وتفعيل الخيار العسكري ضد إيران، إلى جانب الخيار الدبلوماسي، هل أصبحت الضربة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران واردة؟
إن اسرائيل منذ فترة طويلة، هي وحليفتها الاستراتيجية الأولى في العالم وحاميتها الولايات المتحدة تروجان أن الخطر الوجودي عليها في هذه المنطقة من العالم وعلى حليفتها بل على المجتمع الدولي كله ينبع من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لذلك حاولت مباشرة وعبر اللوبي اليهودي الأميركي الفاعل جداً، إقناع إدارة المحافظين الجدد السابقة، وخاصة بعد الاعتداء الإرهابي الذي تعرضت له أميركا في 11 أيلول 2001 بأن الرد المباشر عليه هو ضرب أفغانستان وإسقاط نظامها، واستهداف إيران عسكرياً بحجة أنها تشكل الخطر الإرهابي الأول على الجميع في المنطقة والعالم، ثم كانت المحطة الثانية في حربها العالمية على الإرهاب العراق ليس لأنه يملك أسلحة دمار شامل، إنما لأنه هدف سهل يمكن من خلاله تلقين أعداء أميركا رسالة قاسية، وبعدها بدأت حملة تجديد الشرق الأوسط للسيطرة على منابع النفط، وحماية أمن اسرائيل. وإيران صارت في تقدير هذه الإدارة أكثر خطراً على أميركا واسرائيل والعالم، ومنذ الحرب علىِ العراق ولذلك تعمل اسرائيل على حث الإدارة الأميركية الحالية على ضرورة مواجهة خطر إيران.
ولكن وفي وقت سابق كان المسرح العالمي مهيأً لضرب إيران قبل نهاية ولاية بوش كي تتورط الإدارة الجديدة في الحرب بعد رحيله هو وإدارته، ويكون بذلك قد وضع استراتيجية جديدة يصعب التخلي عنها لفترة زمنية طويلة، فالولايات المتحدة سعت خلال هذه الفترة لعزل إيران سياسياً لتقويض العلاقة بينها وبين روسيا، لتقف منفردة أمام الهجمة الأميركية.
وهناك تسريبات كثيرة خرجت من اسرائيل وأميركا، بل ومن بعض الدول الأوروبية تضمن سيناريو الحرب على إيران، ومن أهم هذه السيناريوهات ماتم تسريبه عن مصادر عسكرية إسرائيلية بأن 90 طائرة مقاتلة اسرائيلية ستعبر الأجواء باتجاه الأراضي التركية يرافقها طائرات التزود بالوقود التي تمتلكها اسرائيل لتواصل طريقها باتجاه شمال العراق، ومن هناك إلى إيران لتسقط قنابل زنة 2 طن وأخرى تزن 2250 كغ على المنشآت النووية الإيرانية، مدعومة بـ 42 صاروخاً من طراز أرض - أرض تنطلق من الأراضي الاسرائيلية لتصيب أهدافها في إيران بدقة كبيرة، و إذا تم تدمير المفاعل النووي في بوشهر فإن آلاف البشر في منطقة الخليج سيلقون حتفهم بسبب تعرضهم للإشعاع، إضافة إلى أعداد كبيرة ستعاني أمراض السرطان.
لكن في الوقت نفسه فإن الرد الإيراني سيكون قاسياً في هذه الحالة، فالإيرانيون لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام عدوانية اسرائيل، بل يمكن أن تعلن إيران انسحابها من اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية NPT التي تسمح حالياً بمستوى معين من الرقابة على منشآتها النووية، كما سيؤدي هذا الهجوم الاسرائيلي إلى وقف فوري وشامل لكافة الجهود الدولية الرامية إلى الضغط على إيران لوقف برنامجها النووي، بل قد لاتكتفي إيران بهذا الرد، إنما قد تقوم بضرب إسرائيل مباشرة، وهي قادرة على إطلاق صواريخ شهاب3 التي تغطي في مداها جميع الأراضي الاسرائيلية باتجاه أهداف داخل اسرائيل، مع إمكانية أن يحمل بعضها رؤوساً حربية كيماوية، ومن هنا سيؤدي هذا الهجوم الاسرائيلي، في حال وقوعه إلى زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
كاتب وصحفي مصري