الصهاينة والربيع حيث كيف ستقدم إسرائيل لشعبنا الحرية، وحقوق الإنسان، وهي تغتصب أرض الوطن؟! ووصف الإرهاب بالجهادي في بلادنا، وبالإرهاب الإسلامي في بلاد الغرب حين يتقرّر له من قبل مشغليه أن يضرب في بلد أوروبي ما. ويُلبس عند الغرب الإرهاب أكثر من لبوس خدمة للغرض الاستثماري منه فها هي النصرة في إدلب يطلقون عليها مسمّى: المعارضة المعتدلة المسلحة، وفي الأمم المتحدة قراراتٌ تصفها بالإرهاب الدولي المصنّف. والمعارضات السورية يرسم لها الغرب الأدوار باسم الوطنية لتكون قابلة للتطبيع مع كيان العدوان، وكأن المدخل إلى الحل السياسي في سورية يجب أن يمرّ من التطبيع مع العدو أولاً ثم ندخل إلى المرحلة السياسية التي يرسمون لها بالإرادة الغربية المتصهينة. وحين يتم الاتفاق على مؤتمر دولي لتنفيذ قرارٍ ما من قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالحل السياسي نجد المندوب الأميركي ملقّنَ المسرح المكشوف ليتضح أن مندوبي المعارضات السورية لا يُسمح لهم بأن يعبّروا عن إرادتهم باستقلالية حقوقية إنسانية على أقل تقدير بل هم قوى صمّمت في الخارج، وتتلقى مهامها منه، وليس لها أيُّ فكاك من هذا الحال. وحتى في التوازنات الإقليمية التي صنعها الحلف الأمروصهيوني وسخّر لها الأدوات الأعرابية لم تقف أميركا عند نهج معروفٍ محدد يلتزم فيه الأعراب بل جعلتهم أمام مساحات من التضليل، والدفع من الخارج، والتلقين ما صيّرهم قوى عمياء تتسابق في الفراغ الإقليمي للدرجة التي تاهوا فيها جميعاً ثم اختصموا حول سورية، وخرج البعض منهم من الإطار السياسي لبلده ليتحوّل إلى محبط مجهول لم يعد يسمع به أحد. وكذلك الحال بالنسبة لأردوغان حيث تمّ تشغيله عبر تحريض نوازعه السلطانية، وحين أدى المهمة الأولى، واعتاد على المنعكس الشرطي وفق نظرية بافلوف الروسي وضعوا له فتح الله غولن ليلتهي به ويترك طموحاته في دخول الاتحاد الأوروبي، أو في ضم الأراضي السورية تحت ذريعة الخطر الكردي عليه. وكذلك في المعادلة الدولية يحاول الحلف الأمروصهيوني أن يُحجّم الدور الروسي والإيراني في التحالف مع الدولة الشرعية السورية، وهكذا في الدور الصيني حيث تقوم سياسة ترامب على إشغال العالم بكل ما هو مخالف لمواثيق الأمم المتحدة، وللقانون الدولي الناظم للعلاقات الدولية، وتسعّر حدة النزاع الدولي السياسي، والاقتصادي، والعسكري من خلال التّنصّل من كل الاتفاقات الدولية وآخر ما حُرّر كان التنصّل من اتفاق الصواريخ المتوسطة المدى في أوروبا وكأن أميركا تريد سباق تسلح جديد في مساحة العالم حيث أعلنت عن نيّتها بوضع قواعد صاروخية في آسيا، بما لا يراعي الرفض الصيني لهذا المقصد.
