها، فالإيقونة مدرسة عريقة تعاملت معها بشكل مختلف وحاولت أن أجعل منها عملا بلغة الآن دون التفريط بمرجعيتها ولابرؤيتي الخاصة لها، وهذه مغامرة كذلك، فهي محملة بالجاهز وأنا حملتها رسائل حاضرة وعصرية، وفن الإيقونة يلقى رواجا في العديد من المحافل الثقافية لأنها تحمل تلك المعاني الفكرية والثقافية القيمة.
-إلى أي مدى يتوجه طموح الفنانة خوري نحو العالمية وكيف ترسم خطواتها إلى ذلك؟
----الفن بحر عميق وعظيم، والعالمية عندي هي أن تمتلك جذورا وتعبر عن خصوصيتك وتواكب العصر، ولايجوز أن نحلم بالعالمية لأن تجاربنا المحلية تحتاج إلى وقت طويل وعمر من سنوات العمل والعرض والبحث، لكني أطمح أن تكون لوحتي في بلدان العالم أو تقتنى من مؤسسات كبيرة أو متاحف وغيرها.
-ماهو مشروعك الأساس للمستقبل؟
---مشروعي المستقبلي أن أشارك في مهرجانات خارج سورية، سواء في الوطن العربي أو أوروبا كي أستفيد من الخبرات والتقنيات الجديدة، لأن الفن كما كل شيء يتطور ويطرأ عليه الكثير من دخول تقنيات وأساليب جديدة تغنيه وترتقي به، وهو تعبير عميق عما هو مخزون داخل القلوب البشرية من انفعالات وأحاسيس ذات رسالة موجهة من قبل الفنان إلى المتلقي عبر العصور والأزمنة.