وتشير إحصائيات الدراسة التي أشرف عليها بعض علماء الاجتماع ، إلى أن القذف بالأشياء تتعرض له المرأة في 28 من الألف بينما يكون الزوج ضحية بنسبة 52 من الألف ، أما الدفع بالأيدي فالزوجة ضحية بمعدل 17٪ بينما الزوج ضحية في 83٪ والصفع على الوجه 51 من الألف و الزوجة هي الضحية و46 من الألف تكون للزوج .
وفيما يتعلق بجزاء الزوج المستفز
فإنه عادة ما يسلم العقل للغة الأرقام ، ولكنها قد تسبب للعقل حالة من الدهشة أحياناً ، كما هو حال هذه الدراسة . طبقاً لتلك الأرقام هل فقد الرجل نخوته ورجولته ؟ هل هذا يعني أن جميع الرجال يتلقون أنواعاً من العذاب على أيدي زوجاتهم ؟ ما هي سيكولوجية المرأة التي تعتدي بالضرب على زوجها ؟ هل فقدت أنوثتها وارتدت ثوب العنف ؟
يتفق علماء النفس على أن النسب والأرقام التي تتحدث عنها الدراسة مبالغ فيها ، فلكل أسرة بابها المغلق، ولكن هذا لا يمنع تعرض بعض الرجال للضرب على أيدي زوجاتهم .
وعن سيكولوجية المرأة التي تتعدى بالعنف على زوجها ، يقول اساتذة الطب النفسي أنه ليس شرطاً أن المرأة المعنفة لزوجها تتسم بالطباع الشرسة أو الشريرة ، حيث يقع العنف أثناء مشاجرة كل طرف يعنف الآخر ، وتضرب المرأة زوجها دفاعاً عن نفسها أو كأنها تقول له كفاك هذا الضرب .
كما أن هناك نوعاً مستفزاً من الرجال تفقد زوجته معه كل أساليب الحوار ، مما يجبرها على أن تعتدي عليه بالضرب بسبب استفزازه،
إن تعرض الرجل للضرب على أيدي زوجته لا يعني فقدانه لشخصيته القيادية داخل منزله ، فالأمر قد يكون تلقائياً داخل مشاجرة حامية ، والأكيد أنه يصمت كي لا يفضح أمره ويبقي على شمل عائلته ، فلم يكذب من قال إن البيوت أسرار
تغيرات اجتماعية وأخلاقية
من جانب آخر يرى بعض علماء الاجتماع ، أن إحصائيات تلك الدراسة ناتجة عن تغيرات كثيرة في المجتمع ، منها فقدان المعايير الأخلاقية والتربوية ومع فقدانها يصير كل شيءمباحاً وغير مستغرب .
والحقيقة أن العنف صار ظاهرة عامة ليس مرتبطاً بالأسرة أو الزوج وزوجته فقط ، بل طغى على أغلب ممارساتنا الاجتماعية في الشارع ، وحتى في برامج التلفزيون التي يفترض أن تكون فيها الحوارات هادئة وموضوعية إلا أننا نفاجأ بأن الأطراف يتبادلون القذف والسباب والأصوات العالية ، وفي علاقتنا الزوجية سنجد أننا افتقدنا المودة والرحمة. فالآن الناس تقبل على الزواج ليس لبناء أسرة ، ولا حتى باعتباره سترة للمرأة والرجل بل ينظرون إليه على أنه علاقة مصالح متبادلة .
مع العلم أنه ليس شرطاً أن يكون العنف بدنياً فقط ، فهناك مظاهر أخرى للعنف النفسي الذي يستمر لفترات طويلة وأبسط صوره عبوس الوجه أمام الزوج بصفة دائمة أو عدم الاهتمام بترتيب أشيائه أو إعداد الطعام له ، أو إحراجه أمام أهله وضيوفه وغير ذلك .
المرأة أكثر ضحايا العنف
ويؤكد الخبراء في العلاقات الزوجية والأسرية والطب النفسي ، أن هناك بالفعل الكثير من الرجال يخجلون من ذكر ما يتعرضون له من عنف من قبل المرأة لكن الحقيقة أن ذلك لا يمثل ظاهرة عامة ، فالمرأة هي الأكثر ضحية لظواهر العنف الأسري ، وعادة ما يكون السبب وراء عنف الزوجات هو المشكلة الاقتصادية ، فإذا شعرت الزوجة بأن زوجها مقصر في مصروفات البيت تبدأ المشاكل تعرف طريقها إليهم ، والمعروف أن جزءاً من سيطرة الرجل على الأسرة هو الإنفاق ، وإذا كان مقصراً يفقد جزءاً من سيطرته ، فالرجال قوامون على النساء بما أنفقوا .
واليوم أصبح هناك الكثير من الزوجات اللواتي ينفقن ويساعدن أزواجهن في مصروفات البيت ، وهو ما يجعلها نداً له في المسؤولية الأسرية ، وإذا نظرنا إلى الواقع سنجد أن المرأة هي الأكثر تعرضاً للعنف الأسري في جميع دول العالم و يتعرضن لحوادث كثيرة من الضرب ، ولذلك اتجهت الحكومة إلى إنشاء بيوت يلجأن إليها بعيداً عن عنف الأزواج ، وهو ما نتمنى أن نجد مثيلا له في الدول كافة .
يدعو خبراء العلاقات الزوجية إلى ضرورة عدم تربص طرف بالطرف الآخر في العلاقة الزوجية ، أو يقوم بإيذائه سواء بدنياًاو نفسياً، فالأفضل اعتماد لغة الحوار والمشاركة والتفاهم ، وأن تكون سبل حل المشاكل ما بين الطرفين بطريقة ودية ، فقد ثبت بالتحليل النفسي أن الرجل الذي يقوم بضرب زوجته شخصية ضعيفة ، والزوجة التي تقوم بايذاء زوجها غير متحضرة وهو ما لا يتمناه أحد لنفسه .
بعضهم يشعر بالضآلة
جميع أطباء الصحة النفسية يجمعون على أن الرجل هو الطرف الأقوى، ودائما ما يكون ضرب المرأة له ناتجاً عن دفاعها عن نفسها ، إلا أن هناك أزمة ثقة نفسية لدى بعض الرجال ، مما دفع بهم إلى إنشاء أكثر من دار إيواء للرجل المعنف حول العالم ، ولعل أحدثها هي الدار التي افتتحتها تايوان ، بغرض رعاية الرجال المعنفين أسرياً بعد تزايد أعدادهم .