وسورية من الدول التي يتعرض التنوع الحيوي فيها لتهديد حقيقي من خلال الاستثمار الجائر لها سواء للتنوع النباتي أو الحيواني, ولحماية هذا التنوع أقيمت العديد من المحميات ولكنها تتعرض لكثير من التحديات وخاصة أن هناك العديد من الأنواع سواء النباتية أو الحيوانية تتعرض للانقراض ولكن حتى تلك المحميات ليست سوى محميات معلنة على الورق غير منشأة على الأرض ما يعرضها لكثير من التحديات.
عن تلك التحديات وغيرها دار الحوار مع بعض المشاركين في ورشة العمل حول إدارة المحميات الطبيعية التي أقيمت مؤخراً في اللاذقية بالتعاون بين وزارة الإدارة المحلية والبيئة وبين مؤسسة (هانززايدل) الألمانية لتدريب الكادر الذي سيعمل ميدانياً في المحميات بما يحقق حماية الأحياء النباتية والحيوانية وتنظيم علاقة السكان المحليين القاطنين في تلك المحميات مع المكونات الحية.
الدكتور أكرم عيسى درويش مدير التنوع الحيوي والمحميات الطبيعية في الهيئة العامة لشؤون البيئة قال: إن أهمية هذه الورشة تكمن في تدريب الكادر الذي سيعمل في المحميات الطبيعية في سورية وهي محمية جبل عبد العزيز في الحسكة وأبو قبيس في حماه والفرنلق في اللاذقية ليكون نواة الفريق الكامل لإدارة هذه المحميات بما يحقق الحماية للتنوع الحيوي من نباتية وحيوانية وتنظيم علاقة السكان المحليين القاطنين في تلك المحميات مع هذه المكونات الحية يتم المحافظة على استفادة هؤلاء السكان من الطبيعة ونضمن لهم تلك الموارد دون أن نسبب أي خلل في هذه الكائنات أو تدهور أو انقراض وبالتالي نكون قد حافظنا على المورد الطبيعي الوحيد القابل للتجدد.
بناء خطة
محاور الورشة متعددة وشاملة تهدف لبناء خطة في إدارة المحميات لحمايتها, المحور الأول كان حول كيفية الوصول إلى بناء خطة إدارية لكل موقع وتحديث التشريعات التي كانت تطبق سابقاً في تلك المحميات كقانون الحراج والمحور الثاني كان حول علاقة السكان المحليين مع الغابة البرية التي اعتمدها الإنسان منذ بداية الخليقة حيث كان استثمار مكونات الغابة لا يعتمد على أسس الاستدامة بل يعتمد على استقلال الموارد بشكل غير منظم أما التوجه الحديث في كل أنحاء العالم فيعتمد على مشاركة السكان المحليين في إدارة الموقع بما يحقق استمرارية الاستفادة, أما المحور الثالث فكان حول البحث العلمي المتعلق بالتنوع الحيوي وكيفية القيام به اعتماداً على المراجع العلمية ومشاهدات السكان المحليين والدراسة الميدانية, أما المحور الرابع فكان عن تأهيل فريق إدارة المواقع وتطوير قدراته خاصة في مجال التواصل مع السكان المحليين ومن ثم القدرات البحثية وخاصة أن هذه الورشة خصصت لفريق العمل في محميات الفرنلق وأبو قبيس وجبل عبد العزيز والعاملين في مجال المحميات والهيئة العامة لشؤون البيئة وفي مديريات البيئة في المحافظات اللاذقية وحماه والحسكة وبعض العاملين في مديريات الحراج ومصلحة الحراج في اللاذقية.
