تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الاستثمار في الإنسان

آراء
الأربعاء 1-7-2009م
أحمد عرابي بعاج

«الإنسان أساس التنمية» مقولة اجتماعية واقتصادية يتم تداولها في الكثير من النظريات التي تعنى بالإنسان

وهو ما تؤيده أيضاً الوقائع العملية للكثير من النماذج الماثلة أمامنا في المجتمعات وطبيعة التمازج بين الإنسان والتنمية.‏

لكن كيف يتحقق وعلى أي أرضية؟!..‏

المتفق عليه بشكل عام هو أن تنمية الإنسان هي الأساس والنموذج لنجاح الخطط الاقتصادية والاجتماعية , وأن أفضل استثمار يمكن أن تقوم به أي مؤسسة اقتصادية هو بناء العنصر البشري.‏

وقبل الدخول في الحديث عن أهمية الاستثمار في تنمية الموارد البشرية ومساهماته في معالجة التنمية الاقتصادية لا بد من التعريج على مفهوم التنمية البشرية وتطوره التاريخي،حيث سيطر على فكر الدول بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى بداية التسعينيات من القرن الماضي، اقتصر المفهوم القديم للتنمية البشرية على كمية ما يحصل عليه الفرد من سلع وخدمات مادية وركز اهتمامه على الاحتياجات الفيزيولوجية، أي كلما حصل الفرد على المزيد من السلع والخدمات ارتفع مستوى معيشته ورفاهيته وتحققت التنمية البشرية.‏

إلا أن هذا المفهوم توسع بعد ذلك ليشمل النواحي النفسية مثل الغايات والأهداف الخاصة بالفرد والتي يحقق معها ذاته وطموحه ، بالإضافة إلى الأهداف الاقتصادية، ما أدى إلى تغيير واسع في المفهوم من مجرد إشباع للنواحي الفيزيولوجية للفرد للوصول إلى مستوى عيش كريم، إلى المفهوم الأوسع الذي يرتبط بجودة حياة الفرد وإشباع حاجاته النفسية أيضاً .‏

ويرجع الاهتمام بتنمية الموارد البشرية إلى أن البشر هم الثروة الحقيقية لأي مجتمع، وكلما حافظ المجتمع على ثرواته البشرية وعمل على تنمية مقدراتها عن طريق التأهيل والتدريب تقدم المجتمع اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً .‏

فالاستثمار في تنمية الموارد البشرية أمر مهم وضروري ، لما للموارد البشرية من أهمية قصوى، فهي الثروة الحقيقية والرئيسية للأمم، وقد أيقنت الدول المتقدمة هذه الحقيقة فأحسنت التخطيط الاستراتيجي ونفذت برامج محددة لتنمية هذه الثروة البشرية على مدار عقود من الزمن، ونجحت فيما خططت له.‏

فاليابان مثلاً خير شاهد على نجاح الاستثمار البشري وكذلك الصين التي تسير بخطا ثابتة ومدروسة نحو قيادة العالم من خلال ثروتها البشرية الهائلة التي أصبحت تميزها عن سائر الدول، وبدلاً من أن يكون التعداد السكاني الكبير عبئاً ثقيلا عليها جعلت منه ثروة وطنية وأساساً متيناً لدفع عملية التنمية فيها.‏

وهكذا فإن هناك عنصرين مكملين لبعضهما يحددان إنتاجية الإنسان، أحدهما القوة والتي تترجم في خبراته ومهاراته الفكرية وقدراته الجسدية، والثاني مجموعة القيم التي تنظم سلوكياته في العمل وتحدد مسار حياته، ولا بد أن تقوم التنمية البشرية على هذه الحقيقة الأكيدة التي ينبغي أن تكون جسراً يربط عملية التنمية البشرية بالتنمية الاقتصادية أو بين نوعية الإنسان العالي الكفاءة بالإنتاجية المطلوبة.‏

ومما لا شك فيه أن أي دولة لا تستطيع أو تعجز عن تنمية مواردها البشرية لا يمكنها أن تحقق غايتها وأهدافها المخططة المأمولة مهما ابتكرت من وسائل وهو الأساس الذي تجري خلفه الكثير من عوامل الصراع والتنافس الحاد بين دول وقوى تؤمن بهذه الحقيقة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية