اصابت بعض المتآمرين على هذا البلد الآمن من تركيا وحكام المملكة الوهابية واسيادهم في البيت الابيض بالخيبة ، وحولت كل مخططاتهم الاستعمارية الى هباء منثور، فبدؤوا يضخون جام حقدهم الاعمى الى دول الجوار السوري ، ويزجون بدماهم الارهابية في لبنان علهم يجدون موطئ قدم لهم في هذا البلد الذي وقف ضد هذه المخططات الدنيئة عبر مقاومته التي سطرت ملاحم بطولية في سورية وطردت العدو الاسرائيلي من الجنوب .
8 تفجيرات ارهابية هزت بلدة القاع اللبنانية التي تقع على الحدود السورية، 4 تفجيرات هزت البلدة فجراً والنصف الآخر في المساء، و أسفرت عن إصابة 43 شخصاً واستشهاد11 آخرين .
مصدر عسكري لبناني أكد بأن هذه التفجيرات الارهابية وقعت بالقرب من مركز المخابرات ومدرعة للجيش اللبناني، وبالقرب من كنيسة البلدة، أثناء تشيع جنازة ضحايا تفجيرات الفجر.
تُشبه العملية الارهابية التي شهدتها بلدة القاع، وذلك من حيث الشكل والتنفيذ، العملية الارهابية التي أحبَطتها مخابرات الجيش قبل نحو شهر، وكانت تريد استهداف شارع مكتظ في العاصمة بيروت.
الهدف من العملية الإرهابية
يرى محللون بأنه يراد من هذا القرار الارهابي الذي خطّط لعملية القاع من جهة تعويض فشل سلسلة العمليات الارهابية التي تمّ إحباطها بعدما كان مخططاً تنفيذ معظمها خلال فترة رمضان ، و من جهة ثانية وفي الأساس ايصال رسالة بأنّ ثمَن إسقاط الرقة عاصمة «داعش» في سورية سيكون غالياً وسيفتح جبهات خارج سورية، وسيكون من بين هذه الأثمان استهداف الوجود المسيحي في المشرق.
والواقع أنّ معظم المعلومات المسرّبة الى بيروت منذ أيار الماضي تحدثت عن قرار لـ»داعش» بأخذ لبنان رهينة أمنية استراتيجية لمنع إسقاط الرقة، ولكنّ يقظة الاجهزة الامنية حرَمت «داعش» من ترجمة قرارها عملياً في الميدان اللبناني، ما اضطرَّها إلى تعويض فشلها في اختراق العمق اللبناني، عن طريق انتقاء هدف لبناني يقع قرب مواقعها عند الحدود مع سورية.
ويسود لدى متابعين لملف أداء «داعش» وشقيقاتها في هذه المرحلة، انطباع يستند الى تقاطعات استخباراتية غربية وشرقية، قوامه أنّ تنظيم داعش الارهابي سيدخل في المدى المنظور أساليب خطرة على طرائق عمله، تتمثّل في توسيع رقعة عملياته لتشمل ساحات جديدة بينها لبنان والاردن خصوصاً، وأيضاً في اوروبا، كما سيلجأ الى استخدام مكثّف لسلاح الإنغماسيين الذين ينفذون عمليات تفجير ارهابية جماعية وذلك ضد اهداف مدنية وعسكرية، وذلك بهدف إيصال رسائل رعب وتخويف وتعميق الاحساس بالقلق الوجودي لدى مكونات طائفية بعينها ، لأنّ المسّ بها يخلق ردود فعل شعبية داخل أوروبا.
وحسب معلومات استخباراتية، فان «داعش» ستكثّف خلال هذه الفترة من استخدام أسلحة نوعية باتت موجودة في ترسانتها فعلاً، وتتشَكّل من صواريخ أرض - جو، ويتوقع أن تستخدمها «داعش» في عملياتها الارهابية خارج سورية، وذلك إمّا انطلاقاً من مواقعها عند الحدود السورية الدولية الاخيرة، أو من خلال تسريبها من مواقعها الحدودية الى دول أخرى.
