نهاد الترك في غاليري أيام..يداعب الخط واللون في صياغة تشكيلية متفردة
ثقافة الثلاثاء 5-1-2010م قصي بدر إن الفنان الشاب نهاد الترك لا يبحث في محيطه عن الجميل كي يعيد صياغته بل يبحث عما هو قبيح من الذاكرة والعالم المحسوس والمتخيل كي يخلق منه هيئات تصويرية تمتاز بامتلاكها للجمال ومتعة التذوق في البنية والمعنى
وها هو اليوم يعرض في غاليري أيام مجموعة كبيرة من الأعمال ذات الأبعاد المتوسطة نسبياً معلناً موقفه مما يعيش ومما يستقر في ذاكرته من ألم وبهجة من خلال المواد المختلفة التي تبدو بين يديه مادة غنية تكشف عن تأثيرات متعددة تحيلنا إلى لغته التعبيرية الصادقة التي لا تشوبها أياً من مفردات الابتذال أو سواها من الافتعال لحالات عفوية أو طفولية، فمن الواضح أنه يداعب الخط واللون ويستمتع بالتأثير الذي يبدأ بالظهور على السطح في سيرورة الفعل التشكيلي الطويل في حياة اللوحة التي يمنحها المزيد من التفاعل والدفء العاطفي حتى يظهر سطحها بهذا الشكل الحامل للقيم المتعددة.
من الملاحظ أن الفنان الشاب هذا استطاع الاحاطة بطيف واسع من الألوان التي استنبط منها الدرجات اللونية المنسجمةمع محيطها والتي تخدم عموم السطح، حيث تتحاور ألوان متباعدة في أوساطها معلنة انسحابها وترابطها ويتواصل الحار والبارد وتتصارع قيم اللون الواحد ويظهر الأحمر الناري متوهجاً ومشتعلاً والأصفر صارخاً والبنفسجي مخففاً من وطأة الاحتراق وأما الأسود فتخلل الأعمال محدداً عناصر بعضها أو ساحباً النظر لعالم غرائبي ومجهول وأما الخط فبدا واسع الحضور فوق العناصر وبجوارها وعلى المساحات المحيطة مؤكداً درجات معينة من اللون وخالقاً لبعض التشققات التي ظهرت على بعض العناصر كالفاكهة والشخوص وغيرها غير أن هذا الخط يعبر عن جذبه للفنان الترك الذي لا يرغب في التخلي عنه ويراه على ما يبدو متنفساً أثناء العمل ومجالاً للرسم اضافة لكون هذا التأثير جزءاً هاماً من الأداء التصويري هذا.
فيما يخص العناصر المستقرة على السطح في اللوحات عموماً يمكن القول إنها تتمتع بصياغة خاصة جداً توصل لها الفنان بعد بحث وجهد طويلين وهذا الشكل الذي يبدو جديدا ً ويكتنز شخصية متفردة بامتداده وعشوائية محيطه واستهدافه للمعنى في العنصر المألوف وغرابته ومعالجته اللونية وهنا تكمن استقلاليته عبر هذه الصياغة التي أكدت شخصية تصويرية تتمتع بجماليات متعددة وقيم واضحة. تتنوع الموضوعات التي توحدها رؤية فنية لها مرجعيتها الذهنية المعبرة عن أفكار هذا الفنان، رؤية واحدة ربما لكن لا يمكن لجم توجساتها والاحاطة باتجاهات خيالاتها، والموضوعات هذه التي تنقلت بين الطبيعة الصامتة والحالات الانسانية المختلفة حملت مضامين جميلة عبر هذا الشكل الذي رأيناه بتأثيراته ورموزه وبالطبع فإن الابتكار كان الفيصل فيما بدا من نجاح يرافقه الأداء الذي يمتاز بموهبة ومهارة جليتين حيث ابتكر الترك أزهاره الخاصة ومخلوقه المتكرر بحجمه وأرجله الغريبة اضافة للشخوص المهترئة وذلك ضمن تصميمات داخلية في اللوحات والتي لا تخضع ربما لمنظور ما.
|