برعاية المهندس محمد ناجي العطري رئيس مجلس الوزراء أقيم في مكتبة الأسد المؤتمر الدولي حول القدس في العهد العثماني، وقد قدمت في الجلستين الأولى والثانية مجموعة من المحاضرات الغنية في مضمونها.
في الجلسة الثانية التي استلم رئاستها السيد كمال عبد الفتاح، قدم السيد محمد فاتح صالح زعل مداخلته التي كانت تحت عنوان (أهمية دفاتر الوقف العثمانية في حماية المسجد الأقصى والقدس) حيث قال:
اعتمدت هذه الدراسة على معاينة وتحليل أحد الدفاتر الوقفية الصادرة من الباب العالي بشأن المسجد الأقصى وتخصيص مرتبات مالية ثابتة ودائمة تصرف من مالية الباب العالي مباشرة على القيمين على المسجد، موضحة أهمية هذه الدفاتر في الحفاظ على مسيرة العلم والعلماء في المسجد والحفاظ عليه، وقد سجل العثمانيون في هذه الدفاتر أسماء الناس وأسماء الأمكنة والمرافق في المدن وتاريخ القرى، وهذا يقود إلى اعتبار هذا الدفتر كأطلس للمكان والجغرافيا البشرية في مرحلة مبكرة من تاريخ العرب الحديث، ويوجد في الأرشيف العثماني أربعون ألف دفتر وستة ملايين وثيقة خاصة بالأوقاف، منها دفاتر الصّرة التي كان يبعثها السلاطين إلى الحرمين الشريفين، كما يوجد في الأرشيف العثماني أربعة آلاف ومئة وسبعون دفتراً من دفاتر صرّة الحرمين الشريفين. ومما لا شك فيه أن الأرشيف العثماني له دور في حماية المسجد الأقصى والقدس، ولعل هذا يكون دافعاً للدول العربية والإسلامية والجهات الأكاديمية التوجه للبحث في هذا الأرشيف للنهوض بعبء نشر ذلك التاريخ وتجليته ليكون ذلك وفاءً لتاريخنا ووفاءً لأنفسنا.
أما السيد محمد قجة فقد قدَّم محاضرة بعنوان (العمارة وعلاقتها الاجتماعية في القدس خلال العصر العثماني) حيث بدأ بقراءة موضوعية للتاريخ العثماني في دائرة التاريخ الإسلامي وبقراءة حول القدس والبعد الجغرافي والتاريخي والرمزي في التراث الإسلامي.
كما قدم أهم أعمال العمارة والترميم والتأهيل العمراني في عصر سليمان القانوني، نذكر منها: الحرم القدسي وسور المدينة المقدسة وأبوابها والقساطل والسبلان والمدرسة الرصاصية.
وعرض أيضاً أهم الأعمال العمرانية التي أنجزت في عهد السلاطين العثمانيين منهم:
- السلطان محمود الثاني: قناة السبيل، ترميم المسجد الأقصى.
- السلطان عبد المجيد: ترميم المسجد الأقصى، ترميم قناة السبيل.
- السلطان عبد العزيز: أهم أعماله العمرانية بعد سليمان القانوني وعددها (24) مشروعاً كبيراً كلفت الدولة مبالغ باهظة.
مختتماً: لا تختلف عمارة القدس كثيراً عن المدن الإسلامية الأخرى من حيث الوظيفة الدينية والثقافية والاجتماعية والتخطيط العمراني الذي يشكل مركزه الجامع الكبير، وتتشعب من حوله الأسواق والخانات والحمامات والمدارس، يحيط بها سور ودور سكن مغلقة من الخارج، وهذه السمات نلاحظها في عمارة المدينة الإسلامية.
وتتباين هذه الوظائف باختلاف المدن ومن هنا تكتسب مدينة القدس أهميتها الخاصة دينياً وثقافياً وجغرافياً وتاريخياً.