يبدو أن فورة الانتاج في الفن التشكيلي ستنعكس بشكل أو بآخر على الكتاب ولاسيما أن الكثير من صالات العرض التي انتشرت في العاصمة وبدأت رويداً رويداً تتجه نحو المدن الأخرى هذه الصالات بدأت تصدر كتباً مع المعارض التي تقيمها وغالباً ترى فناناً تشكيلياً أقام أكثر من معرضين إلا وأصدر كتاباً يضم لوحاته ومادبج عنه من مقالات نقدية مجعلكة في الصحف المحلية.
ربما كان لهذا الأمر فوائده فإن ترى اللوحة في كتاب وبجانبها دراسة نقدية فهذا أمر يدعو للسرور، وبالوقت نفسه يحسب الأمرعلى أنه عامل من عوامل التشجيع على القراءة ولو بالألوان.. محاسن شتى وفوائد جمة كلها يبدو أنها تهدف إلى الوصول إلى جيب المتلقي أولنقل الزائر.. فهل يعقل أن توقع إحدى الصالات كتاباً وتضع سعره ألف ليرة سورية وعدد صفحاته لايصل إلى مئتي ليرة، صحيح أن الحضور كان جيداً ولكني رأيت خيبة الأمل في عيون الكثيرين ممن أتوا لشراء الكتاب، وأحدهم قال: يا أخي حتى إلى الخمسمئة ندفع ولكن (ألف) لماذا..؟ بالتأكيد قيمة الكتاب المعنوية كبيرة لأنها رسائل بين مبدعين متميزين ولكن الألف ليرة أيضاً مبلغ أم يظنون أنهم يقدمون لوحة من لوحاته.
لسان طويل..
بالتأكيد تعرفون حكاية ذاك الرجل وابنه وحماره والتي انتهت إلى قوله: إرضاء الناس غاية لاتدرك.. ربما هذه النتيجة تقودني إلى الحديث عما يدردش به بعض المتابعين للنشاطات الثقافية والمشهد الثقافي السوري وانعكاساته في المتابعات الثقافية.
يرى بعضهم أن صحافتنا الثقافية (لاتخرمش) لاتثير حراكاً والساكن يبقى ساكناً.. ولكنهم فجأة ينقلبون على أعقابهم، حين تشير إلى أمر ما يثير حراكاً أو نقاشاً، إذا نبهت أو أشارت إلى أي شيء لايسر في هذا المشهد.
وذهب البعض إلى القول: إننا في هذه الصفحة نتخذ أسلوباً عدائياً من المثقفين والمبدعين لا أدري أين هذه المواقف العدائية؟ ماذا لو قلت: إنك حضرت أمسية قصصية لم يحضرهاغير ثلاثة أشخاص القاص والمرشد الثقافي والصحفي المتابع..؟.
ماذا لوقلت إنك قرأت مجموعة شعرية في مئة صفحة وفيها أي شيء إلا الشعر؟ وماذا لو قلت: إن شاعراً أو كاتباً قصصياً يحمل في حقيبته مجموعته ولعلها مجموعة دراسات أعدها محبوه يقدمها لك مع النسخة المهداة وطبعاً عليك أن تنشرها؟.
ماذا وماذا لو قلت: إننا مللنا من التصفيق لإبداع فارغ أو مديح حسناوات لايعرفن من الإبداع إلا مايقدم لهن من قبل من تطوعوا للإبداع عنهن شرط أن يكن ظلاً يفوح بعطره.