تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صناعة التلفيق المتربصة بـ«الحل السياسي»

شؤون سياسية
الثلاثاء 10-4-2012
بقلم: علي الصيوان

يتهدد مهمة كوفي أنان إخفاق لأسباب فنية.

الأبرز في مهمته: وقف العنف بين الحكومة السورية وبين “المعارضة”.‏

والثغرة التي تتهدد مهمته تكمن في أن هذه “المعارضة” غير موحدة.‏

والإشكالية الصادمة لأنان هي: مع من يتصل من أطراف “المعارضة” للحصول على موافقة تقابل موافقة الحكومة على وقف اطلاق النار؟‏

هل يتصل بدائرة السلفيين التكفيريين الذين يمارسون العنف لإسقاط النظام, وإنشاء إمارة إسلامية؟‏

أم يتصل بمجلس اسطنبول الذي حصل في 1/4/2012 على اعتراف ممن يسمون أنفسهم “أصدقاء سورية” بأنه “الممثل الشرعي الوحيد”, مع تجاهل طيوف واسعة من هذه “المعارضات” بهذا الاعتراف؟‏

أم يتصل بالقتلة غير السوريين الذين دخلوا سورية من البلدان المجاورة, قادمين من بلدان في الإقليم العربي والإسلامي؟‏

وهذا يشكل مأزقا فنيا لكوفي أنان.‏

اذ باستثناء العنوان اليقيني للحكومة السورية الذي يعرفه, فإن المبعوث الأممي يتعامل مع أشباح في مقلب “المعارضة”, ما يجعل مهمته غير ذات موضوع.‏

دفعا لهذا المأزق يتعين على السيد أنان الحصول على إجابات محددة عن المسألة التالية:‏

من هي القوى المنخرطة في ممارسة أعمال القتل داخل سورية؟ هل هي وحسب القوى التي جندتها النواة الصلبة في مجلس اسطنبول الإخونجي؟ أم هي قوى غير سورية التحقت بسياسة العسكرة الاسطنبولية التي تتسع لعناصر “القاعدة”, ولعصابات الجريمة المنظمة التي وجدت في هذه “السياسة” فرصة عمل مؤاتية أبرز حقولها تهريب السلاح السعودي والقطري إلى سورية مع ما يليه من رشاوي وعمولات وخوّات وأشكال ابتزاز؟‏

والإجابات لن تكون شافية اذا لم يتمكن السيد أنان من فكفكة المتلازمة السياسية للاعتراف السعودي والقطري بتوريد السلاح إلى القتلة.‏

في مخرجات هذه المتلازمة ,اذا تم تفكيكها, ما يفسر فهم مجلس اسطنبول, بنواته الإسلاموية الصلبة, لبند الحوار مع النظام وهو “التفاوض لاستلام وتسليم السلطة”(!) على ما في هذا المندرج من مغالطة تضرب في الصميم أي جهد عربي أو دولي لحل سياسي ينهي العنف في هذه البلاد.‏

ثم إن المغالطة تنصرف إلى الإقصائية الكامنة وراء إصرار مجلس اسطنبول على استبعاد “المعارضات” الداخلية و... الخارجية, استبعادا يحول دون أن تتوحد.‏

يتصل بهذه المغالطة ما يبنى عليها في الممارسة الدعائية المتربصة بمهمة أنان, لاسيما في حقل التلفيق الإعلامي الذي استمرأته فضائيات معادية لسورية.‏

فالتلفيق يقتضي من مهندسي أداء المجموعات المسلحة اتهام النظام بالمسؤولية عن اقتراف الجرائم التي ترتكبها, وتهيئ لها عناصر الدراما, كالتصوير من بعيد للدخان المنبعث من إحراق خطوط نقل الغاز والنفط, أو حتى لإحراق مقلب للقمامة, يبدو, وبالتصوير عن بعد, توثيقا يؤكد أن قوات النظام “تقصف” البيوت السكنية!!!, لاسيما اذا أضاف مخرج دراما كهذه زعيقا من الاستديو, يكرر عبارة “الله أكبر” مع مثول العنصر الدرامي بقرينة تميز بيئة صوت الزعيق عن بيئة حقل المشهد المعروضة صورته, على أنه الأثر الناتج عن القصف المدفعي!!!.‏

يلي ذلك “رصد” ذلك القابع في لندن لما يقول إنه عدد القتلى في سورية منذ الصباح. وهو عدد ينمو مع رأس كل ساعة, حين تبث الفضائيات نشرات إخبارها, فتؤخذ بيانات المرصد اللندني “الرامي” على قواعد المهنية الإعلامية لتطويعها كي تصير إعلانية تجارية تفتقر إلى شرط التثبت, وتاليا إلى المصداقية.‏

أما في المناسبات, كاجتماع مجلس جامعة الدول العربية, ومجلس الأمن, ومجلس اسطنبول ... الخ, فإن شهية مرصد لندن تنفتح لتضخيم الإضافات الرقمية لضحايا “القصف المدفعي العشوائي والكثيف للمتظاهرين” في محافظات متعددة, دون أي مراعاة للسلامة المنطقية في عدم تناسب أرقام الضحايا مع خبر “قصف مدفعي عشوائي كثيف للمتظاهرين” لا ينتج عنه سوى كاريكاتور يضؤل فيه الرقم المعلن لعدد الضحايا أمام الجسامة المفترضة لـ”قصف مدفعي عشوائي كثيف للمتظاهرين”!!!.‏

والمؤدى السياسي لهذه الصناعة السينمائية الدرامية, هو إيصال أي مقاربة سياسية لحل في سورية إلى طريق مسدود, وبما يخدم أغراض مهندسي الهجوم على سورية. ما يفسح المجال للعودة الإجبارية إلى السيناريو الليبي, بالتدخل العسكري المباشر, الذي تصر عليه السعودية وقطر. والشاهد أن الألسنة الطويلة والمترعة بالأبلسة, والتي تفحّ من فضائيات “الجزيرة” و “العربية” والـ “B.B.C”, لا تمل من التكرار في طلب فرض “مناطق آمنة”, و”ممرات آمنة” في سورية, وبقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع, و “فرض حظر جوي”, وهي كلها مفاتيح لشيفرة التدخل العسكري التي نجح حمد القطري في تفعيلها حيال ليبيا.‏

فهل يخرج أنان, كما نجح الفريق محمد أحمد مصطفى الدابي, في الخروج من مسننات دولاب هذه الصناعة؟‏

SIWAN.ALI@GMAIL.COM

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية