وقد تبدل موقف وزير خارجية فرنسا الآن عما كان عليه خلال زيارته الأولى قبل ستة أشهر من الآن فقد أعرب برنار كوشيز او كما يدعونه الدكتور الفرنسي خلال زيارته الى فلسطين والاراضي المحتلة الشهر المنصرم عن (خيبته الشديدة) و(قلقه العميق) خلال تصريح قال فيه (هناك حيث كل شيء محاصر).
وثمة نقطة ليست بحاجة للاستفاضة باللقاءات ليدرك المرء ان مسار السلام معطل ولا بارقة أمل تلوح في الافق ولا يجد سكان غزة المعروف أنها خالية من أي مصادر طبيعية سوى من قنبلتها السكانية وقد استقبلت بعد حرب عام 1948 افواج اللاجئين الفلسطينيين لتتحول الى مخيم ضخم للاجئين وقد احتلتها اسرائيل من مصرعام 1967 ما يسد رمقهم ويعينهم على البقاء والاستمرار في الحياة ولازلنا نتذكر التصريحات التي ذات حين تفتحت ازهارا في وصف ما سيؤول اليه الحال في غزة (سنغافورة الشرق الأوسط) وكيف ستتدفق رؤوس اموال عربية الى شواطىء المتوسط حال انفكاك الطوق الاسرائيلي عن رقبتها ولكن ورغم انسحاب الجيش الاسرائيلي الاحادي الجانب من القطاع عام 2005 تعاني الاوضاع هناك دمارا وخرابا من ناحية الفقر والبؤس وتفشي البطالة لتتجاوز عتبة 51% من عدد السكان بسبب الحصار الاسرائيلي وامتناع العالم عن مد يد العون لتلك البقعة الصغيرة والمزدحمة ولا تسمح إسرائيل بدخول سوى النزر القليل من المساعدات وغزة ترتبط بتلك المساعدات بنسبة 80% باختصار انها بؤرة بؤس تشكلت من محاصرتها وهي قابلة لكل اشكال الضغط النفسي الجمعي.
جدار الحصار الذي ارتفع عاليا حول غزة منع عنها وصول الغذاء والكهرباء والغاز وحتى حليب الاطفال والدواء وكل ما من شأنه تخفيف عذاب وآلام الشعب ولذلك وحينما استطاع الغزاويون هدم ثغرات في معبر رفح مع مصر خلال شهر كانون الثاني المنصرم حملوا معهم من هناك الحليب والاسبرين والدفاتر والعاب الاطفال.
وحتى رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض والذي منحه مؤتمر المانحين الذي عقد في باريس نهاية عام 2007 جرعة أمل هاله التباطؤ والتلكؤ الشديدين في وصول الاموال الموعودة رغم تأكيده عبثاً ان السلطة الفلسطينية تمسك بقبضة من حديد جميع المراكز الحدودية الرئيسية مع غزة.
ومن الجانب الاسرائيلي ترتفع اصوات تطالب بتحويل عبء ايصال المساعدات لأراضٍ كان يرغب الكثيرون منهم لو انها لم تكن موجودة الى مصر .
وتشدد من يدعونهم الصقور أكثر ليتجهوا نحو الفاشية مثل يارون لندن الذي طالب على غرار وزير الداخلية شيمون شيتري بقصف الاحياء المزدحمة في غزة كوسيلة ردع اخيرة او رفع الحواجز امام الجيش من اجل تنفيذ عمليات الاغتيال المستهدفة.
وردا على ذلك عمدت حكومة تل ابيب الى تصفيح المنازل في مستوطنة سيدروت وان كانت حماس قد اعلنت عن خيبة أملها فذلك سببه موقف الدول العربية المجاورة لها أكثر ومن هنا جاء تهديد أحمد يوسف أحد مسؤولي حماس توعد فيه أن اسرائيل ستواجه نصف مليون فلسطيني يسيرون نحو معبر ارتيز وهذا الوعيد ليس مستغربا ان ينضم إليه ما تبقى من دعاة السلام في اسرائيل والمتطوعون للانضمام الى هذه الجموع الفلسطينية.
الأمر الذي سيربك الجيش في تصديه لها.. وفي انتظار ذلك وصفت حماس لقاءات عباس وأولمرت (بالمضيعة للوقت) مؤكدة أن المقاومة ستبقى هي الرد الطبيعي للجرائم الاسرائيلية.