نظرياً يفترض أن ينتظر المستهلك ومعه التجار والمنتجون فرصة التنزيلات التي تحدث مرتين سنوياً.. المستهلك لأنه يشتري بمبلغ أقل بكثير والتاجر ليتخلص من المخزون لديه ويحقق أرباحاً من موديلات وألوان قد لا تتكرر في الموسم القادم .
والمنتج لأنه سيزيد إنتاجه ويستطيع متابعة موديلات كل سنة دون كساد منتجه. التقليد المتبع في سورية أن التنزيلات في فترتين الأولى لتصفية البضائع الشتوية وتمتد بين 20 كانون الثاني ونهاية شباط والثانية وهي الحالية تمتد من مطلع آب حتى العاشر من أيلول.
وتشمل التصفية الموسمية (الأوكازيون) جميع السلع والبضائع في المحل التجاري أو جزءاً منه على أن تعزل الأصناف الخاضعة للتصفية في جانب خاص من المحل.
وحسب تعليمات وزارة الاقتصاد والتجارة يلتزم صاحب المحل الإعلان بشكل واضح على واجهة المحل عن التصفية ومدتها والحد الأدنى والأقصى للتخفيضات على الأسعار على أن لا يقل الحد الأدنى عن 20%.
ما جدوى الأوكازيون
ونسأل ما جدوى الأوكازيون إذا كان مبدأ المفاصلة سائداً من جهة وتوجد محلات دائمة للأسعار المخفضة والشعبية من جهة ثانية.. ثم إن الناس اعتادت أن التنزيلات ليست حقيقية باستثناء الماركات العالمية التي أسعارها ثابتة ولها زبائنها وتنخفض الى نسبة تصل الى 60% في موسم التنزيلات.
وحقيقة الأمر أن الأسعار في الأسواق الحديثة مبالغ بها ولا تتناسب اطلاقاً مع دخل المواطن والمشكل أن هذه الأسواق تعتمد على الزوار العرب وعلى زبائن محددين ويكفي أن تبيع بعض المحلات قطعة أو اثنتين لتربح لأن الربح يتجاوز في كثير من الحالات 400% بمعنى أن قطعة كلفتها مئة ليرة تباع بخمسمئة.
ومهما كانت تبريرات أًصحاب المحلات من تكاليف ضخمة للديكورات وأجار الموظفين وكهرباء وماء وهاتف وضرائب فإنها لا تبرر الربح المبالغ به فكلما كانت الأسعار معقولة زادت حركة المبيع لدرجة أن الزبون أو الزبونة يسألان قبل كل شيء عن السعر قبل نوعية القماش.
كما أن الأسواق الشعبية انتشرت في كل الأحياء ولم يعد الناس مضطرين لزيارة الأسواق التقليدية لشراء ملابس لهم ولأولادهم إضافة الى البسطات التي ملأت كل مكان
ثقافة جديدة
ويبدو واضحاً أن ثقافة التسويق لدى البائعين ضعيفة ولا تدرس واقع الناس وامكانياتهم ويهمها الربح الكبير ولو كان متقطعاً ويعتمد على المناسبات كالأعياد والعام الدراسي دون الاكتراث بمدار العام والمنطق يقول ربح قليل على مدار العام خير من ربح كبير في موسم واحد ولا ننكر هنا أن ربح الملابس في باقي الدول بما فيها دول أوروبا والخليج ربح كبير ويزيد عن 300% لكن يقابله دخل كبير وسعر محدود بحيث لا يشعر المشتري بالغبن.
إن تشجيع وجود ماركات وطنية شهيرة تضاهي الأجنبية أمر لا بد منه خصوصاً إذا رافقه منافسة حقيقة بالسعر والجودة فلماذا يشتري مواطن ما بنطالاً بألف وخمسمئة ليرة لأنه ماركة عالمية وبذات الوقت يجد مثله بستمئة ليرة ماركة وطنية موثوقاً بها.
وقد لا نحمل التجار والباعة كل المسؤولية عن الكساد الحاصل في الأسواق اليوم لكن لو كان موسم الاصطياف لدول الخليج والمغتربين كما هو في الأعوام السابقة هل اشتكى أحدهم من جمود الأسواق..
وخلاصة القول إنه لابد من تغيير مفهوم (الشطارة) الخاطئ الذي يميز بين الزبون الدائم والزبون لمرة واحدة وهو ما يسمى بلغة السوق زبون (طيار) وكذلك لا نبيع القطعة ذاتها حسب الزبون أو موقع المحل أو موقع السوق لتكون مرة بخمسمئة ليرة ومرة بألف ومرة بأربعة آلاف ليرة سورية.