لم يكد ينهي الموزع والملحن اللبناني هادي شرارة كلامه على قناة المرأة العربية في برنامج (جريء جدا-ماتيلدا فرج الله)- عن ضرورة الحفاظ على غناء طربي عربي،عن طريق الابتعاد عن موجة الغناء بالجسد،حتى بدأت إحدى المحطات العربية0(lbc)تبث وقائع حفل جوائز (الموركس دور)وبلحظتها تحديدا..أعلن فوز هيفاء وهبي بجائزة(النجمة اللبنانية الأكثر جماهيرية).
وحدها الصدفة جمعت ما بين المشهدين السابقين،التحول من الشيء إلى نقيضه،ومع هذا بدا الأمر كما لو أنه رد غير مباشر من الجماهير التي يدافع شرارة عن ذائقتها،على آرائه،إذا فليحتفظ بآرائه لنفسه.
يلوم شرارة الإعلام العربي بوصفه صانعاً حقيقياً لهكذا نماذج تحسب على الفن..وبدورها ماتيلدا تلقي باللوم أولا على كاتب كلمة وملحن ومنتج...والخلاصة أن الأمر برمته يدور في جائحة الاستهلاك ،التعامل مع كل ماله قيمة كسلعة يمكن بيعها وتحصيل ثمنها في بورصة اللافن والهبوط الذوائقي...
دوّيخة الفضائيات العربية كفيلة بأن توفر لك أكبر قدر من هذا الهبوط المسفّ،والانحدار اللامضبوط،وفق ذلك يأتي حضور هادي شرارة في جريء جدا ضمن هذا الجو الفني السائد،خارجا عن السياق العام،وكأنما هو الطفرة وغيره القاعدة،ومع هذا يحلو لهذه الطفرة أن تعلم القاعدة شجاعة أن تكون نفسك،أن تكون أنت أمام الشاشة مجاهراً بزيف غالبية الوسط الفني...وسط شاطر باللعب على الحبلين،ونبصم له بالعشرة معترفين بقدرات ذويه الخارقة في العربشة والنطوطة(فوق الاساطيح).
يخرج شرارة عن مألوف الوسط الفني العفن،إذا لاتمثيل والتجميل لديه،ومع كل الجرأة التي يتمتع بها يقر أنه تعب من كونه محارباً لهذا السائد المنفّر،ومن مضيه ضد التيار،تيار التسطيح والتمييع فلم استمرار المطالبة بغناء عربي أصيل..فيما الجماهير العربية تطالب بهز وسط نحيل؟!
هؤلاء –على حد قول شرارة-يفكرون بعيونهم وآذانهم ويستحيل أن يصل مستوى تفكيرهم إلى أبعد من هذا.
إذاً والحال كذلك لن نستهجن أن مجرد ميلة خصر أو هزة ورك لهيفاء وهبي قادرة على تذويب عقول وتجميد دماء وتسيير مئات إن لم نقل أكثر وجعلها تقف في طوابير الهبوط الأخلاقي والقيمي الذي يزداد طوله إلى مالا نهاية...!!
هل هي موجة ؟وهل ستتآكل من تلقاء نفسها؟كما بشر ذاك الغيور لأصالة الفن العربي،بان الشر يفنى، ويهلك نفسه بنفسه..هل ننصفّ إلى جانب هادي متأملين ساعة التآكل المنتظرة..على هذا إذاً لاضير من أخذ قسط من الفرجة..ولكن الخوف أن يصبح الانتظار عادة نألفها فتستمرئ عيوننا ذاك الغناء الجسدي قبل آذاننا..ويستحيل عندها الوصول إلى أبعد من عيون وآذان،هي ذاتها ستقف حدا فاصلا يحول دون العبور إلى بوابة القلب والعقل...!!