ويشكل هذا التطور خطراً مضاعفاً على الأمن اللبناني، خصوصاً في ظل المعلومات الجديدة عن أنّ «داعش» قد تلجأ إلى تزخيم عملياتها في اتجاه محاولة تسريب صواريخ أرض جو من ترسانتها في سورية الى الدول المجاورة عبر منافذ حضورها في المناطق الحدودية.
ووفق معلومات صحفية فإنّ منظومة صواريخ الجو المملوكة من الإرهابيين والتي يُخشى من أن تُسرّب «داعش» بعضها الى دول الجوار السوري، في إطار تنفيذ قرارها توسيع رقعة الحرب للدفاع عن الرقة، تشمل ما يفوق الـ٥٠٠ وحدة من سلاح أرض جو ، بالإضافة إلى وحدات صواريخ من نوع «mistral» وهي الأكثر تطوراً ومن تصنيع أوروبي، ويُحقّق هذا السلاح هدف شَلّ المروحيات بشكل كبير.
والهدف الابرز لهذه المجموعات الارهابية من عملية القاع يتلخص بالتالي :
1- استهداف الباصات العسكرية التي تقلّ العسكريين من القاع الى مراكزهم العسكرية في المنطقة.
2- استهداف بلدة القاع نفسها بتفجيرات متتالية تلحق فيها مجزرة دموية، لتحقيق هدف تخويف أبناء المنطقة من جهة، ومن جهة ثانية تأليب أبناء المنطقة وكلّ المناطق المسيحية الاخرى على «حزب الله» وتحميله مسؤولية انّه لولا مشاركته في الحرب في سوريا لَما كان حصَل ما حصل.
3- استهداف «منطقة ما» في خارج القاع، فربّما كان وجودهم في حديقة منزل مقلّد لانتظار أحد ما لينقلَهم الى منطقة معيّنة في البقاع أو بيروت والضاحية لتنفيذ عمليتهم في عناصر حزب الله ، خصوصاً خلال إحياء ليلة القدر.
فتفجيرات القاع هي خير دليل على وصول بعض الإرهابيين الى الحدود اللبنانية .
آراء صحفية
ترى بعض الاوساط الصحفية أنّ القضاء على الإرهاب وطرد عناصره من دول الشرق الأوسط ككلّ، يجب أن يكون عنوان المرحلة المقبلة، على ما لفتت، رغم أنّ تضافر جهودها ككلّ من الصعب أن يتحقّق، لأنّ مصلحة بعضها، وبالدرجة الأولى تركيا، تصبّ في استمرار هؤلاء وتهديداتهم للمنطقة، كما للقارة الأوروبية، كذلك فإنّ أي منها لن يعمل على محاربة الإرهابيين لكي لا يورّط بلاده في حرب معهم مثل الأردن ومصر، وتبقى العراق وسورية، فضلاً عن لبنان أمثلة واضحة عن محاربتهم وإنقاذ المنطقة من مخططاتهم.
في الوقت نفسه، فإنّ بدء انهيار الاتحاد الأوروبي مع سحب بريطانيا لعضويتها منه، قد يقوّي الإرهابيين فيها، الأمر الذي يُحتمّ على الدول الأوروبية عدم التفكّك أكثر فأكثر وعدم حذو عدد منها حذو بريطانيا في الإنسحاب من الاتحاد، لما لمثل هذه الخطوة من تداعيات سيئة على أوروبا ، فهذه القارّة المهدّدة اليوم بأزمة المهاجرين غير الشرعيين الذين بينهم عناصر إرهابية تريد تفجير بعض دولها لخلق الرعب والبلبلة فيها، على غرار ما يحصل في منطقة الشرق الأوسط.
ولهذا فعلى هذه الدول أيضاً، على ما لفتت الاوساط ، عدم الإكتفاء بإدانة واستنكار ما تقوم به المجموعات الإرهابية في لبنان، بل التضامن معه عن طريق إرسال الدعم العسكري للجيش والقوى الأمنية لكي تتمكّن من مواجهتها وإحباط كلّ عملياتها التفجيرية المستقبلية.. فاستقرار هذا البلد ينعكس أمناً وهدوءاً على الدول الأوروبية والعكس صحيح، ولهذا يجب التمسّك أكثر من أي وقت مضى بإبعاد الفوضى عنه.
