في حين يؤكد مجدداً بأن كل تلك الخلافات بين الطرفين هي مجرد بروباغندات إعلامية.
إلا أن إعلان الجانبين الأميركي والتركي عن التوصل إلى اتفاق في مباحثات أنقرة، وما تظهره المعطيات المتتالية يدل على أن المساومة بين الطرفين لم تتضح تفاصيلها، وقد حفظ كل طرف لنفسه ما يسعى إليه على المدى البعيد، وهو ما عبّر عنه وزير حرب النظام التركي خلوصي أكار في تأكيده على اقتراب الولايات المتحدة من وجهة النظر التركية بشأن ما تدّعيه أنقرة وتزعمه من هواجس وتهديات استراتيجية لأمنها القومي، في الوقت الذي يأتي تصريحه يوم أمس والذي يعبّر عن مزيد من الخلافات والاختلافات بين الطرفين التركي والأميركي ولا سيما فيما يخص اتفاق «المنطقة الآمنة» المزعومة.
فتركيا أعادت الكرة إلى نصف الملعب الأميركي بعد أن أصرّت على موضوع الخلاف والذي يتعلق بعمق تلك «المنطقة»، مهددة بشكل غير مباشر بالعمل بشكل مستقل لإنشاء «المنطقة الآمنة» المزعومة، عن طريق الخطط البديلة.
تلك المعطيات ظهرت من خلال ما أعلنه وزير حرب النظام التركي بقوله إن تركيا تصرّ على ما يسمى «المنطقة الآمنة» في سورية بعرض 30-40 كيلومتراً على حدّ تعبيره.
وكانت قد انتهت في وقت سابق، المفاوضات بين شريكي الإرهاب التركي الأميركي، إلى إنشاء ما يسمى «منطقة آمنة» شمال سورية، ووفقاً لوزارة حرب النظام التركي، فقد توصلت أنقرة وواشنطن إلى اتفاق لإنشاء ما يسمى مركز تنسيق للعمليات المشتركة في «المنطقة الآمنة» المخطط لها وذلك كله للوقوف على مزيد من دعم الإرهاب ومدّ تنظيماته بكل الوسائل الإرهابية.
ورأى محللون بأن مرتزقة «قسد» سيكونون الخاسر الأكبر في كلا الحالتين فيما إذا تم هذا الاتفاق أو لم يتم، وسيجدون أنفسهم مجدداً مطيّة الأهواء الأميركية التي تتخلى عنهم في الوقت التي تراه مناسباً للوقوف على مصالحها، فهي على الرغم من دعمها لهم إلا أنها بنفس الوقت لا تستطيع التخلي عن تركيا شريكها بدعم الإرهاب.
ورفضت دمشق هذا الاتفاق بشكل قاطع، فهو يعدّ اعتداءً على سيادة سورية ووحدة أراضيها وانتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
إلى ذلك لا يزال مشهد الانفلات الأمني، مسيطراً على مجريات الأحداث ضمن مناطق ريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة الفصائل الإرهابية المدعومة تركياً.
ويتزامن ذلك مع استمرار عجزها عن ضبط الأوضاع الأمنية وخاصة على صعيد عمليات التفجير المتتالية التي طالت مختلف المواقع سواء المدنية أم الخدمية التابعة لها ضمن تلك المناطق.
وأسفرت التفجيرات التي تتعرّض لها منطقة عفرين خلال العام الماضي، عن مقتل وإصابة المئات سواء من الجنود الأتراك وعناصر الشرطة التركية أو من قيادات وإرهابيي الفصائل على اختلاف مسمياتها، وفق ما أكدته مصادر من عفرين.
تلك المشاهد جاءت مشابهة تماماً لحالة الفلتان في مناطق سيطرة مرتزقة «قسد» المدعومة أميركياً بعد أن أخذت على عاتقها ضرب المدنيين في مناطق سيطرتها وقتل كل من يخالف أهواءها التبعية.
ويوم أمس استشهدت طفلة وأصيب عدد من المدنيين إثر إطلاق عناصر مرتزقة «قسد» النار بشكل عشوائي على منازل المدنيين في بلدة البصيرة في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي.
أما ميدانياً فكما جرت العادة عمل الجيش العربي السوري لإيصال رسائل الحزم عبر متابعة مسيرة التحرير وضرب الإرهاب رامياً خلف ظهره كل تلك المحاولات لإيقاف عجلاته العسكرية في التقدم ميدانياً.
نصر تلو الآخر يحققه الجيش السوري رافعاً منسوب إنجازاته حيث أحكمت وحداته سيطرتها على بلدتين وتل في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي بعد اشتباكات عنيفة مع إرهابيي تنظيم «جبهة النصرة» والمجموعات الإرهابية المنضوية تحت زعامته.
وأفاد مصدر عسكري بأن قوات الجيش العاملة في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي أكملت إحكام سيطرتها التامة على كل من «تل سكيك وبلدتي سكيك والهبيط»، وذلك جاء بعد معارك عنيفة وجّهت فيها ضربات قاصمة للتنظيمات الإرهابية المسلحة التي كانت متمركزة هناك.
وواصلت وحدات الجيش العربي السوري عملياتها في محاور عدة ضد تنظيمي جبهة النصرة و(كتائب العزة) الإرهابيين وغيرهما من المجموعات الإرهابية محققة خلال الساعات الماضية تقدّماً جديداً في ريف إدلب الجنوبي بعد استعادة عشرات القرى والبلدات بريف حماة الشمالي.
وتتابع وحدات الجيش عملياتها ضد المجموعات الإرهابية التي تنتشر بريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي والتي تتلقى دعماً غير محدود بالسلاح المتطوّر والطيران المسيّر والعربات المدرعة من قبل نظام أردوغان الإخواني وأنظمة خليجية وغربية.
تلك الإنجازات كان لها وقعها في مختلف الاتجاهات حيث ذكرت بعض المواقع التابعة لمرتزقة الغرب بأن استعادة الجيش السوري لبلدة السكيك في ريف إدلب يجعلها على مقربة من مناطق أكثر استراتيجية، وأن التقدّم الذي حققته القوات السورية في ريفي حماة وإدلب، أحدث تغييراً في خطوط التماس وتسبّب بمقتل عشرات الإرهابيين.
في غضون ذلك لم تكن هذه الانتصارات منفردة بل رافقتها صفعات أخرى وجّهها الجيش العربي السوري بمساعدة حلفائه لداعمي الإرهاب الوهابي الإخواني بعد تمكّن الدفاعات الجوية المحيطة بقاعدة حميميم في سورية من التصدى لهجوم بالطائرات المسيرة القادمة من مناطق سيطرة «جبهة النصرة» الارهابية في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي.
مضادات الدفاع الجوي المكلّفة بحماية قاعدة حميميم العسكرية تصدّت للأهداف المعادية التي حاولت الاقتراب من القاعدة، وإسقاطها قبل وصولها إلى أهدافها دون وقوع أي أضرار مادية أو بشرية.
ويأتي هذا الاعتداء بعدما بيّنت معلومات بأن الإرهابيين مستمرون في محاولة تنظيم الهجمات على قاعدة حميميم الجوية في سورية، حيث تظهر المعطيات والنتائج مجدداً الفاعلية الكبيرة التي تنتجها هذه القاعدة في ضرب كل مشاريع الأعداء وإحباط مخططاتهم الجهنمية.