تراجع الحياة البرية
حتى اليوم التعامل مع المحميات لم يكن بمستوى أهميتها في الحفاظ على التوازن البيئي وتحتاج لتطوير في المفاهيم كما أن الأداء ما زال يحتاج أيضاً للتطوير في كافة الموازين والذي ينعكس سلباً على تلك المحميات من خلال التراجع الحاصل للحياة البرية فيها علماً أنها تتميز بغناها بالأنواع النباتية والحيوانية عن هذا الجانب يقول الدكتور درويش:
بالتأكيد لا بد من الإشارة إلى التراجع الحاصل على الحياة البرية في هذه المواقع رغم تمييزها وغناها بالأنواع النباتية والحيوانية من خلال الضغوط البشرية التي تمارس عليها ولا يمكن تجاهلها بالرغم من خضوعها لقانون الحراج الذي يشرع علاقة السكان المحليين بالغابة أو خاصة الجزء البشري منها (ومع التطور العالمي لمفاهيم حماية وصيانة الغابات كان التوجه نحو تطوير الكادر الوطني الذي يشرف ويدير هذه الغابات وهذا كله يأتي نتيجة التراجع الحاصل على الحياة البرية في هذه المواقع وغيرها خلال السنوات الأربعين الماضية وهذا التراجع لا يلمسه فقط الباحثون وإنما يؤكد عليه أيضاً السكان المحليون من خلال ملاحظتهم على تناقص أعداد الكثير من الكائنات النباتية كالبطم الأطلسي والأرز والشوح والسنديان شبه العذري والكائنات الحيوانية كالغزلان والطيور بأنواعها والثروة السمكية في المياه العذبة.
طرق الحماية
تعمل وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالتنسيق مع الجهات الوطنية الأساسية وزارة الزراعة والري والسياحة والتعليم العالي وكافة الجهات على حماية مكونات التنوع الحيوي في سورية على مستوى الأنواع كطائر أبو منجل وعلى مستوى النظم البيئية المتنوعة كالغابات والأنهار والبحيرات كما تعمل على التخفيف من الملوثات التي تؤثر على الحياة البرية, أما أهم طرق حماية الكائنات البرية فهي إقامة المحميات الطبيعية حيث تكون الحماية طبيعية وفي الموقع الطبيعي الذي عاشته هذه الكائنات منذ الأزل.
24 محمية
هناك 24 محمية طبيعية إضافة لمحمية الشوح والأرز ومحمية أم الطيور وسبخة الجبور وجباتا الخشب في القنيطرة واللجاة في السويداء ومحمية التليلة وأبو رجمين في حمص حيث يتم العمل على إعداد خطط إدارية وكادر فني مؤهل لتطبيق الخطط الإدارية والبحث عن طرق تأمين مصادر دخل إضافي للسكان المحليين تغنيهم عن الاعتماد الجائر على الطبيعة وفي هذه المصادر السياحة البيئية وتطوير زراعة النباتات الطبية والصناعات التقليدية التي لا تعتمد على الطبيعة من تربية نحل وغيرها وتقود الوزارة بقدر الإمكان بالتنسيق مع الجهات المعنية وما أنجزته الوزارة في هذا المجال هو إعداد الدراسة الوطنية للتنوع الحيوي ووضع استراتيجية وطنية لحماية هذا التنوع والقيام بتنفيذ بعض الجولات الميدانية البحثية في الشاطىء السوري في أم الطيور للتعرف على الكائنات الحية البحرية ودراسة تضاريس الرصيف القاري في الموقع.
دعم تقني
المهندس فادي محمود مدير محمية أبو قبيس أحد المشاركين في هذه الورشة عن محمية أبو قبيس وأهمية الورشة قال:
إن محمية أبو قبيس هي واحدة من مجموعة محميات تعمل على حفظ التنوع الحيوي وإدارة حيث يقام حالياً مشروع تحت عنوان الحفاظ على التنوع الحيوي وإدارة المحميات بمساهمة مشتركة من UNDP برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدمشق وال GF مرفق البيئة العالمي بالتعاون مع وزارة البيئة ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ومدة المشروع سبع سنوات يشمل المحميات الثلاث محمية أبوقبيس في حماه ومحمية الفرنلق في اللاذقية ومحمية جبل عبد العزيز في الحسكة ومازال هذا المشروع في مرحلة التأسيس وتأتي هذه الورشة كدعم تقني وتدريبي لفرق عمل المحميات الثلاث برعاية وزارة البيئة.