ويستندون الي خلفية قوية تدعم صمودهم وقتالهم,ولأن الجبهة الداخلية تحظي بالاهتمام الخاص,في اثناء الحرب,فان العدوان الاسرائيلي كان يراهن في السعي الي بلوغ اهدافه من العدوان علي لبنان,علي تفتيت وتصدع الجبهة الداخلية معتقدا أنه بمجرد ان يبدأ بشن الحرب فان ذلك سيكون كافيا لتحرك بعض القوي المعروفة بارتباطها بالولايات المتحدة وعلاقاتها القديمة مع اسرائيل,لتحميل المقاومة مسؤولية ما يحصل من دمار وخراب,وكان رهان هؤلاء علي أن القوة الاسرائيلية سوف توجه ضربة قاصمة للمقاومة قيادة وبنية,منذ الأيام الأولي للحرب,تجعلها غير قادرة علي الرد علي العدوان,فيظهر ان لبنان يدفع الثمن وحيدا فيسهل بالتالي اثارة غضب الناس وتأليبهم ضد المقاومة.
غير أن ماحصل كان معاكسا ومخيبا لآمال هؤلاء ومن ورائهم اسرائيل وواشنطن,حيث فوجئوا بمدي جهوزية واستعداد وقدرات المقاومة التي لم تؤخد علي حين غرة.
ففشلت الضربة الاسرائيلية الخاطفة في توجيه الضربة القاصمة للمقاومة.
لابل كانت مفاجأتهم أكبر عندما وجدوا ان المقاومة كشفت عن قدرات لم تكن منظورة بالنسبة إليهم,عندما دمرت البارجة الحربية الصهيونية.
بأمر من قائد المقاومة علي الهواء مباشرة,ثم في الامكانيات الصاروخية واستمرار قصف العمق الصهيوني وايقاع خسائر جسيمة بالاسرائيليين,وايجاد توازن رعب علي هذا الصعيد,وذهلوا أكثر عندما وجدوا ان الطيران الحربي الاسرائيلي,رغم سيطرته علي السماء,غير قادر علي ضرب منصات الصواريخ ومخزون المقاومة من الصواريخ,وكانت صدمتهم الكبري عندما شاهدوا وسمعوا كيف ان مقاتلي المقاومة تفوقوا علي قوات النخبة في جيش الاحتلال من لواء غولاني ولواء المظليين في بنت جبيل وعيتا الشعب ووادي الحجير .
لقد كانت كل هذه الوقائع كافية لإسقاط مخطط الفتنة الداخلية,حيث وجدت الاطراف التي سارعت في بداية العدوان الي تحميل المقاومة المسؤولية لأنها محاصرة وغير قادرة علي اقناع الناس بوجهة نظرها,حيث أدت انجازات المقاومة الي رفع المعنويات وخلق ثقة كانت مفقودة لدي بعض اللبنانيين بقدرة المقاومة علي هزيمة اسرائيل,وأن هذا الأمر الذي كان يتصوره البعض حلما,اصبح حقيقة,وكان ذلك كافيا لإحداث تغيير كبير في المناخ الشعبي حيث ارتفعت شعبية المقاومة وزاد الالتفاف حولها وتقلص حجم الأصوات التي كانت تنتقدها حتي انها وسط هذا المناخ لم تعد تجرؤ علي رفع صوتها ومنها من التزم الصمت,ومنها من بات يقر بانتصار المقاومة ويبحث عن طريقة لاجهاضه وتثميره في صالحه.
والحديث عن الواقع الشعبي هذا ليس تحليلا فقط,او استنتاجا مما نسمعه من المهجرين الذين لم تؤثر علي معنوياتهم المرتفعة,معاناتهم,انما يستند الي وقائع ملموسة اكدها استطلاع (مركز بيروت)حول العدوان الاسرائيلي علي لبنان,والذي يتصف بالدقة والموضوعية ومعروف أن نسبة الخطأ فيه لا تتعدي2-3 %.
فالاستطلاع أظهر ان 70,1% من اللبنانيين أيدوا أسر المقاومة لجنود اسرائيليين لمبادلتهم بالأسري اللبنانيين,وان 86,9%مع تصدي المقاومة للاعتداءات الاسرائيلية علي لبنان و63.3%يرون ان اسرائيل لن تنجح بالحاق الهزيمة بالمقاومةو56.9%قالوا ان أميركا واسرائيل لن تنجحا بفرض شروطهما لوقف اطلاق النار علي المقاومة ولبنان.
ويكشف هذا الاستطلاع الذي استفتي مواطنين من كل المناطق والطوائف والانتماءات,ان الغالبية الساحقة من اللبنانيين يقفون الي جانب المقاومة,ما تقوم به من تصد للعدوان,ما يعكس ان اللبنانيين متحدون في الموقف من اسرائيل باعتبارها عدوا ولا يختلفون علي خيار المقاومة عندما يجدون انها تؤدي أداء جيدا علي المستويين العسكري والسياسي وتضحي قيادة وقواعد دفاعا عن الوطن والشعب ولا تتخلي أو تتراجع أو تنهار أو تتخاذل في الميدان,بل انها تلقن العدو دروسا في القتال وترفع رأس لبنان عاليا وتجعل منه قبلة العرب ومفخرة في النضال والحاق الهزيمة بأقوي وأعتي قوة في المنطقة المدعومة من اقوي قوة في العالم.
ولا شك ان ذلك بقدر ما يؤكد فشل الرهان الأميركي الاسرائيلي علي الانقسام الداخلي الذي كان سائدا قبل العدوان,فانه يثبت أيضا بأن المواطن اللبناني كما كل مواطن عربي يقف باصالة مع المقاومة ضد اسرائل خصوصا عندما تكون هذه المقاومة صادقة ومبدئية وحادة ومقدامة وتحقق نتائج عل الأرض,وتذل القوة الصهيونية الغاشمة والمعتدية,وبالتالي فان الرهان عل المقاومة ليس رهانا خاسرا بل هو رهان مجد ويؤتي ثماره ويحقق العزة والكرامة الوطنية والسيادة والاستقلال الحقيقي.