تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فرداً فرداً... في مــرآة غـالـوي

شؤون سياسية
الأربعاء 6-1-2010
علي الصيوان

عمت البهجة العالم بحلول العام الجديد، باستثناء المنكوبين بالإرهاب الإسرائيلي الرسمي والمتضامنين معهم من بني جلدتهم ومن العالم.

ومن دون منازع، يتربع على رأس قائمة هؤلاء المتضامنين الأمميين مع شعب فلسطين، النائب البريطاني المحترم جورج غالوي، وفريق النساء والرجال الشجعان الذين يقطرون قافلة شريان الحياة 3 إلى غزة المحاصرة.‏

فلقد كان عضو مجلس العموم البريطاني غالوي، إبان ذروة الاحتفالات العالمية برأس السنة، بعيداً عن أسرته وذويه ومحبيه وناخبيه، بسبب انهماكه في تدبير أمر إيصال الأدوية والأغذية إلى أهل غزة، لاسيما بعد أن اعترضت قافلته عقبات لم تكن في الحسبان بعد وصولها ميناء العقبة أقصى الجنوب الأردني، قريباً من ميناء نويبع المصري المتشاطئ مع مدخل قناة السويس.‏

كان غالوي ممتثلاً للتعليمات المصرية التي خبرها في قافلة شريان الحياة 2 و 1 اللتين قادهما سابقاً، وفيها أن ميناء العريش هي محطة التفتيش المصرية الوحيدة للتثبت من أن المواد المشحونة إلى قطاع غزة خالية من مواد حربية.‏

وكان أمل غالوي معقوداً على أن يبحر من نويبع عبر السويس إلى العريش، ليبلغ معبر رفح في 27/12/2009، يوم الذكرى السنوية الأولى لابتداء العدوان الوحشي الإسرائيلي على القطاع المحاصر ومن أجل أن يحتفل مع أهل غزة بعيد رأس سنة أولى صمود.‏

والذي حدث أن مرارة غالوي كانت فادحة نتيجة إرغامه على تغيير المسار، والعودة القهقهرى إلى اللاذقية شمال سورية، ليبحر من هناك إلى العريش، بعد أن أوصدت السلطات المصرية قناة السويس لأنها غير مخصصة لنقل الركاب الذين يتكون منهم عديد المتطوعين الأمميين في قافلة شريان الحياة 3، وهم مئات.‏

وبالوقت المضاف بتغيير المسار، ضاعت على غالوي فرصة أن يشاطر أهل غزة الاحتفال بعيد رأس سنة صمود في 27/12/2009، وتلاشى الحلم في أن ينجز مهمة القافلة بأسرع وقت.بيد أن الزخم في إنجاز المهمة لم يتلاشَ وواصل منظمو شريان الحياة، بقيادة غالوي، الصبر والعمل المضني والثبات على الرسالة الإنسانية للقافلة، حتى مع بعدهم عن الأهل والأحبة في أوطانهم الذين يحتفلون بمناسبة رأس السنة الميلادية، إذ إن الأولوية لدى هؤلاء المتطوعين الشجعان كانت منحصرة في تذليل العقبات أمام شريان الحياة.‏

وقد أعرب السيد غالوي عن أن المخاوف من القرصنة الإسرائيلية في عرض المتوسط بين اللاذقية والعريش، هي مخاوف جديدة.‏

وهنا مدخلنا إلى الوقوف أمام مأثرة غالوي، الأصل في مأثرة هذا المناضل الأممي، أنه حمل راية المقاومة ضد التوحش الامبريالي، ومن أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، في دائرته الانتخابية التي كرمته بعد فصله من حزب العمال البريطاني، وحملته مستقلاً إلى مجلس العموم، وعلى امتداد العالم، حيث للصهيونية حضور كثيف في هذا التوحش الامبريالي.‏

وقد سئل في غمرة إدارته للعقبات الحائلة دون الوصول السلس إلى غزة، عما إذا كان اتصل بـ «إسرائيل» فأجاب بالنفي وأوضح أنه يناضل من أجل الحرية لشعب فلسطين منذ 35 عاماً لم يتصل خلالها بـ «إسرائيل» البتة.‏

وهنا تبرز أمام العرب قاطبة مرآة غالوي، بعرض العالم وطول التاريخ، لتعيين تضاريس اعتبارية في المشهد العام للصراع العربي - الصهيوني.‏

ولنا أن نقتطف من هذه التضاريس ملمحين:‏

شخصي وسياسي.‏

1- في الشخصي: تكشف مرآة غالوي، وهو يجوب تخوم فلسطين براً وبحراً بالتزامن مع أعياد الميلاد ورأس السنة، البون الشاسع بين المسؤولية العالية عنده وبين تدني هذه المسؤولية عند نظرائه من العرب، برلمانيين ونخباً وعاملين، في الشأن العام حيال القضية نفسها، قضية المقاومة من أجل الحرية.‏

وربما كان المعيار الحاسم لتعيين بؤس نظراء غالوي، يكمن في الإجابة عن سؤال مطروح على العرب فرداً... فرداً: ماذا كنتم تفعلون في ليلة رأس السنة؟ حين كان جورج غالوي غاطساً حتى أذنيه في لجة تذليل العقبات، الطبيعية والمفتعلة، أمام قافلة شريان الحياة 3؟‏

ولكل أن يجيب بما يستطيع به أن ينسجم مع نفسه، وألا يضللها إذا كان قادراً على تضليل الآخرين.‏

ولذلك فإن مرآة غالوي تصلح لكي نتوقف أمامها ملياً: نستجلي قسمات الصدق مع النفس.‏

وملامح الهزال السياسي والخواء العقدي المنشئ للمواقف الرخوة في ممارسة المقاومة ضد العدوانية الصهيونية.‏

2- في السياسي: لرفض السيد جورج غالوي الاتصال بـ«إسرائيل» في شأن قافلة شريان الحياة 3، وسابقاتها مما اجترح، وطيلة أزيد من ثلث القرن، قوة الحكم ببطلان جميع الاتفاقيات التي عقدها العرب مع العدو الصهيوني، وببطلان الفلسفة الدعائية التي تم بها تأطير هذه الاتفاقيات، وبمعراة شرعيتها.‏

إذ ما قيمة هذه الاتفاقيات إذا لم تخرق حصار غزة الظالم؟! وإذا لم ترفع حيفاً عن الإنسان المنكوب بالاحتلال؟! وإذا لم تدفع بلاء وشراً مستطيراً؟!‏

ولذلك فإن مرآة غالوي تصلح، بين أمور كثيرة لتكون صرخة من أجل المراجعة في الحياة السياسية العربية، شاملة، ومسؤولية. ‏

Siwan.ali@ gmail.com‏

تعليقات الزوار

محمد معتز الركابي السكري |  moutaz.rikabi-sukkari@gmx.at | 06/01/2010 13:56

ألا يخجل بعض زعماء العرب من تقاعسهم بالقيام بأدنى الواجبات تجاه شعب يحاصر و يجوع و تنتهك حقوقه تحت سمع و نظر العالم كله إلا من جهود لأفراد أحرار عظماء جزاهم الله كل خير و أكثر من عددهم

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية