وبعدها بدأت معاناة ام عبد الحميد رجا .
فلم تكن تعلم أن ابنها عبودي وهو أصغر أبنائها يعاني من مرض ما, و قد كان وضعه حتى السنة والنصف طبيعيا وجيدا الى أن أصبح بعمر السنتين ليغدو وحيدا منزويا بعيدا عن اخوته .
وهنا تقول أمه أن حالته تدهورت كثيرا , تم عرضه على اختصاصي نفسي وبعد العديد من الأسئلة والاستفسارات والفحوص والاختبارات اكتشفنا معه مرض التوحد كان عبودي غير مدرك لا لذاته ولا لأي شيء , فلا يعرف كيف يأكل ولا يشرب يعاني من صعوبة في كل شيء .
عن مرض التوحد وكل ما يتعلق به سألنا الاستاذ :شحادة زغريني ماجستير تربية خاصة في مركز التوحد بمنظمة آمال حيث قال : بالنسبة للتوحد نلخصه بثلاثة مؤشرات أساسية ضعف التفاعل الاجتماعي ضعف التواصل اللفظي وغير اللفظي والأمر الثالث هو الحركات النمطية والتماثلية والروتين المحدد.
كيف نتعرف على مؤشرات التوحد الاساسية ؟
بداية في الشهور الأولى على الأم أن تلاحظ ظهور بعض المؤشرات مثلا تعابير وجهه ليست واضحة كذلك تواصله البصري مع الأم غير واضح واستجابته للمثيرات السمعية أو البصرية ,كدق الباب أو اشعال النور قد تكون استجابته لذلك متأخرة وأحيانا لا ينتبه لها لذلك على الأم أن تنتبه جيدا لهذه التفاصيل المتعلقة بالتواصل والتفاعل عند ابنها .
يضيف شحادة بعد ذلك نجد أن المؤشرات بدأت تتوضح له أكثر فبعمر السنة من المفروض في الطفل أن يقلد حركات وجهية أو حركات بيديه فعندما تقول له الأم( باي )مثلا فيقلدها هو وعليها أن تثني عليه كثيرا .
صعوبة بالتقليد واللعب
ويلحظ شحادة :أن أحد المؤشرات المهمة عند طفل التوحد أن يكون عنده صعوبة بالتقليد فلا يستطيع ان يقلد أي حركة أما الطفل الطبيعي فإنه كحد أدنى يقول بعض الكلمات, بعد ذلك تظهر لنا أمور غريبة ومنها أنه لا يهتم للألعاب على الإطلاق أو عنده اهتمام ضعيف جدا باللعب أو دائما يلعب بنفس النمط من الألعاب نفس الوتيرة دون أن يغيرها.
يقول شحادة : ثم تظهر عنده حركات نقول عنها حركات نمطية قد تتكرر بنفس الطريقة كالرفرفة (يهدل مثل الحمام)أو يلعب بالأصابع أو هز بالرأس متكرر أو أرجحة جسمية متكررة ,ممكن أيضا عندما يتعلم المشي أن يمشي على رؤوس أصابع قدميه وبذلك نجد أن حياة طفل التوحد قد أخذت شكلا معينا أي أخذت روتينا محددا بدأ ينام بنفس الموعد ويستيقظ بنفس الوقت , و تصبح لديه انتقائية بالطعام أي يأكل نفس الأكل باستمرار لا ينوعه .
لكن بنفس الوقت توجد ملاحظة مهمة وهي من الممكن ألا نجد كل هذه الملاحظات مجتمعة عند طفل التوحد و نجد بعض الأطفال يطوروا مهاراتهم الطبيعية مثل باقي الأولاد أو يطوروا كلمات كانوا قد تعلموها من قبل, وفجأة يبدؤوا يخسروها تدريجيا نتيجة حدث ما .
