لم اعرفه فقد تغيرت ملامحه وارتسمت علامات الزمن على وجهه وامتلأ شعره بالشيب انه بمثابة صديق أبثه همومي ومشاكلي قبل أن يكون أخي .
لهفة وحب..
عبر طريق المطار كان يتحدث بلا انقطاع سائلا عن أخبارنا فردا فردا وعن أمي التي تركها قوية وقد تغيرت هي أيضا حدثني عن البرازيل وعن العلاقات الإنسانية الشبه معدومة في ذلك المجتمع الغريب .. العمل يأخذ كل وقته ووقت عائلته منذ الصباح وحتى المساء الوقت الوحيد الذي يرون ويتحدثون مع بعضهم فيه هو العطلة الأسبوعية..
كان متشوقا إلى كل ركن في دمشق والى كل حي وكل حارة فالغربة سرقت منه المرح وأصبح أكثر جدية واتزانا ..وحكمة حاول أن يروي ظمأ اشتياقه إلى بلده في التسعين يوما التي قضاها في بلده فلم يترك مكانا من الأمكنة القديمة التي كان يرتادها إلا وذهب إليها جلس مع أصدقائه الذين عبروا عن فرحتهم بلقائه بأشكال عدة .
حب وطيبة..
خلال فترة إقامته لم يتوقف عن الحديث عن عمله الذي يفتخر بممارسته وهو تعليم اللغة العربية الأم للاجانب المتواجدين هناك في المركز الثقافي العربي في تلك المدينة الرائعة سان باولو حيث في إحدى أحيائها الهادئة والتي من خلالها تعرف على جنسيات متنوعة وزاده هذا تعمقا في ذلك المجتمع الذي يضم خليطا من الشعوب واللغات والديانات المختلفة والتي تربط بينها رابطة وحيدة هي الإنسانية فالمجتمع البرازيلي يتسم بالعفوية والطيبة ورغم كل المظاهر المختلفة المحيطة به ظل الوطن يعيش بداخله وهو في داخل الوطن حيث تنتشر الأحياء التي يعيش فيها السوريون وبقي التواصل مستمرا بينهم ولاسيما في الأعياد والمناسبات رغم كل شيء .
الاعتزاز والفخر..
حدثني بكل فخر واعتزاز عن حب البرازيليين للسوريين واللبنانيين خصوصا و العرب عموما الذين لم يتوقفوا يوما عن التعبير عن ولائهم وحبهم واعتزازهم بالسوريين ونهج المقاومة والممانعة التي ينتهجونها وعادت به الذاكرة إلى أيام حرب تموز عندما امتلأت شوارع سان باولو بالناس وهم يرفعون أعلام سورية و المقاومة والصور التي تعبر عن رموز المقاومة على شرفات الأبنية وفي المطاعم فليس غريبا على الشعب البرازيلي الصديق حبه للسوريين لأنه شعب حي يحب الحرية ويعشق الفرح .
وان الأحداث الأخيرة جعلته خائفا على بلده الذي يحبه ويعشقه وهو يعمل على نشر حقيقة ما يجري في بلده في ذلك المجتمع الغربي البعيد الواقع خلف البحار البلد الذي يملك شعبا محبا للحرية اسمه الشعب البرازيلي الذي لم يتراجع يوما عن دعم قضايا بلدنا في كل وقت وزمان .