فهناك كثير من الأهل يكتفون بأجوبة قاطعة «نعم «أو «لا» عن استفسارات وأسئلة صغارهم ويفتقدون مهارة الاستماع لتعليقاتهم ولا تتيح لهم فرصة للعب وخصوصا ًأيام الدراسة وتعتبره مضيعة للوقت ،كما هو حال بعض الإدارات في مدارسنا أيضاً التي تستبدل مواد التربية الفنية والرياضية بمواد أخرى علمية تعتقد أنها أكثر أهمية واستثماراً للوقت ،الأمر الذي يساهم في تعطيل ملكة الإبداع عند طلابنا وأكثر ما يميتها ألقاب سلبية يطلقها بعض المدرسين على الطلاب من مثل أنت غبي.. وكسول ، وتعليقات سلبية واستهزاء بأفكار الطلاب والتعامل مع المعلومة التي يطرحونها على أنها مسلمة لا يمكن نقاشها وزرع الخوف والخجل من رموز السلطة والقدوة في حياتهم.
التحصيل الدراسي والإبداع
أمام الجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارة للنهوض بالعملية التعليمية التربوية من الحفظ الأصم والتذكر والتلقين السلبي إلى تنمية التفكير الابتكاري من خلال مرونة المناهج وحداثة طرائق التدريس التي تعتمد التفاعل الصفي والذي يهتم بكيفية الحصول على المعلومة أكثر من اهتمامه باستقبال المعلومة وحفظها وتسميعها والوقوف عند وجهات النظر المتباينة ،تفاعل يشرف عليه معلم خضع لدورات تدريبية متميزة تمكنه من تعليم الطالب اصطياد المعلومة ،ما يتوجب عليه الاجتهاد وتشغيل الملكات العقلية العليا للفهم والاستيعاب والتمييز ،مع هذه الآمال والطموح للوصول إلى التميز والإبداع يخطئ الكثيرون حيث يعرفون الإبداع من منظور ضيق للغاية ينحصر في التحصيل العلمي العالي في المدرسة أي من خلال العلاقات المدرسية وهي إن كانت مؤشراً ولكنها ليست مقياساً دقيقاً على الإبداع ،وهناك كثير من العلماء والمبدعين يثبتون صحة هذا الرأي.
فأديسون العالم كان تلميذاً فاشلاً في المدرسة وعالم الفيزياء نيوتن كانت علاماته ضعيفة وعن بيتهوفن الموسيقار الشهير قال معلم الموسيقا..أنه ميئوس منه.
شروط أساسية للإبداع
داخل كل طفل صغير..إنسان مبدع ،هذا ما يؤكده الخبراء في هيئة شؤون الأسرة واليونيسف وفي تشجيع الإبداع عند الأطفال قالوا: الإبداع مهارات تتطور بالتدريب والممارسة والاستكشاف واللعب والتفاعل مع البيئة المحيطة والمبدع ليس الناجح في المدرسة فحسب أو المخترع إنما يتعدى ذلك إلى كل مجالات الحياة الإنسانية والعلمية والحياتية ،والأسرة التي توفر للطفل فرصاً للاستكشاف ويتاح له المجال لطرح الأسئلة ووقتاً للعب وسرد القصص ،تكون له فرصة أكبر لتطور الإبداع لديه ،ومن المهم أن يتحرر الطفل من الأحكام المسبقة التي يقيده بها الكبار ما يعيق تفكيره ومبادرته ، ومن الإجراءات والممارسات التي تساعد على تطوير الإبداع..التشجيع والتقدير لجهد الطالب وليس التركيز على الانجاز وتدريبهم على طرح الأسئلة بشجاعة وثقة بالنفس وتجاوب المعلم مع الأسئلة حتى لو تكررت مع عدم إبداء التذمر من كثرتها ،والتوقعات العالية دائماً من أبنائنا الطلبة والتركيز على النتيجة وليس الجهد من أكبر الأخطاء التربوية التي تعيق الإبداع والخوف يطفئ الرغبة في الإبداع بل يلغيها ويدمرها، ويفجر الإبداع الحب والدافعية والتشجيع والثقة بالنفس.
رعاية المبدعين..مسؤولية مشتركة والمدرسة كمؤسسة تعليمية أساسية ،وبيئة مهمة في صقل شخصية المبدع أو طمسها،وللأسرة الدور الأهم في تشجيع هذه الملكة وتنميتها بتخصيص وقت نوعي للجلوس مع أفرادها والتحدث والاستماع إليهم بحب وهدوء فرح.