المستشارة انجيلا ميركل والرئيس فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي في برلين مساء السابع والعشرين من الشهر الجاري, ضمن مساعيهم الرامية إلى الحفاظ على وحدة أوروبا الهشة , وتوحيد مواقفهم في جبهة واحدة لمواجهة بريطانيا وأربع وعشرين دولة عضو مازالوا ضمن الاتحاد الأوروبي . وقد وضع كاتب المقال مقدمة تلخص فحواه تقول « في الوقت الذي أيدت فيه كل من ألمانيا وفرنسا خروجها من الاتحاد , لم يقترح ( المحرك الألماني - الفرنسي ) أي فكرة جديدة من أجل مواجهة التحدي السياسي الجديد الناجم عن خروج بريطانيا .» . بعد أن تحدثت صحيفة لوموند عن الهوة العميقة التي ظهرت بعيد ساعات قليلة من إعلان نتائج الاستفتاء البريطاني الفاصلة بين انجيلا ميركل وفرانسوا هولاند حول نظرتهما لمستقبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي , إلى درجة يمكن التساؤل فيها هل هما حلفاء أم أعداء . حيث تعتبر ميركل أن هولاند ضعيف سياسياً لكي يتمكن الاثنان من جر عربة الاتحاد طيلة الأشهر المقبلة , وبالتالي لا يمكن لبرلين الاتكاء بقوة على باريس في تلك الأزمة الجديدة .ولا سيما وقد بدت ميركل منعزلة وضعيفة بعد خروج ديفيد كاميرون وهي التي لم تكن تعتقد بانتصار أنصار خروج بريطانيا . ووفق ما جاء في مقال صحيفة لوفيغارو بعنوان ( هولاند وميركل عاجزان عن طرح مشروع لأوروبا ) أن ميركل صرحت قبيل عشاء العمل الذي جمع الزعماء الثلاثة قائلة « أمامنا مسؤوليات جسام , وعلينا محاولة قيادة دول الاتحاد نحو وجهة جديدة « بينما حدد هولاند تلك المسؤولية في عدم إضاعة الوقت . معتبراً أنه لا يوجد أسوأ من عدم الثقة .
ويقول كاتب المقال نيكولا باروت أن هذا الاجتماع قد كرس نهاية الهيمنة الألمانية - الفرنسية . وكل منهما وجد له مكسبا في ذلك , إذ يمكن لميركل أن تتهرب من الانتقادات التي تتهمها بأنها تفرض وحدها وجهة نظرها على أوروبا . بينما خرج هولاند من مواجهة غير مؤاتية بسبب عدم التوازن بين الدولتين الرئيسيتين في القارة العجوز . ولكن لا يمكن للزعماء الأوروبيين المجتمعين في برلين وأمام التحديات الوجودية التي طرحها القرار البريطاني أن ينجحوا هنا حيث فشلوا حتى الآن في تجاوز خلافاتهم . والتحدي الأول هو الموقف حيال بريطانيا حيث تقضي المادة 50 من معاهدة لشبونة أن مسؤولية اجراءات عملية الخروج تقع على لندن , وهو ما شددت عليه المستشارة الألمانية , ولكن ليس لدى رئيس الوزراء البريطاني نية للقيام في ذلك وسوف يترك اتخاذ القرار لخليفته القادم في مطلع شهر أيلول . هذا وتبدي برلين تفهماً للبريطانيين أكثر من باريس , وتريد ميركل أن تكون أكثر حذراً إزاء الوضع الاقتصادي في أوروبا وفي بلادها .
ويقول المقال ان ميركل القلقة من تزايد مشاعر عدم الثقة بأوروبا أكدت أن الثلاثي الألماني - الفرنسي - الإيطالي لا يشكلون السلطة التنفيذية الجديدة لأوروبا « ثلاثة أشخاص ليس بوسعهم اتخاذ القرار قبل الآخرين « وبهذا أرادت بعث رسالة طمأنة إلى دول أوروبا الشرقية أو لتلك الدول التي لم تنضم بعد لمنطقة اليورو , ولا تريد أن تؤجج « القوى النابذة « في أوروبا التي تكافح ضد اي فكرة تكامل أوثق , نواة صلبة أو دول طليعة . مفاهيم أشار إليها هولاند منذ بضعة أشهر وذهبت أدراج الرياح . وضمن هذا السياق تتجلى أولوية المستشارة الألمانية في الحفاظ على تماسك الدول الأعضاء . على الرغم من ذلك وبسبب الافتقار للرؤية قدم الزعماء الأوروبيون الثلاثة أربع أولويات عمل من أجل ( الزخم الجديد ) يسعون للدفاع عنها وهي : الأمن , النمو , الشباب والتنسيق الضريبي والاجتماعي ضمن منطقة اليورو . وفي الأساس لا شيء جديدا في تلك الأولويات . ولكن تخشى برلين من الخطابات الطنانة والوعود التي لم تتحقق والتي غذت الشعبوية . هذا وتوجه الانتقادات الضمنية منذ فترة طويلة إلى الحكومة الفرنسية . حيث يتطلع الاليزيه إلى استغلال الأزمة الحالية لتثبيت توجه جديد لأوروبا . وبينما تميل ميركل إلى المماطلة وتتردد في طرح رؤية واضحة حول المستقبل , فإن هولاند يريد أخذ زمام القيادة قبل بضعة اشهر من الانتخابات الرئاسية في بلاده .
وتختم الصحيفة القول : يخشى أن تنبعث من جديد وبسرعة القضايا العالقة منذ أربعة أعوام بين فرنسا وألمانيا . ففي برلين يشتكون دوماً من الضعف الفرنسي المعيق لقدرات المبادرة للدولتين الرئيسيتين . وفي باريس يحاولون دوماً التخفيف من السياسة الاقتصادية المتشددة التي تدافع عنها المستشارة .