تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عندما يحدث الانحراف والخلل في جدار المجتمع..؟

مجـتمع
الأربعاء 29-6-2016
غصون سليمان

الفرد، الأسرة ،المجتمع ،عناصر ثلاثة لها أبعادها في كل الاتجاهات وليست محصورة باتجاه واحد،ففي الأبعاد الاجتماعية ومن ناحية التأثيرات السلبية وتداعياتها عندما يقع أي مكروه بدءا من الجريمة وانتهاء بانتهاك حرمات المجتمع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ،

فإننا نجد كيف تطال التداعيات البنى والعلاقات والوظائف الاجتماعية ما يجعل حدوث أي خلل في جدار البناء الاجتماعي ينعكس على مكون العلاقات الاجتماعية...‏

وبما أن المجتمع السوري مازال يعيش حياة طبيعية ومتماسك إلى حد كبير فقد كان هدفا وخاصة في سنوات الحرب والعدوان على بلدنا لدخول جماعة الجريمة والاتجار بالبشر للوصول إلى سلع بشرية تتفاوت مقدراتها بين خطف وقتل واستلاب واستغلال من قبل جماعات تدير شبكات منظمة وتتصل بسلسلة من العلاقات اللوجستية غير البريئة لتحقيق أهدافها الدنيئة..فعلى مستوى الأفراد الضحايا ،يشير الدكتور أكرم القش عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية إلى أن الأفراد غالبا ما يحرمون من حقوقهم الأساسية،أي حق الحياة بالمعنى الحرفي للكلمة،حق الانتماء للأسرة الحقيقية،للمجتمع،لقيمه وعاداته،لثقافته ومعتقداته..لاسيما وان من يحاول تهديم المجتمع ممن يلعبون بالخفاء ويسطون على مقدرات الشعوب التي تعتمد على نفسها بإدارة شؤونها ومقدراتها نجد هؤلاء كيف يسعون من أجل فقدان الفرد لكرامته وحقوقه في الحرية والاختيار الحر لأسلوب الحياة والمعيشة والتعليم،أو متابعة التعليم،إضافة إلى اختيار الشريك والمهنة والحق في التملك والمشاركة الاجتماعية...‏

واعتبر الدكتور القش في بحثه حول الأبعاد الاجتماعية لجريمة الاتجار بالأشخاص باعتبارها سلوكاً منحرفاً عن المعايير الجمعية وهي سلوك عدواني أو عدائي موجه من المجرم أكان فردا أو جماعة أو مؤسسة ضد فرد أو جماعة ،مؤسسة أو مجتمع..‏

حلقة مفرغة‏

وهذا السلوك اللامعياري للأبعاد الاجتماعية من خلال ما يؤديه،رغم بعض الجوانب الايجابية نراه ينتشر ويتزايد في البيئة أو الوسط الاجتماعي الذي تختل فيه الأدوار الاجتماعية لتدخل هذه البيئة في حلقة مفرغة وتصبح بيئة مولدة للجريمة عندما يتراجع مستوى التعليم ويتقدم الجهل والفقر خطوات للأمام..‏

وهنا يلفت الدكتور القش الانتباه أنه حينما يتم تغيير ثقافة أي مجتمع يجب تغيير البدائل.أي تخريب القيم الأصيلة المستهدفة ببدائل وقيم جديدة محدودة تتكرر وتنتشر،كما حال الموبايل على سبيل المثال لا الحصر ،الذي أصبح عادة لا يمكن الاستغناء عنها كسلعة ضرورية..إذا على مستوى الأفراد الذين عبروا القيم الجديدة وتبنوا سلوكها المتنوع نحو الانسلاخ أو الابتعاد عن الواقع الأصيل ،لنجد وبالتدريج كيف يذهب الإحساس بالكرامة وطعم الشرف وكيف أصبح الضياع سهلا والاندماج مع الآخر أصبح واقعا مخيفا...لأن من نتائج هذا التخبط على مستوى الأسرة،هو حدوث تفكك أسري وتشتت وانحلال للرؤى وخلل بالعلاقات والأدوار الاجتماعية التي اختلفت حتى داخل الأسرة،ما جعل لوحة تغيير النمط الاستهلاكي الفردي والأسري تبرز أو تفرز أنماطا استهلاكية مرتبطة أو مستندة ومتأثرة بقابلية الانخراط بالجريمة..‏

وهذا السلوك له تداعياته بالتأكيد على مستوى المجتمع ككل وليس الأسرة والعائلة فقط،من خلال تشويه القيم والأخلاق والآداب العامة التي يتزين بها المجتمع،الأمر الآخر هو احتمالية تنامي أشكال أخرى من الجرائم المساندة المرتبطة وظيفيا بجريمة الاتجار التي تنمي وظيفيا أعمالاً أخرى خطيرة.بالإضافة إلى زيادة الأعباء المادية والإدارية على المجتمع في تنظيم المجتمع وتحقيق الأمن والوقاية في هذا النوع من الجريمة والجرائم الأخرى،مع ملاحظة احتمالية توسيع دائرة الانخراط في الكسب السريع وغير المشروع.‏

أما مداخل الحماية والوقاية للحد من الظاهرة لابد من البدء في العمل على منبع الانتماء من خلال تعزيز مفهوم الوعي، والتنشئة السليمة ،ورفع المستوى التعليمي والقضاء على الفقر والبطالة أو الحد ما أمكن من تفشي هذه الظاهرة وسوء عدالة توزيع الدخل والحرمان. واعتماد المجتمع على كل إمكاناته من خلال الاستثمار الأمثل لرأس المال البشري والقوى العاملة الفاعلة فيه وطنيا وأخلاقيا واجتماعيا، بوضع خطط عمل استراتيجية تأخذ بالاعتبار خصوصية المجتمع من ناحية تحصينه وضبطه ورفع مستوى تقدمه وتطوره.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية