لم يكن خريج معهد خاص للديكور, بل إنه أتى إلى التلفزيون من باب هوايته المسرحية, لكنه كان ذو ذائقة فنية رفيعة المستوى, فعهد إليه بتصميم وتنفيذ ديكورات وخلفيات المشاهد التي تظهر للجمهور, فصمم ونفذ وقاد ورشات العمل الديكوري بمهارة فائقة, حتى وصل صيته إلى الكويت, فتعاقد معه التلفزيون الكويتي الذي ظهر بعد ظهور التلفزيون السوري بزمن, ورحل وأعطى حياته لهذا الكار في الكويت, لقد كان مدرسة خرجت جيشاً من أصحاب الاختصاص هناك.
-لماذا أبدع سعيد النابلسي في عمله في الديكور التلفزيوني?
كان ظهور التلفزيون في سورية مجالاً للتحدي, وكان العاملون الذين اختير للعمل فيه يشعرون بأنهم على أبواب مرحلة جديدة من الفن الوافد, فإن ارتكبوا أخطاء سقط العمل, وإن قبلوا التحدي وذللوا الصعاب خطوا طريقاً للأجيال القادمة وعلى هذا لم يكن الخطأ وارداً, وكان النجاح هو الفرصة الوحيدة, لإثبات الذات, وبهذه الروح عمل الجميع, وكانوا قلة, ومن بينهم الصديق سعيد النابلسي الذي لم يكن يظن بنفسه أنه قادر على حمل هذا العبء, لكنه وقد أعطي له فبذل الغالي والرخيص ليتقنه, حتى لفت الأنظار إليه وإلى عمله.
ومنهم الأخوة الكويتيون الذين استجاروا به فأجارهم وأمضى مدة طويلة في تلفزيونهم, يصمم وينفذ الديكورات اللازمة, منطلقاً من حماسته نفسها التي وضعته على رأس هذا العمل الذي أحسب أنه لم يكن يفكر فيه.
قال لي سعيد النابلسي مرة: (بعد يوم شاق من العمل في تلفزيون الكويت جئت بيتي وقررت أن أحلق ذقني لأنني كنت مدعواً إلى حفل, وضعت الصابون على وجهي وهممت بالحلاقة, لكن التعب داهمني...فنمت حتى صباح اليوم الثاني. وكان الصابون لا يزال على وجهي).
بهذه الروح نريد فنيين لتلفزيوننا بعد 46 سنة من البث, الجدير بأن يجعلنا في مقدمة تلفزيونات المنطقة. تحية إلى سعيد النابلسي!