والنهج الأميركي المستدام هو نهج تعطيل الإرادة الدولية الراغبة بالحل السياسي الوطني في سورية الذي يقوم على ترجيح إرادة الداخل على الخارج، وترجيح الحل الوطني على الحل الدولي الأميركي المتصهين. وترجيح حق السيادة على صيغ التدخل الخارجي الذي لم يكتسب أي شرعية إن كانت من الأمم المتحدة، أو من التنسيق مع الدولة السورية صاحبة الاختصاص. ولقد وقف المجتمع الدولي على أكثر من تصرّف لأميركا تعطّل فيه آليات الحل السياسي الممكن في سورية، والرفض الأميركي لأستانا برهان دائم حيث تتواجد أميركا وأطلسيوها على الأرض السورية من التنف إلى شرق الفرات، وتقوم بمحاولات خلق وقائع ميدانية تعتقد فيها بتأزيم الموقف داخل سورية حتى تجبر الدولة السورية من ناحية على الرضوخ لإرادتها رغم الوجود غير الشرعي لها. ومن ناحية ثانية توظّف الكرد المتعاملين معها على تثبيت النهج التقسيمي في سورية كون أميركا ستعوّض فشلها في الحرب الإرهابية على بلدنا بهذا النهج التقسيمي حتى يبقى لها موطئ قدم في سورية من خلال الكرد المراهنين عليها. ومن الناحية الثالثة حتى تجبر أردوغان على قبول إرادتها في كانتون كردي على حدود تركيا له وظائف أمروصهيونية دون أن يعتبره خطراً على الأمن القومي التركي من منظور أن حبل الرقبة ممسوكاً باليد الأميركية الصهيونية. ونلاحظ في الآونة الأخيرة أي بعد أستانا 13 كيف يوافق أردوغان في نور سلطان على وحدة الأراضي السورية، وعلى تفاهمات سوتشي ثم حين يعود لا يبذل أي جهد لإجبار النصرة على قبول الهدنة التي اتفق عليها، ولا على انسحابها إلى عمق عشرين كيلومتراً مع تسليم سلاحها المتوسط والثقيل.
ومن هنا نفهم أن أردوغان يماطل حتى بأوامر أميركية صهيونية فهو يستقبل المندوب الأميركي للتفاهم على المنطقة الآمنة التي يزعمها مع أن سبل التفاهم معدومة لما فيها من تنافر الأقصيين، ثم يعود من أستانا ليترك النصرة ترفض الهدنة، والانسحاب، وكل مقررات أستانا 13، ثم يداور من جديد مع المندوب الأميركي حول تحديد مفهوم المنطقة الآمنة، ومساحتها. ومن غريب الحال في العلاقات الدولية أن طرفين محتلين ومتدخّلين في الأرض السورية ولا يحترمان مفاهيم السيادة الوطنية للدولة الوطنية سورية وفق نصوص القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، ويتفاوضان على مصالحهما، وكأن الطرف المعني سورية الدولة لا علاقة له بما يدعونه المنطقة الآمنة. وإذا كنّا اليوم أمام أخطر حلقات العدوان علينا، وغطرسة القوة من قبل أميركا، ومن قبل المتهالك في بلاده أردوغان فإن الطبيعي بالنسبة لنا أن نحرّك الحياة الوطنية باتجاه المزيد من التلاحم، والصمود، وخوض المواجهة مع المحتل سواءً أكان إرهابياً كجماعات، أم كدول مع العلم أن أميركا كما هي عادتها لا تهتم بمصالح أحد ولو كان حليفاً بمقدار ما تهتم بمصالحها مع الصهيونية وحسب، ولذلك سيرى أردوغان أنه كما يحاول ألّا يُمكّن الجيش السوري وحلفاءه من تحرير إدلب وشرق الفرات، كذلك ستحاول أميركا أن تمنعه من الهجوم على الأكراد عملائها حتى تبقى أميركا قادرة على استخدام الإرهاب، والأكراد العملاء لها، وأردوغان في مصالح الصهيونية وكيانها إسرائيل.
وهذه الحقيقة هي التي ستمرّر صفقة القرن الترامبية التي ما زال كوشنير يسوّق لها في منطقتنا، ومن يعتقد خلاف ذلك سنقول له: غداً سينكشف الثلج ويبان المرج، وكان قبل ذلك قد انكشف لأميركا ما سيقنعكم أيها المراهنون عليها لو أن لكم إرادات حرّة مستقلة وسيادية.