وتنظيم الأسرة يعني أن يتخذ الزوجان باختيارهما واقتناعهما الوسائل التي يريانها كفيلة بتباعد فترات الحمل أو إيقافه لمدة معينة من الزمن يتفقان عليها فيما بينهما.
ومما لاشك فيه أن زماننا يختلف كثيرا عن زمن أبائنا ولكن حتى هذه اللحظة هناك بعض الأزواج ينجبون أكثر من أربعة أولاد تحت ستار الدين والفهم الخاطىء لتحديد النسل.
وقد أشار مسح صحة الأسرة الذي أجري في عام 2001 أن استخدام وسائل تنظيم الاسرة هو قرار مشترك يتخذه الزوجان معا في غالبية الأحيان(62،8٪) بينما يكون القرار بيد الزوج بشكل رئيسي في 26٪ وبيد السيدة( 5،5٪) فقط وعند سؤال السيدات في المسح المذكور أعلاه عن سبب عدم النية في ممارسة تنظيم الأسرة مستقبلا تبين أن الرغبة بانجاب طفل هو السبب الأكثر شيوعا (31،9٪) إلا أن أسبابا أخرى هامة شملت التعارض مع المعتقد الديني ومعارضة تنظيم الأسرة والقدرة وعدم زواج الأقارب شكلت مجتمعة نسبة قدرها( 25،4٪) وهذه نسبة لايستهان بها فيجب أخذها بالحسبان عند التخطيط للأنشطة التثقيفية الخاصة بتنظيم الأسرة .
جاء في المسح العنقودي في سورية متعدد المؤشرات (2006) أن 58،3٪ من النساء المتزوجات يستخدمن وسائل لمنع الحمل وهي أكثر انتشارا في محافظة السويداء (74،9٪) وأدناها في محافظة الرقة (33،7٪) وترتفع هذه النسبة مع ارتفاع عمر المرأة، ويرتبط مستوى تعليم النساء ارتباطا وثيقا بدرجة انتشار استخدام وسائل لمنع الحمل بينهن فنجد أن النسبة المئوية للنساء اللاتي يستخدمن وسائل لمنع الحمل ترتفع من 45،2٪ بين النساء غير المتعلمات إلى 57،5٪ بين النساء المتعلمات تعليما ابتدائيا وإلى 65،3٪ بين النساء المتعلمات تعليما ثانويا وإلى 71،0٪ بين النساء المتعلمات تعليما عاليا.
لماذا يكثر أطفال الفقراء؟
دائما الفقراء ملامون على فقرهم بسبب كثرة أولادهم والحقيقة إن لهؤلاء وجهة نظر يجب أن نأخذ بها فالآباء الفقراء في غياب المعاشات والإعانة العامة يتطلعون إلى أبنائهم لاعالتهم في سن الشيخوخة وبالتالي بالنسبة لهم الأطفال بمثابة ثروة اقتصادية لأنهم ولاسيما في الريف ينتجون أكثر مما يستهلكون وهذا هو السر في تعثر حملات التوعية التي تحاول عن طريق الكلمات المعسولة إقناع الناس بتنظيم النسل وبالتالي فالفقر سبب بينما زيادة النسل هو النتيجة .
ولسنا نقلل من الحاجة إلى عمل إيجابي في وضع برامج تنظيم الأسرة ولامن جهود وزارة الصحة في هذا المجال حيث تقدم خدمات الصحة الانجابية بشكل أساسي من خلال المراكز الصحية التابعة لمنظومة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة بالإضافة إلى خدمات محدودة تقدمها جهات أخرى مثل وزارة التعليم العالي والخدمات الطبية العسكرية وجمعية تنظيم الأسرة. ولكننا نقف بحزم ضد برامج تنظيم الأسرة التي تزعم تخفيف مشكلة الفقر لأنها تحمل رسالة مؤداها أن الفقراء هم الملامون على فقرهم والشيء الضروري والحل هو إعادة بناء النظام الاجتماعي بما يزود جميع أفراد المجتمع بالضمان المادي الأساسي بحيث يصبح تحديد النسل اختيارا معقولا ثم تأتي أهمية برامج تحديد النسل لتجعل إنجاب الأطفال أقل اختيارا معقولا، فالاقبال الواسع والطوعي على تنظيم النسل يأتي في مرحلة لاحقة ونتيجة لتغير ظروف حياة أفراد المجتمع خاصة بعد أن يرتفع مستوى معيشتهم وتعليمهم وبعد أن يتغير وضع المرأة في المجتمع وبعد أن تنتهي ظاهرة تشغيل الأطفال .
عدم الاستثمار الأمثل في المورد البشري
أخيرا لسنا متشائمين إلى درجة مالتوس (يعتقد مالتوس بأن قدرة البشر على التكاثر أكبر من قدرة الأرض على الانتاج وذلك لأن السكان يتزايدون -حسب رأيه-وفق متوالية (2،4،6،8،10،....) بينما يتزايد انتاج الأرض حسب (2،4،6،8،10،...) ولذا فإن تزايد السكان يسبب نوعا من عدم التوازن) وثقتنا كبيرة بالتقدم التقني واستثمار الثروات الغذائية إضافة إلى أملنا بالملتقى الذي أقيم منذ فترة قريبة لمعالجة قضية تزايد السكان، وأهمية تنفيذ توصياته من كل الأطراف المعنية وأن لايحصل كما حصل في المؤتمر الأول السكاني في العام 2001 عندما لم يتم الأخذ بنتائجه.
أكدت الأستاذة رغداء الأحمد مسؤولة الاعلام في الاتحاد النسائي أثناء الملتقى ضرورة مواجهة التحديات التي تهدد مستقبل أولادنا من حيث قلة الموارد الطبيعية وعدم الاستثمار الأمثل في المورد البشري الذي يعتبر الاستثمار الأفضل والأهم.