تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية ليست نائمة..

إضاءات
الأحد 18-10-2015
سلوى خليل الأمين

عالم عربي تحوطه النيران من كل جانب، والحكام الأشاوس في غفلة عن الزمن المتدهور إلى الحضيض الذي سيجرف ممالكهم وإماراتهم ومشيخاتهم حين يدب فيها عفن الخيانة، والبعد عن الجذور الأصيلة والمنبت الندي الذي نادى بوحدة الأمة عند الشدائد، وعدم تفرق شعبها أيدي سبأ ،

كما هو حاصل حالياً.‏

فلسطين العربية ذهبت طعاما لبني صهيون على حين غرة بعد موافقة سلسة من بعض الحكام العرب الذين يقفون اليوم في وجه سورية وانتفاضة القدس الثالثة والعراق وليبيا ويدمرون اليمن دون رفّة جفن من أجفانهم المسبلة التي ترفع الصلاة لرب العالمين زوراً وبهتاناً.‏

تلفت أعصابنا من احتمال خيانات العرب، لكن محابرنا وأقلامنا لن تجف ولن تبرى كما يظنون، ولن تغرها أموالهم المنثورة بالطول والعرض المعروضة في سوق النخاسة، حتى على سيد الكون الجديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تمت مواجهته بالحديث عن المال الذي سوف يقدم لروسيا مع الاستثمارات المنتجة في حال تخليه عن دعم الحق في سورية ، ولهذا كان حديثه المفعم بالسخرية عن الطقس والتزلج وما شابه، بمعنى: أنتم لستم مؤهلين لتخاطبوني.‏

تراهم فهموا الرسالة أم لم يفهموها؟! في كلا الحالتين لا يهم ما دام الحق سلطاناً، وكلمة الحق يرفعها حالياً التحالف الرباعي بين روسيا وإيران وسورية والعراق ومن معهم من الحلفاء كالصين وغيرها من الدول الداعمة بالسر والعلانية لسورية وقائدها الرئيس بشار الأسد الذي استطاع بجرأة وشجاعة الصمود أمام أعتى قوة كونية، ألبت عليه العالم من أجل إسقاطه وتدمير سورية وإلحاقها بالمد الصهيوني، ولم تفلح.‏

المؤسف أن البعض من حكام الغفلة يظنون أن باستطاعة أموالهم وثرواتهم النفطية، شراء الضمائر العالمية الحرة وكلمة الحق المغتصبة، وها هم في فلسطين خاسرون، وانتفاضة الشعب الفلسطيني الثالثة دفاعاً عن الحرم المقدس تتفاعل يوماً بعد يوم، ولا استسلام أو خضوع، وها هي سورية تحارب الإرهاب وكل القوى الأممية التي دمرتها دون أن تكل أو تمل أو يلوى لها أعناق، ومع هذا ما يزال الحاكم العربي الداعم للإرهاب يتشاطر في طرح قناعاته المدمرة لأمة العرب وتاريخها المجيد، من منطلق الحقد والكراهية للحاكم العربي الذي هو المقاوم الأول في ضرب الصهيونية ودعم كل حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، ومن يدور في فلك التخاذل والعمالة من حكام الأمة الأغبياء، لهذا ظنوا أن اجتماعهم في منتجع سوتشي الروسي سيقنع الرئيس فلاديمير بوتين بسحب مساعدته ومشاركته الشعب السوري والعراقي في ضرب الإرهاب في بلديهما، خصوصاً بعد حالة الذعر الشديد التي دبت بين الدواعش والنصرة وكل المتمردين على أثر الضربات الجوية الروسية واقتحامات الجيش السوري والمقاومة الشعبية لمراكزهم التي أقاموا عليها دولتهم الباطلة.‏

لقد كان تصريح وزير الخارجية سيرغي لافروف بعد الاجتماع الأخير للوفد السعودي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي يحمل في طياته الكثير من السخرية المبطنه بالاستهزاء ورفع العصا الغليظة، لمن لا يتقن الدخول في مضامين السياسة العالمية المحكومة للعبة الأمم، خصوصاً بعد وضع شرطهم الأول والأخير ألا وهو سورية دون الأسد، مما يعني أن خراب سورية وتدميرها بنظرهم قائم على الحقد والكراهية للشخص الحاكم الذي اختاره شعبه وحصنه جيشه وليس للشعب السوري ، لهذا بدوا كالأطفال السُذّج الذين يضعون الشروط لمنافسيهم الأقوياء في ملعب القرية، ومتجاهلين أو ربما جاهلين أن مصالح الدول العظمى هي مع الأقوياء في أوطانهم، وليس مع الضعفاء الذين يبددون أموال شعوبهم على غير هدى وبالتالي لا يحسنون الخوض في أصول اللياقات والتفاهمات السياسية مع أسياد الكون العالمي وفي طليعتهم روسيا، لهذا أعقب اللقاء وزير الخارجية بالقول بدبلوماسيته المعهودة : «إن روسيا والمملكة العربية السعودية تفهمان بشكل أفضل كيفية التحرك نحو حل سياسي في سورية وأضاف: قبل كل شيء إن ذلك الحل هو عدم السماح للخلافة الإرهابية بالاستيلاء على البلاد». المعنى واضح والمضمون قاس والشاطر يفهم.‏

لهذا نلاحظ إن الداعمين للعصابات الإرهابية في سورية والعراق مصيرهم أصبح على فوهة صاروخ ترشقه بهم طائرات السوخوي الروسية ومدافع الجيش السوري وبنادق رجالات المقاومة الذين هم على قناعة تامة أن سورية هي التاريخ وأنها ليست أمة نائمة كنومة أهل الكهف كما يفعل الآخرون الذين زودوا عصاباتهم الإرهابية بمئات الدبابات الأميركية الصنع والمضادة للصواريخ ظناً منهم أنهم القادرون على لجم الحلف الرباعي الدولي والعربي القائم حالياً، الذي أخذ على عاتقه اقتلاع الإرهاب من جذوره مهما كانت التضحيات.‏

وليتذكروا أنهم هم عناصر الأمة النائمة، الذين وصفتهم «غولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل الراحلة» يوماً بالقول: «عندما أحرقنا القدس لم أنم طيلة الليل، وتوقعت أن العرب سيأتون نازحين مشاة من كل حدب وصوب نحو إسرائيل، عندما بزغ النهار علمت وأيقنت أننا أمام أمة نائمة».‏

حتماً لن تبقى شعوبهم نائمة لأن حالة التقشف التي بدأت بالسريان في ديارهم ستقلب شعبهم ضدهم، خصوصاً وأن الثروات المهدورة على نشر الإرهاب هي ثروات الشعب الذي لا بد أن يستفيق من غفوته حين يصل السكين إلى رقبته وها قد وصل، عبر تقليص المعاشات، والإقلال من المشاريع الإنشائية والعمرانية، وإخراج القدرات والكفاءات التي ساهمت في عمران بلدهم، عبر توقيف مشاريعهم دون سابق إنذار، والإمساك عن دعم حليفهم اللبناني بالمال السياسي الذي استعمل لزمن طال وطال، وها هو اليوم في مرحلة النزاع الأخير، إلى جانب العديد من حالات التدهور القائمة التي بدأت تطفو إلى العلن بالرغم من التكتم الشديد الحاصل حولها لمنع تسريبها إعلامياً.. لكن لكل شيء في النهاية مخرج، ومخارجهم هي الاصطفاف من جديد حول مصالح الأمة العربية والاعتراف بأن التاريخ العربي القومي تكتبه سورية وفلسطين وأن لا بد من طلب الغفران قبل رسم النهايات المؤلمة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية