تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراطيس البكاء

ملحق ثقافي
5/1/2010م
قصة: بسام الطعان: من زمااااااااان.. كانت ليلة هادئة،

ومرج أكثر هدوءاً، وكان قمر يرتاح في عليائه ويريح، يوقد الأحلام، ويبارك حكايتهما التي أصبحت مهيأة لابتداء البهجة، وكان قلبان صغيران يشدوان سوية ويحلقان في فضاءات صافية، وفجأة تحول العشب إلى سرير أشعل المساء بقناديل القبل، واستعدت الشفاه لأن تدخل في مدائن التوحد، لكن الفاكهة نبهته عندما سمعت خشخشة ما.‏

قال وهو يرسل عينين منتفضتين إلى أعواد القصب المنتشرة في النهر:‏

- أنا أيضاً سمعت ولكن لا تخافي.‏

نهضا بخفة طفولية واختبأا بين الأشجار، وفشل الذئب في العثور عليهما.‏

بعيدا عن الذئب، طاردها وطاردته وهما يضحكان إلى أن انهمر منهما التعب، جلسا تحت شجرة، بغتة سحبها إلى حضنه، غزل الكلام، أخرج الرغبة المخبأة تحت الأوردة وبين الرموش، حاول أن يقدم لها هدية لذيذة، لكنها رفضتها بتوسل وأبعدت رأسها، وبعد حين قبلت منه بعض اللمسات الريّانة وبعض الأشعار ولحظات من العمر اللذيذ.‏

ليت هذا الزمن يرجع إلى الوراء، وليت العمر يبتعد عن عتبات الألم.‏

ومن زمان أيضاً، دلته إلى كوخ صغير في أطراف الغابة، دروبه فرح، جدرانه سكون، سقفه دفء، شباكه الوحيد دائم الابتسام، وفيه سرير من عشب، لا يتسع إلا للهمسات وتبادل الشفتين.‏

دخل إليه أولا، فبدا مثل طائر فاجأته فوهة البندقية فأطلق شهقة الدهشة، لكنه لم يدر أن من يدخله لن تتحقق أمنياته مهـما كانت صغيرة.‏

لا هو ولا هي كانا يتوقعان أن يجدا داخل الكوخ ذلك الذئب الأسود الذي يتمدد بأريحية على السرير.‏

لو كانت الحسرة رجلاً، ترى ماذا كان سيفعل به ؟‏

وقفا ينظران إليه بجمود مطلق وكأنهما تمثالان من الطين، أما الذئب فكان شبه عار وغـير مبال بالمرئيات من حوله، بعد حين دبت فيهما الحياة، وغصت حنجرتاهما بالبكاء، حاولا إسكات صرخات الوجع المقهورة، لكن آلاف الغربان ظهرت فجأة وملأت الأفق، فتراجعا مقهورين لأنهما لا يتقنان إلا الحب وهديل الحمام.‏

لم يلتقيا بعد ذلك لأن الفاكهة بيعت بسعر غال.‏

والآن لم يبق لديه إلا الأوقات المهدورة والتسكع واستعراض الوجوه والبحث عن حفنة أمل يخلصه من قسوة الحياة.‏

«بعيدا عن القصة»: منذ سنوات طويلة قالت جدة جليلة مولعة بالجمال لحفيدها الشاب :‏

كلما كانت الفتاة جميلة، كثرت من حولها الذئاب.‏

تساءل الشاب بدهشة :‏

- حتى في ذلك الزمن الغابر كان الظلم موجودا ؟!‏

«قصة ثانية» : كان في قريتنا عاشقان شهيران، شاب وسيم الطلعة، وفتاة يصل جمالها إلى حدود القمر.. ياه كم من ذئاب تصارعت من أجلها، وفي النهاية افترسها ذئب يملك الكثير، ومن يومها صارت أيام الشاب قراطيس للبكاء، وظل لسنوات يقرض الهذيان في الحواري والأزقة.‏

«قصة ثالثة»: تزوجت فتاة جميلة وفقيرة رغما عنها من شاب قبيح وغني، وحين رزقت بطـفلها، بهرت البلدة كلها من جماله!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية