حيث القضاء على الإرهاب يعد المدخل الرئيس لتهيئة الأرضية المناسبة لتظهير أي حل سياسي، وانتصارات الجيش في ريف حماة وتطهيره من التنظيمات الإرهابية، واستعداده التام لمواصلة تقدمه بريف إدلب جعلت تفاهمات «آستنة» واتفاق سوتشي، والتي لم يلتزم ضامن الإرهابيين أردوغان بأي من تعهداتها، بحكم منتهية الصلاحية، واستنجاده بالضامن الروسي اليوم لن يغير من واقع هزيمته شيئاً، ولن يفيده بإبقاء نقاط المراقبة التي أنشأها بهدف مؤازرة إرهابيي «النصرة»، وتأمين الحماية اللازمة لهم.
أنقرة وواشنطن أكبر الخاسرين من دحر الإرهابيين من خان شيخون والقرى والبلدات المحيطة بها.. وأردوغان لم يجد أي غضاضة من القول بأن دحرهم يهدد الأمن القومي لبلاده، ما يعني ضمنياً بأن أولئك الإرهابيين كانوا جزءاً لا يتجزأ من تشكيلات جيش الاحتلال التركي، وإعلان نظامه البدء بتنفيذ المرحلة الأولى مما يسمى «المنطقة الآمنة» المزعومة بالتعاون مع مشغله الأميركي محاولة جديدة للالتفاف على انتصارات الجيش العربي السوري، وإعاقة تقدمه باتجاه إدلب، عبر إنشاء تحالف جديد يشرعن الاحتلال التركي الأميركي، بإحلال قوات تركية بالوكالة مكان الأميركية في الجزيرة السورية، وبالتالي تقاسم أنقرة وواشنطن وحدهما موارد تلك المنطقة، ولا سيما أن الدول الغربية رفضت مسبقاً كل الدعوات الأميركية لجلب قواتها بهدف استكمال المشروع الأميركي الإرهابي في الجزيرة.
ميليشيا «قسد» الانفصالية تشكل اليوم السرج المشترك الذي يمتطيه كل من الاحتلالين الأميركي والتركي لمواصلة استثمارهما بورقة الإرهاب، وإطالة أمد الأزمة، فتلك الميليشيا التي غرقت في أوهامها، وتمادت في ولائها لمنظومة العدوان، وآثرت الانفصال تعطي نظام أردوغان الذريعة تلو الأخرى لإيهام الرأي العالمي بأن عدوانه واستباحته للأراضي السورية هو بغرض حماية ما يسميه أمنه القومي، وواشنطن تعتبر تلك الميليشيا ذراعها الإرهابية على الأرض، وتمدها بكل لوازم الديمومة والبقاء، وآخرها القافلة الجديدة المؤلفة من عشرات السيارات والآليات المحملة بمعدات عسكرية ومساعدات لوجستية، بإطار استكمال مخططها التقسيمي الذي لا يستهدف سورية فقط، وإنما دول المنطقة برمتها.
أقطاب منظومة الإرهاب الدولي يتنقلون من سيناريو عدواني إلى آخر لتحقيق ما عجزوا عنه خلال سنوات الحرب الماضية، ولكن الإرادة السورية أقوى من كل تلك السيناريوهات والمخططات، وهي اليوم أكثر تصميماً وعزماً على تحرير كل شبر أرض يحتله الإرهاب وداعموه، ومع ذكرى الانتصار في القلمون الغربي، فإن نسائم الانتصار ستهب قريباً على كل منطقة لا تزال ترزح تحت رجس التنظيمات الإرهابية، لتعود سورية كسابق عهدها واحة للأمان والاستقرار.