وإذا ما كانت عاجزة عن ردع هذه التنظيمات الإرهابية بمفردها فعليها طلب تدخّل مجلس الأمن للضغط على الدول الراعية للإرهاب والمموّلة له كتركيا والمملكة الوهابية وأميركا بوقف التمويل فوراً لإعادة الأمن والهدوء الى كلّ الدول المهدّدة باستقرارها. فلا يُمكن لمجلس الأمن أن يقف متفرّجاً، لا تُطبّق القرارات التي يتخذها في هذا الشأن، في الوقت الذي تُستكمل فيه عمليات زرع الفتنة والعنف في دول عدّة في العالم.
فقرارات عدّة صدرت عن مجلس الأمن تتعلّق بوقف تمويل الإرهابيين فوراً، إلاّ أنّ أيا منها لم يُنفّذ بعد، خصوصاً وأنّ الدول المعنية لا تزال تفتّش عن مصالحها في المنطقة، وتنتظر نتائج بعض الأزمات قبل أن تسحب يدها كليّاً ممّا تقوم به. الأمر الذي يُحتّم على المجلس متابعة هذه القرارات او استصدار أخرى إذا ما كان فعلاً يريد رؤية منطقة شرق أوسط، وقارة أوروبية خاليتين من الإرهاب.
الدور السعودي المشبوه
تتحمل المملكة الوهابية مسؤولية انتشار الفكر الارهابي المتطرف والمتشدد كما انها تستمر في تبني هذا الفكر ودعمه في كل العالم.
ومما لا يخفى على أحد ان السعودية هي التي تمارس ارهاب الدولة كما فعلت في اليمن وهي التي تدعم حركات الارهاب في سورية والعراق واليمن وتقف الى جانبها دول اعضاء في التحالف المفترض تقوم بالدور نفسه في دعم الارهاب وحركاته.
فقرار السعودية وقف المساعدات للجيش اللبناني وقوى الأمن، وإغلاق فرع البنك الأهلي السعودي في بيروت يؤكد حقيقة وقوفها في وجه استقرار لبنان بسبب مواقف الدولة اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات بين الدولتين.
عدد الإرهابيين في لبنان
شهدت توقيفات الجيش اللبناني ، منذ عام 2008، تفاوتاً ملحوظاً في أعداد الموقوفين الأمنيين، الذين يوضعون في خانة الإرهابيين والمتهمين بجرائم منظمة واعتداء على أمن الدولة، تفاوت العدد يظهر أنّ النسبة ارتفعت تدريجاً من 286 عام 2008 إلى 2030 موقوفاً حتى بداية تشرين الأول الماضي، والملاحظ أنّ العدد ارتفع عام 2009 إلى 1136، وانخفض عام 2012 إلى 848 ، لكنه شهد ارتفاعاً ملحوظاً بدءاً من عام 2013، ليبلغ ذروته عام 2014 مع 1826 موقوفاً. وتتراوح جرائم الارهابيين الموقوفين بين الأعمال الإرهابية المباشرة والتخطيط والتنفيذ والمساعدة اللوجيستية والاتصالات والتمويل ونقل الأموال، إضافة إلى جرائم تمسّ أمن الدولة واستهداف عناصر الجيش اللبناني وقتاله ونقل أسلحة وتفجير سيارات مفخخة.
هذا وشهدت منطقة القاع خلال فترة الازمة في سورية احداثا امنية ناتجة بمعظمها عن تسلل مقاتلين ارهابيين عبر الحدود من والى سورية، لكن الحدود اقفلت تماما قبل اشهر طويلة مع سيطرة الجيش السوري ومقاتلين من المقاومة اللبنانية على الجانب السوري منها، وتشديد القوى الامنية اللبنانية رقابتها على المناطق الحدودية.
ولا يتجاوز عدد سكان القاع حاليا الثلاثة آلاف.