متلازمة سبرغر
ويوضح شحادة ان طفل سبرغر هو طفل توحد أيضا وتوجد عنده لغة أي يتحدث ويتكلم مع الآخرين لذلك فمن الصعب جدا أن نكتشفه بالسنوات الأولى ,و متلازمة سبرغر هي ضمن اضطراب طيف التوحد هذه المتلازمة يكون الطفل فيها يتكلم بشكل نظامي ودرجة ذكائه متساوية مع ذكاء الأطفال العاديين , يدخل المدرسة ومن الممكن أن يقطع مراحل بالدراسة لكن عنده صعوبات معينة ,
قد لا يكون عنده حركات نمطية لكن عنده اهتمامات محددة دائما يشغله الحديث عن الفضاء اوعن الحشرات او الحديث عن شيء معين وهذا يشغل اهتمامه لفترة طويلة .
وهو طفل قادر أن يحكي ويناقش لكن لغته فيها مشكلة نسميها نحن الاختصاصيين الاستخدام البراغماتي للكلام فهو قد لا يفهم نكتة أولا يفهم ما وراء الكلمة, أي إن قلت له كلمة تقصد فيها شيئا ثانيا هل هو قادر أن يفهم هذا الشيء الثاني وهل قادر على قراءة تعابير الوجوه بالشكل الصحيح , حتى هذه عنده صعوبة فيها لكننا رغم كل هذه الفروقات فإننا نفرقه عن طفل التوحد النمطي الذي يكون لا كلام ولا تواصل.
و توجد حالات من طفل سبرغر تكمل بالمدرسة و حالات أخرى عندها قدرات عالية وموهوبة وهم أطفال توحد.
وتابع يقول :أحد الأطفال عندنا بالمركز قادر أن يقوم بعمليات حسابية دقيقة صعبة وسريعة جدا وطفل آخر عندنا في المنظمة تعطيه أي تاريخ وهو يعطي اليوم بالضبط , و يوجد طفل آخر عنده ذاكرة تفصيلية رهيبة ومهارة إدراك التفاصيل بدقة شديدة .
هل توجد احصائيات دقيقة عن المرض؟ .
لا توجد في سورية احصائيات عن مرضى التوحد ولا يعرف سبب التوحد الى الآن إذ لا يوجد شيء محدد وإنما توجد فرضيات عدة وأسباب جينية وأخرى وراثية لكن السبب الحقيقي للتوحد غير معروف .
ماذا عن الاحصائيات عالميا ؟ طفل لكل 59 طفلا في العالم حتى عام 2018هي النسبة العالمية .
دور منظمة آمال
نركز بالمنظمة على الكشف المبكر ونطبق قوائم مسحية هي قائمة فيها 19 بنداً تعطينا مؤشرات التوحد, قادرة الأم أن تطبقها بالبيت كذلك الدكتور بعيادته بناء على اساسها نحول الطفل للتشخيص .
و التشخيص يكون من قبل فريق مؤلف من دكتور عصبية ونفسية, واختصاصي تربية خاصة ,اختصاصي نطق وسمعيات يطبقون اختباراتهم وبناء عليها نقول أن الطفل لديه توحد أو لا .
المرحلة التالية : هي مرحلة التأهيل ويوجد عندنا بالمنظمة ما يسمى التدخل المبكر ويكون بحالة الأعمار الصغيرة , تبدأ الأم تكتشف أن ابنها لديه مشكلة ما فإننا نحوله الى نظام التدخل المبكر نستقبل الأسرة مع الطفل لمدة جلسة أو جلستين اسبوعيا, من أجل إعداد خطة تربوية ومنزلية للطفل وبنفس الوقت ندرب الاسرة كيف ستتعامل مع الطفل بعد التدخل المبكر.
عندما يصل عمر الطفل من سنتين الى 3 سنوات المفروض يتحول من التشخيص الى مرحلة المركز بدءا من الساعة الثامنة الى الساعة الواحدة خاصة بالسنة الاولى
ومن أهم أهداف آمال .. تدريب الاطفال والكوادر لتكون مركزا نموذجيا للمعلمين الذين سيدربون في المراكز الاخرى في المحافظات .
نحن بالمنظمة ندرب المدربين على الجانب العملي كيفية التعامل مع طفل التوحد.
كشف مبكر تدخل مبكر تهيئة للدمج متابعة له.
وأخيرا لابد للأمهات من الانتباه الجيد لكل ما يتعلق بمولودها والتركيز على كل شيء يخصه وبناء علاقة خاصة ومتينة معه